أكد رئيس الوزراء الليبي الجديد عبد الحميد محمد دبيبة، اليوم الأحد، أن الحكومة التي يعتزم تشكيلها ستكون تكنوقراطية، وأنها ستُشكَّل بعد 3 أسابيع، وبعدها ستُطرح لأخذ الثقة من قِبل البرلمان.
وقال دبيبة، خلال مقابلة مع "الأناضول"، إن حكومته ستتضامن مع تركيا التي وصفها بـ"الصديقة والحليفة"، حيث قيّم فيها العلاقات التركية الليبية وأولويات حكومته في المرحلة المقبلة.
وأوضح دبيبة أن حكومته ستعمل على إحلال السلام بين الأطراف في البلاد وحل المشاكل الكبرى التي تواجهها. وأضاف أن ملتقى الحوار الليبي السياسي (74 عضواً) شُكِّل من جميع أنحاء ليبيا، وأنه يمثل كل جغرافية الشعب الليبي وقبائله وشرائحه.
وأشار رئيس الوزراء الجديد إلى أن أعضاء الملتقى اتخذوا قراراً لمصلحة ليبيا وشعبها، وأن هذا القرار يستحوذ على أهمية بالنسبة إلى التغيير السلمي والديمقراطي والحر في البلاد.
ولفت إلى أن العالم كله شهد عبر الإذاعات المرئية والمسموعة ذلك الحدث (الانتخابات التي جرت في جنيف وأدت إلى فوز قائمة دبيبة)، وأنه استقبل الوفد في مطار معيتيقة (بالعاصمة طرابلس)، تكريماً له. وتابع قائلاً: "الوفد سعيد بالنتائج التي تحققت، وأنا لا أعرف منهم إلا القليل جداً".
تشكيل الحكومة بعد 3 أسابيع
في غضون ذلك، كشف دبيبة أنه في إطار القرارات المتخذة في الحوار السياسي، ستُشكَّل الحكومة بعد 3 أسابيع، وبعدها ستُطرح لأخذ الثقة من قِبل البرلمان الليبي.
ورداً على سؤال عن إمكانية تعيين شخصيات من الحكومة السابقة، قال: "من الممكن ذلك، فنحن سنكون حكومة تكنوقراطية، وكل من أثبت فعاليته وجديته وقوته في الأداء سيكون ضمن فريق الحكومة".
وأردف "سيكون هناك تمثيل عادل للشعب الليبي بجميع طوائفه وجميع مناطقه، لكن التركيز سيكون على الأهداف التكنوقراطية".
وفي معرض رده على سؤال عن أولويات حكومته، قال دبيبة: "أولويات الحكومة بالدرجة الأولى هي التفكير في وباء فيروس كورونا. فهذا أمر مهم بالنسبة إلى الشعب الليبي وشعوب العالم، ونسعى بأقصى ما يمكن عمله من أجل الحصول على اللقاح وتطعيم الشعب الليبي".
واستطرد: "ومن ثم سنهتم بالمصاعب الحياتية كانقطاع الكهرباء والصحة والمعوقات اليومية، ومن ثم التفكير في لجان المصالحة والتفكير في فكرة إعداد الدستور مع المجلس الرئاسي".
وشدد على أهمية إرساء السلم الاجتماعي لحل الأزمة الليبية، قائلاً: "سنشكل لجان مصالحة داخلية ليبية ليبية للتصالح مع الشعب والقبائل والطوائف المتخاصمة والمتحاربة".
وتابع قائلاً: "هذه الشرائح ستجتمع، وسنعد ميزانية لجبر الضرر لتحقيق التقارب الليبي خلال هذا العام. وسنعمل على تقريب وجهات النظر الليبية إلى أبعد الحدود كي ندخل الانتخابات بشكل موحد وبدون عنف وحروب وأي حساسية بين المدن".
وأردف: "وسنزور كل مدن ليبيا بقدر الإمكان، وحكومة الوحدة الوطنية ستكون حكومة حقيقية للوحدة الوطنية الليبية".
وخلال حديثه لـ"الأناضول"، قيّم دبيبة تصريح عبد الله الثني، الذي يتولى رئاسة حكومة طبرق (غير المعترف بها دولياً) بانتظار موافقة البرلمان الحالي على الحكومة الجديدة.
وفي هذا الصدد، قال دبيبة: "حكومتنا يجب أن تحصل على موافقة من برلمان طبرق، والثني تعهد وأعلن أنه سينتظر حتى اعتماد هذه الحكومة، وأعتقد أن الموضوع منطقي، وأعتقد أن مجلس النواب رحب بنتائج الحوار السياسي".
وأردف: "الخيار هو خيار الشعب الليبي، فالشعب فرح بهذه الحكومة، وأعتقد أنهم (مجلس النواب) جزء من الشعب الليبي، ولا أعتقد أنهم سيختارون أي خط آخر غير خط الشعب".
العلاقات مع تركيا
وعن علاقات بلاده مع تركيا في المرحلة الجديدة، أكد دبيبة أنه سيكون هناك تضامن بين الجانبين.
وأضاف قائلاً: "لدينا تضامن كبير مع الدولة والشعب التركيين، تركيا حليفة وصديقة وشقيقة وعندها من الإمكانات الكثيرة لمساعدة الليبيين في الوصول إلى أهدافهم الحقيقية. وتركيا تعتبر من الشركاء الحقيقيين لنا".
وعن تقييمه للعلاقات التجارية بين ليبيا وتركيا، على اعتبار أنه كان رجل أعمال في السابق، قال رئيس الوزراء الجديد إن "تركيا فرضت وضعها ووجودها في العالم وليس في ليبيا فقط، وهي الدولة الوحيدة التي استطاع الليبيون الذهاب إليها بحرية خلال فترة الحرب".
وتابع: "تركيا فتحت مطاراتها ولم تغلق سفارتها في طرابلس، وأعتقد أن حرية التنقل ستنعكس على التعاون بين الشعبين في مجال الاقتصاد. ونأمل أن ننمي هذا التعاون ونرفع حجم التبادل التجاري إلى أعلى المستويات".
محاسبة مرتكبي جرائم حرب
وتطرق دبيبة أيضاً إلى مسألة محاسبة مرتكبي جرائم الحرب في ليبيا.
وقال في هذا الصدد: "بالنسبة إلى الجرائم المرتكبة، القانون سيأخذ مجراه، ولكن نحن في مرحلة صعبة من تأسيس السلام في ليبيا، ولا بد من تنازلات من كلا الطرفين وأن نلتقي في نقطة واحدة لتحقيق المصالح الليبية". وأردف: "فلا يمكن أن نتشدد في موقفنا وهم يتشددون، فنحن نريد مصالحة حقيقية بين كل الأطراف الليبية، ومن يثبت إجرامه سيواجه القضاء والعدل".
واشنطن تحث على تشكيل حكومة كفاءات مصغرة
في سياق ذي صلة، حثّ السفير الأميركي لدى ليبيا ريتشارد نورلاند رئيس الحكومة الليبية، المنتخبة من ملتقى الحوار السياسي، على تشكيل "فريق حكومي مصغّر وكفء وتكنوقراطي يمكنه أن يحظى بسرعة بثقة مجلس النواب"، مع التركيز على حلحلة الملفات الخدمية كـ"أزمة الكهرباء".
وهنأ السفير، خلال بيان للسفارة اليوم الأحد، الدبيبة بنتائج ملتقى الحوار السياسي، ودعاه إلى الشروع في "العمل، وشجعه على تلبية الاحتياجات الملحة لليبيين في جميع أنحاء البلاد التي تتعلق بقضايا ملحّة مثل أزمة الكهرباء، والاستجابة لجائحة فيروس كورونا، والتحضير للانتخابات في ديسمبر/كانون الأول".
وأكد السفير على دعم بلاده "السلطة التنفيذية المؤقتة الجديدة"، وتمنيها لها النجاح خلال الفترة الانتقالية، والاستعداد لتقديم المساعدة لتحقيق الاستقرار في البلاد.
بدوره، رحب المغرب، اليوم الأحد، بانتخاب ملتقى الحوار السياسي الليبي، تحت رعاية الأمم المتحدة، السلطة التنفيذية المؤقتة، أول من أمس الجمعة.
وقالت الخارجية المغربية، في أول تعليق لها على انتخاب السلطة التنفيذية المؤقتة، إن "المملكة تعتبر أن من شأن خلق هذه المؤسسة الجديدة تعزيز السلطة التنفيذية في قيامها بالمهام والوجبات التي ينتظر منها الشعب الليبي. كما تعتبر أن الأمر يتعلق بخطوة مهمة في اتجاه توحيد المؤسسات ودعم الاستقرار والاستجابة للحاجيات اليومية لليبيين، وكذا تهيئ الظروف من أجل تنظيم الانتخابات المقبلة المزمع تنظيمها في ديسمبر القادم".
وأعربت المملكة، في بيان أصدرته الخارجية المغربية مساء الأحد، عن تمنياتها أن تنخرط كل المؤسسات الليبية في دعم هذه الخطوة، وتقدم مساندتها للسلطة التنفيذية المؤقتة للقيام بمهامها وواجباتها.
وأوضحت أن "ارتياح المغرب نابع كذلك من الاجتماعات التي انعقدت في المملكة في الأشهر الأخيرة، بطلب من الإخوة الليبيين وتجاوب من المملكة المغربية، وهي اجتماعات أسهمت بشكل ملموس في خلق جو الثقة ومكنت من الاستثمار في قدرة الفاعلين الليبيين على تجاوز العقبات وتغليب المصلحة العليا لليبيا والليبيين".
وأشارت الخارجية إلى أن المملكة المغربية ستواصل العمل مع السلطة التنفيذية المؤقتة وكل المؤسسات الليبية الشرعية، لإنجاح الاستحقاقات الانتخابية المقبلة وخدمة الاستقرار والتنمية في ليبيا.