رئيس الوزراء القطري: غزة ولبنان هيمنتا على القمة الأوروبية الخليجية

17 أكتوبر 2024
الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في بروكسل، 16 أكتوبر 2024 (لودوفيك مارين/فرانس برس)
+ الخط -

أكد رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن تطورات الأوضاع في قطاع غزة ولبنان استحوذت على الجزء الأكبر من مباحثات القمة الأوروبية الخليجية الأولى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي، التي اختتمت أعمالها أمس الأربعاء في العاصمة البلجيكية بروكسل، كاشفاً في الوقت نفسه عن توقف مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة منذ أسابيع، وتلعب دولة قطر بالإضافة إلى مصر والولايات المتحدة الأميركية دور الوسيط بين حركة حماس والاحتلال الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وقال رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري في مؤتمر صحافي مشترك مع الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل والأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي، في ختام القمة، أمس الأربعاء: "أجرينا نقاشاً منفتحاً حول مختلف الموضوعات والأزمات وما يحدث في الشرق الأوسط، وتحديداً الحرب في غزة وفي لبنان كان لهما الجزء الأكبر من النقاشات"، وأضاف وفق الموقع الرسمي لوزارة الخارجية القطرية: "ما لمسناه خلال تلك النقاشات وجود اتفاق مشترك على أن السبيل الوحيد لحل النزاع في الشرق الأوسط هو حل الدولتين، وكلنا نرى الضرورة الملحة للتصدي للوضع الإنساني في فلسطين ولبنان أيضا، والتوصل إلى وقف لإطلاق النار بأسرع وقت ممكن ووقف هذه الحرب قريبا، وكان لا بد أن يحصل ذلك منذ وقت طويل".

ورداً على سؤال حول دور دولة قطر في وقف إطلاق النار في قطاع غزة والعراقيل أمام جهود الوساطة، قال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري: "كوسيط لا يمكن الحديث عن أبرز المعوقات ومن وراء العراقيل"، وكشف عن توقف المفاوضات خلال الأسابيع الماضية قائلاً: "لم تكن هناك أي اتصالات أو حوارات، نحن وجدنا أنفسنا ندور في حلقة مفرغة بصمت من كل الأطراف، وهذا أمر مؤسف". وأضاف: "للأسف نحاول أن نبذل قصارى جهدنا من أجل التوصل إلى وقف لهذه الكوارث الإنسانية في غزة، وكذلك إعادة الرهائن والمحتجزين إلى عائلاتهم، ولكن الأمر يتطلب اتفاق الطرفين للتوصل إلى اتفاق. فاذا كان طرف لا يرغب أو غير مهتم فلا يمكن تحقيق اتفاق، كذلك ما يحدث في لبنان بالإضافة إلى ما تشهده المنطقة، أدى إلى كثير من التعقيدات في المنطقة وعقد الأمور علينا نحن كوسيط".

وفي ما يتعلق بالوضع في لبنان، أكد الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني أن "وقف الحرب أولوية للجميع"، مضيفاً: "يجب وقف هذا العدوان ضد الشعب اللبناني وعودة المدنيين الذين تم تهجيرهم، لقد رأينا أعداد المهجرين ترتفع بشكل ملحوظ خلال الأيام الماضية. وتمت الدعوة بشكل ملح لسد الفراغ في لبنان من خلال انتخاب اللبنانيين رئيساً للجمهورية وإعادة الثقة بالدولة وبحكومة لبنان ودعم الجيش اللبناني"، وأضاف أن "مباحثات القمة خلصت إلى ضرورة احترام القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة وحماية النظام العالمي الذي نرى أنه، لسوء الحظ، تم تقويضه في الكثير من الأحداث التي وقعت أخيراً".

وبشأن الأزمة الروسية الأوكرانية، قال رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري إن "القمة الخليجية الأوروبية شهدت إجراء محادثات حول الوضع في أوكرانيا وروسيا والحرب الدائرة والدور المحوري الذي اضطلعت به دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية في الوساطة، سواء بالنسبة لأسرى الحرب أو إعادة الأطفال"، منوهاً في هذا الصدد بجهود دولة قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وجميع دول الخليج التي شاركت بشكل فعال في دعم الاحتياجات الإنسانية في أوكرانيا.

وحول نتائج القمة الأولى بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي، أكد أن نتيجة القمة بالغة الأهمية، وقال: "رأينا المستوى الرفيع للتمثيل من مختلف الدول سواء من مجلس التعاون لدول الخليج العربية أو الاتحاد الأوروبي، وهذا يشير إلى الالتزام والإصرار على تعزيز أواصر هذه الشراكة بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، وهي القمة الأولى التي تجري بين الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون، ونعتقد أنها تنعقد في لحظة مهمة للغاية بالنسبة للمنطقتين"، مضيفاً أن "قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول الاتحاد الأوروبي تسنت لهم فرصة تبادل الآراء حول موضوعات شتى، منها التجارة والنقل والتعاون والتكنولوجيا والعلاقات بين المواطنين من مختلف البلدان، ومن المهم جداً أن نبني الشراكة على المصالح المشتركة وعلى القيم والمبادئ التي ندافع عنها، وعلينا أن نلتزم بهذه المبادئ من دون أن نكون انتقائيين بشأنها".

القمة الأوروبية الخليجية تفتح فصلاً جديداً من التعاون

من جانبه، قال الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية جاسم البديوي إن القمة عكست الدبلوماسية بين المنطقتين في أفضل صورها، بهدف تحقيق السلام والاستقرار في العالم، وأضاف أن البيان المشترك للقمة ركز على خمس نقاط رئيسية، هي: التجارة والاستثمار، الطاقة والتغير المناخي، والأمن السيبراني والبحري، ومكافحة الإرهاب، ومكافحة انتشار التسليح. وأشار البديوي إلى التعاون الكبير في مختلف المجالات بين دول مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي، لافتاً إلى أن الجانبين يتطلعان إلى عقد الاجتماع الوزاري في دولة الكويت عام 2025، والقمة الثانية لدول مجلس التعاون الخليجي والاتحاد الأوروبي في المملكة العربية السعودية عام 2026.

ورداً على سؤال حول إعفاء مواطني دول مجلس التعاون من تأشيرات الدخول للاتحاد الأوروبي (شنغن)، قال البديوي: "لقد أوفينا بالمعايير والمتطلبات، واعتقد أننا نستحق منحنا هذا الامتياز"، وأضاف: "المؤسسات الثلاث بالاتحاد الأوروبي، المفوضية والمجلس والبرلمان الأوروبي، يعلمون أننا وصلنا إلى وضع يمنحنا هذا الإعفاء من التأشيرة".

من جهته، أكد الممثل الأعلى للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، خلال المؤتمر الصحافي المشترك، أن القمة الأولى بين مجلس التعاون لدول الخليج العربية والاتحاد الأوروبي ترسل رسالة قوية لمواطني الطرفين وللعالم بأن الجانبين عازمان على بناء شراكة استراتيجية تواكب تحديات القرن الحادي والعشرين، وأن القمة تفتح فصلاً جديداً من التعاون بينهما.

وأوضح بوريل أن الاتحاد الأوروبي ودول مجلس التعاون الخليجي يعملان على رفع مستوى الشراكة الاستراتيجية، مشيرا إلى أن المناقشات شملت قضايا مهمة، مثل الطاقة والأمن الإقليمي، بما في ذلك الأحداث الجارية في الشرق الأوسط التي تهدد النظام العالمي والقانون الدولي، والحرب المستمرة بين روسيا وأوكرانيا. وقال بوريل: "اتفق القادة على أننا في مرحلة محورية لتعزيز تعاوننا، ووجدنا لغة مشتركة حول القضايا الملحة، وخاصة التعاون الاقتصادي، الذي يعد أساسا لعلاقتنا. لدينا قدرات غير مستغلة بعد، ويجب تعزيز الاستثمار والتجارة البينية، وإحياء مفاوضات التجارة الحرة"، مبرزاً أهمية تعزيز العلاقات بين الشعوب في مجالات الرياضة والثقافة وغيرها.

وبخصوص الأوضاع في الشرق الأوسط، شدد بوريل على أن دول مجلس التعاون الخليجي تعد شريكاً رئيسياً في جهود وقف العنف، مشيراً إلى التحالف الدولي الذي تم إطلاقه في سبتمبر/أيلول لتطبيق حل الدولتين ووقف إطلاق النار في قطاع غزة. وفي ما يتعلق بلبنان، أكد على ضرورة الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 1701، معربا عن إدانته بشدة الهجوم على قوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة (اليونيفيل).

حماس: يجب إلزام الاحتلال بوقف الإبادة

من جهتها، أكدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، على أن دعوة القمة لفتح معابر قطاع غزة ووقف إطلاق النار تتطلب إلزام الاحتلال الإسرائيلي بالانصياع للرغبة الدولية ووقف الإبادة، وقالت في تصريح صحافي اليوم الخميس: "إن دعوة البيان الختامي للقمة الخليجية الأوروبية لفتح كافة معابر قطاع غزة وإدخال المساعدات وتنفيذ قرار  مجلس الأمن الدولي رقم 2735، الداعي لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، تتطلب خطوات عملية من الدول المشاركة في القمة لإلزام كيان الاحتلال بالانصياع للإرادة الدولية الداعية لوقف الإبادة في القطاع وتنفيذ القرار، ووقف انتهاك هذه الحكومة الفاشية للقانون الدولي والدولي الإنساني".

وأشارت الحركة إلى أن "الدول الأوروبية، خاصةً تلك التي ما زالت تمد الكيان الصهيوني الفاشي بالسلاح الذي يُستخدم في حرب الإبادة الوحشية ضد شعبنا الفلسطيني، مطالبة باتخاذ قرار واضح بوقف جريمة المشاركة في قتل الأطفال والنساء والشيوخ في قطاع غزة، والتحرك لمحاسبة قادته المجرمين على جرائمهم ضد الإنسانية، ودعم حق شعبنا الفلسطيني في الحرية وتقرير المصير". وأكدت حماس على موقفها الإيجابي من المبادرات الدولية لوقف إطلاق النار، وقالت: "لقد أكدنا في حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، على موقفنا الإيجابي من قرار مجلس الأمن رقم 2735، ومن قبله مقترحات الرئيس الأميركي بايدن، إلا أن مجرم الحرب نتنياهو، وبدعم من الإدارة الأميركية، ما زال يعطّل تنفيذ القرار، ويواصل عدوانه وجرائمه بحق شعبنا، بل ويسعى لإشعال الإقليم عبر توسيع عدوانه ليشمل لبنان وغيره من دول المنطقة".