قال رئيس الوزراء الأردني الأسبق، عبد الرؤوف الروابدة، إن العالم العربي سيشهد من جديد وقريباً انفجاراً مشابهاً لما حدث عام 2011 ضمن موجة "الربيع العربي"، متوقعاً أن الفارق سيكون بحجم الانفجار وتوقيته وشكله.
وأضاف أن "العالم العربي محتقن، ولديه حجم كبير من الإحباطات"، وذلك خلال كلمته في صالون السبت الثقافي مساء أمس السبت في مركز الحسين الثقافي التابع لأمانة عمّان الكبرى، لمناقشة كتابه "هكذا أفكر: آراء ومواقف".
ورأى الروابدة أن القضية الفلسطينية وحدها سبب كافٍ لغضب وإحباط كل عربي صادق، لافتاً إلى أن الإحباط في نفوس الشعوب العربية وصل إلى الدرجات القصوى.
وأضاف أن من أسباب الاحتقان أيضاً عدم احترام الكرامة الإنسانية، قائلاً: "فمن لا يشعر بكرامته وإنسانيته في وطنه لا يدافع عنه"، منتقداً "غياب التنمية والفلسفة والاستراتيجية التي تجعل المواطن جزءاً من دولاب الدولة وحركتها"، قائلاً كذلك إن "التغير السريع في القيادات، وغياب الإدارة، تزيد من الاحتقان".
وتساءل الروابدة: "هل من المعقول أن مصادرة عربة بائع خضار في تونس تسبب انفجاراً في الوطن العربي؟"، في إشارة إلى الشاب التونسي محمد البوعزيزي الذي سبّب إحراق نفسه أواخر عام 2010 في محافظة سيدي بوزيد اندلاع الثورة التونسية.
وتابع قائلاً: "هذا يدل على شيء واحد، أن المرجل كان في حالة غليان، فقط بحاجة إلى فتح الصمام، لينفجر العالم العربي من شرقه الى غربه، وليس تونس فحسب".
وقال كذلك: "لنتفق أن الانفجار الأكبر وقع في الدول التي تعتبر ذات أنظمة ثورية (الجمهوريات) وبشكل أكبر من الدول الرجعية، فالدول الثورية قامت للحرية والكرامة والتنمية، لكن تحولت إلى أنظمة دكتاتورية الحزب الواحد".
وحول حركة "حماس" الفلسطينية، قال الراوبدة إنها "حركة نضالية جهادية نقدّر دورها في الصراع العربي الإسرائيلي، لكن لدينا قرار ألا يقوم على الأرض الأردنية تنظيم غير أردني يقوده أردنيون". وكان الروابدة متشدداً ضد وجود قادة للحركة في المملكة الأردنية، حيث رُحِّل عدد منهم إلى خارج البلاد خلال رئاسته للحكومة عام 1999.
ودعا الروابدة إلى "عقد لقاءات مع حماس تكون فيها الصورة واضحة، وعلى مستويات عليا في الدولة وليس لقاءات شعبية، معتبراً أن "القضية الفلسطينية ليست لحماس، فهي قضية عربية".
وطرح الروابدة رؤاه بخصوص العديد من القضايا المحلية والتحديات التي تواجه الأردن، قائلاً إن "الديمقراطية الحقيقية في الأردن غير موجودة، وفي السنوات الأخيرة رجعنا إلى النقطة الصفر"، مضيفاً: "علينا الاتفاق على أن الديمقراطية ليست كلها خير، لكنها أفضل نظام موجود حتى الآن لإدارة الدول".
وتابع: "من الممكن أن أؤلف كتاباً بحسنات النظام الأردني، كما أستطيع أن أؤلف كتاباً بالأخطاء، لكن وظيفتنا كيف نحل هذه الأخطاء، وعندما نتحدث عن الإصلاح يجب ألا نكون ناقمين أو كارهين، أو رافضين، فالمعارض يقدم البديل والمعارضة المطلقة ليست لنا وكذلك الولاء المطلق، بل نعتمد على تقديم الرأي".
إلى ذلك، أعرب الروابدة عن اعتقاده بعدم وجود حركة حزبية حقيقية في الأردن، رغم التغيرات التشريعية والقانونية الأخيرة، مضيفاً: "هناك 7 ملايين مواطن و70 حزباً ولا يجوز أن يكون هنالك 10 أحزاب بذات الفكر".
وقال: "الحزب الذي لا يستطيع إنجاح نائب عليه أن يخرج من الحياة السياسة"، مشيراً إلى أن "برامج الأحزاب كبرامج مرشحي الانتخابات البرلمانية تُعَدّ في ليلة واحدة، وعندما ينجح النائب في الانتخابات يتخلى عن برامجه في اليوم الأول".
ووفق الروابدة، فإن "أهم المشكلات والمعضلات التي تواجه الدولة الأردنية، عدم الحديث بصراحة وشفافية مع المواطنين عند اتخاذ أي قرار أو موقف، وهو ما يسبب فقدان ثقة المواطن بالحكومة"، محذراً مما وصفه "بانهيار الإدارة الحكومية وضعف تحمل المسؤولية"، معتبراً في الآن نفسه "أنها إدارة مرعوبة لا تجرؤ على اتخاذ القرار".
يذكر أن الروابدة أول رئيس وزراء في المملكة الأردنية الرابعة، وكلفه العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، تشكيل الحكومة بعد تسلمه سلطاته الدستورية، وكان وزيراً لخمس مرات، ورئيساً لمجلس الأعيان ونائباً لخمس دورات وعضواً بمجلس الأعيان خمس مرات. وكان في بداية نشاطه السياسي مع الإخوان المسلمين، وانتهى به الأمر أميناً عاماً لحزب "اليقظة" الذي اندمج في عام 1996 ضمن "الحزب الوطني الدستوري"، حيث تولى موقع نائب الأمين العام للحزب، وبعد ذلك انقطع عن الحياة الحزبية.