استمع إلى الملخص
- أدى استخدام هذه الذخائر إلى إصابة 173 شخصاً وتم التحقق من 47 صورة وفيديو تشير إلى استخدامها، مع تأكيدات من السكان ومسؤولين محليين عن تأثيرات مباشرة.
- "هيومن رايتس ووتش" تطالب بقانون دولي أقوى للأسلحة الحارقة وتدعو لبنان لتقديم بيان للمحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في الجرائم المرتكبة.
كشفت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الدولية أن القوات الإسرائيلية استخدمت ذخائر الفوسفور الأبيض في 17 بلدة على الأقل في جنوب لبنان منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، خمس منها استُخدمت فيها الذخائر المتفجرة جوّاً بشكل غير قانوني فوق مناطق سكنية مأهولة. وأشارت المنظمة الدولية في تقرير لها، اليوم الأربعاء، إلى أنّ "استخدام الفوسفور الأبيض من قبل إسرائيل على نطاق واسع في جنوب لبنان يعرض المدنيين لخطر جسيم ويساهم في تهجيرهم".
وفي الإطار، قال رمزي قيس، وهو باحث لبنان في "هيومن رايتس ووتش"، إنّ "استخدام إسرائيل قذائف الفوسفور الأبيض المتفجرة جوّاً في المناطق المأهولة بالسكان يُضرّ بالمدنيين بشكل عشوائي ويدفع كثيرين إلى مغادرة منازلهم"، لافتاً إلى أنّ "على القوات الإسرائيلية التوقف فوراً عن استخدام ذخائر الفوسفور الأبيض في المناطق المأهولة، لا سيما عندما تكون البدائل الأقل ضرراً متاحة بسهولة".
وقابلت هيومن رايتس ووتش أيضاً ثمانية من سكان جنوب لبنان وتحققت من 47 صورة وفيديو من جنوب لبنان تشير إلى استخدام ذخائر الفوسفور الأبيض، منشورة في وسائل التواصل الاجتماعي أو تمت مشاركتها مباشرة مع الباحثين، وحددت موقعها الجغرافي. وفي خمس بلدات، تُظهر الصور ذخائر تنفجر جوّاً تحتوي على فوسفور أبيض يهبط فوق أسطح المباني السكنية في قرى كفركلا، وميس الجبل، والبستان، ومركبا، وعيتا الشعب الحدودية في جنوب لبنان.
وفي هذا السياق، قال رئيس بلدية البستان، بحسب تقرير المنظمة، إنّ "شخصين من البلدة نُقلا على عجل إلى المستشفى نتيجة اختناقهما بسبب استنشاق دخان الفوسفور الأبيض عقب هجوم 15 أكتوبر/تشرين الأول، مضيفاً "إنهما مدنيان، وكانا في منزليهما. أحدهما عضو في البلدية والآخر مزارع". من جانبها، قالت وزارة الصحة العامة اللبنانية إنه حتى 28 مايو/أيار، أدى التعرض للفوسفور الأبيض إلى إصابة 173 شخصاً على الأقل منذ أكتوبر/تشرين الأول.
كما قالت "هيومن رايتس ووتش" إنّ "استخدام إسرائيل الفوسفور الأبيض على نطاق واسع في جنوب لبنان يُبرز الحاجة إلى قانون دولي أقوى بشأن الأسلحة الحارقة"، مشيرة إلى أنّ "البروتوكول الثالث لاتفاقية الأسلحة التقليدية هو الصك الوحيد الملزم قانوناً والمخصص تحديداً للأسلحة الحارقة. لبنان طرف في البروتوكول الثالث، لكن إسرائيل ليست طرفاً فيه". واعتبرت المنظمة أن "على لبنان أن يقدّم فوراً إلى المحكمة الجنائية الدولية بياناً يتيح التحقيق والملاحقة القضائية على الجرائم الدولية الخطيرة الواقعة ضمن اختصاص المحكمة على الأراضي اللبنانية منذ أكتوبر الماضي".
وفي مقابلة مع "العربي الجديد"، قالت الأمينة العامة للمجلس الوطني للبحوث العلمية تمارا الزين إن "العدو الإسرائيلي يستخدم الفوسفور المحرَّم دولياً وبشكل متعمّد لأذية البيئة والإضرار بالمحاصيل الزراعية، وقد صعّد اعتداءاته في هذا الإطار، وهو ما يمكن ملاحظته عند مقارنة المساحات المحروقة بين إبريل/نيسان، ومايو/ أيار، وقد ارتفعت خلال هذه الفترة فقط من عشرة ملايين إلى 15 مليون متر مربع". وكشفت أن "1567.8 هكتارا هي المساحة الإجمالية التي طاولتها حرائق نتجت عن القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان منذ السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، حتى الخامس من مايو/ أيار الماضي، وذلك بحسب أحدث بيان صادر عن المجلس الوطني". وأشارت الزين إلى أن "القصف أدى إلى احتراق عشرات الآلاف من أشجار الزيتون والسنديان والأشجار المثمرة". أما القرى التي كان لها النصيب الأكبر من الاعتداءات بالقنابل الفوسفورية والحارقة، فهي الظهيرة، كفركلا، الخيام، حولا، ميس الجبل، يارين، مركبا، عيتا الشعب، عديسة، مرجعيون وعلما الشعب، جنوبي لبنان.
من جهته، يقول رئيس جمعية "الجنوبيون الخضر" هشام يونس لـ"العربي الجديد"، إنّ "العدو الإسرائيلي يتقصّد مع بداية الحرب، وتحديداً منذ العاشر من أكتوبر/تشرين الأول، يوم استهدف سهل الماري، ومن خلال تكثيف استخدامه الفوسفور الأبيض المحظور، اعتماد سياسة الأرض المحروقة، وارتكاب إبادة بيئية في الجنوب اللبناني". وخلال الأيام الماضية، كثّف جيش الاحتلال استخدامه قنابل الفوسفور الأبيض خلال قصفه القرى والبلدات الحدودية، جنوبي لبنان، ما أدى إلى اشتعال حرائق ضخمة وإلحاق أضرار كبيرة بالأنظمة البيئية، مع تسجيل المزيد من التدمير للمحاصيل الزراعية التي تعتبر مصدراً رئيسياً للعديد من الأسر والعائلات الجنوبية.
ولا تزال الحدود اللبنانية الجنوبية مع فلسطين المحتلة تشهد مواجهات عنيفة بين حزب الله وجيش الاحتلال الإسرائيلي منذ الثامن من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ما أدى إلى استشهاد أكثر من 360 شخصاً في لبنان، غالبيتهم من المقاومة، ونزوح ما يزيد عن 100 ألف شخص من القرى الحدودية.