انتقد رئيس لجنة الدستور في تونس، الصادق بلعيد، بشدة الدستور المقترح الذي نشره الرئيس قيس سعيّد هذا الأسبوع، قائلاً إنه لا يمت بصلة إلى المسودة الأولى، ويتضمن مخاطر جسيمة تمهد لنظام ديكتاتوري.
بلعيد، الذي عينه سعيد "لصياغة دستور جديد للجمهورية الجديدة"، قال لصحيفة الصباح التونسية، صباح اليوم الأحد، إن النسخة التي نشرها سعيد لا تشبه المسودة الأولى التي اقترحتها لجنة الدستور.
وأضاف بلعيد أن مشروع الدستور النهائي الذي نشره الرئيس يحتوي على فصول يمكن أن تمهد الطريق "لنظام ديكتاتوري مشين".
وقال بلعيد إن أحد فصول دستور سعيّد يتضمن "الخطر الداهم الذي يسمح للرئيس بتمديد ولايته وتمهيد الطريق لديكتاتورية مشينة". وأضاف أن الدستور تضمن نظاماً محلياً وإقليمياً مبهماً وغامضاً ينذر بمفاجآت غير متوقعة.
واتهم بلعيد سعيد بتشويه الهوية التونسية من خلال نسخة الدستور، لافتاً إلى غياب البعد الاقتصادي والاجتماعي والثقافي والبيئي من المشروع المطروح رسمياً.
من جهته، أكد عميد المحامين التونسيين، ورئيس اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية، إبراهيم بودربالة، أن "الدستور المنشور ليس المشروع الذي سُلم للرئيس، وأن هناك اختلافات مهمة، أبرزها تركيبة المحكمة الدستورية".
وكان بودربالة قد قال في 22 يونيو/حزيران الماضي لإذاعة شمس إنه "اطلع على مسودة الدستور قبل 10 دقائق من تسليمها لرئيس الجمهورية قيس سعيّد"، وأكد حينها أن "مسودة الدستور تشفي الغليل وتبعث الأمل وسوف تنال رضا شريحة كاملة من الشعب التونسي"، حسب قوله.
واكتفى أحد أبرز المدافعين عن الرئيس، أستاذ القانون الدستوري أمين محفوظ، بنشر تدوينة على حسابه في فيسبوك تبرأ فيها من مشروع الدستور بطريقة غير مباشرة من خلال مطلع أغنية للفنان فرانسيس أغاتا تقول كلماتها: "أغاتا، لا تكذب عليّ إنه ليس ابني وأنت تعرف ذلك جيّداً".
وكان محفوظ قد صرّح قبل ذلك بأنه "مرتاح الضمير بعد هذه التجربة التي أنتجت مشروع دستور، وأن الهيئة لا يمكنها نشر محتواه، لكنّه يمكنه تأكيد أنه نصّ يؤسس لنظام ديمقراطي".
بدورها، كشفت عضو اللجنة الاستشارية، النائب السابقة، فاطمة المسدي، عن "تفاجئهم من طرح مسائل في مشروع الدستور الجديد لم يجرِ التفاهم ولا الاتفاق عليها خلال اجتماعاتهم".
وقالت لإذاعة شمس، الجمعة، إنهم "تفاجأوا بغياب الباب الاقتصادي في مشروع الدستور رغم الاتفاق حوله، وأنهم تفاجأوا من التنصيص على بعث مجالس الجهات والأقاليم، رغم أنه لم يجرِ التداول حولها"، داعية سعيّد للخروج وتوضيح بعض الغموض بخصوص عدد من الفصول".
وأمس السبت، أعلن ائتلاف صمود (إطار جمعياتي، كان من أبرز مساندي مسار 25 يوليو، ومن بين أعضائه بلعيد ومحفوظ)، المشاركة في الاستفتاء والتصويت بـ"لا" على مشروع الدستور الجديد.
وقال الائتلاف في مؤتمر صحافي، إنّ "هذا الموقف جاء بعد التشاور بين مكونات الائتلاف وعدد من خبراء القانون"، مضيفاً أن "نص الدستور الجديد المعلن عنه خطير ولا يمكن أن يؤسس لدولة القانون ولا يبني لديمقراطية، كما أنه لا يقوم على الفصل بين السلطات ولا على التداول السلمي للسلطة ولا يحمي الحقوق والحرّيات" .
وقال منسق ائتلاف صمود، حسام الحامي، في تصريح لـ "العربي الجديد" إنهم "قرروا المشاركة في التصويت بـ"لا" على الدستور"، مشيراً إلى أن "نص الدستور المقترح لا يرتقي لتأسيس لدولة القانون ولديمقراطية حقيقية".
ولم يعلّق الرئيس على الدستور منذ نشره يوم الخميس في الجريدة الرسمية التونسية. وسيمنح الدستور للرئيس سلطات أكبر بكثير.
ونشرت الجريدة الرسمية نص الدستور الجديد المقترح الذي يمنح الرئيس قيس سعيّد سلطات مطلقة. وسيجري الاستفتاء عليه يوم 25 يوليو/ تموز الحالي.
وأزال سعيّد في الدستور المقترح جميع الضوابط تقريباً عن حكمه، وأضعف دور البرلمان والقضاء، ما أدى إلى اتهامات واسعة من معارضيه بأنه يفكك المكاسب الديمقراطية التي حققها التونسيون في ثورة 2011.
واستأثر سعيد بمعظم السلطات العام الماضي، متجاهلاً الدستور الديمقراطي الحالي لعام 2014، وحل البرلمان المنتخب ليقول إنه سيحكم بمرسوم بينما يعيد تشكيل النظام السياسي.
وينص الدستور الجديد أيضاً على إنشاء "مجلس أقاليم" جديد كغرفة ثانية للبرلمان، لكنه لا يقدم أي تفاصيل عن كيفية انتخابه أو الصلاحيات التي ستكون له، وقال بلعيد إن حصر أعضاء المحكمة الدستورية في قضاة يقوض استقلاليتها. وبموجب الدستور الجديد يعين سعيد القضاة.