سيرغي كوفاليوف.. "المعارض المثالي" وأحد أشهر المنشقين في عهد السوفييت

09 اغسطس 2021
كرس كوفاليوف حياته للدفاع عن حقوق الإنسان (تويتر)
+ الخط -

كرّس سيرغي كوفاليوف، الذي توفي الإثنين عن 91 عاما، حياته للدفاع عن حقوق الإنسان، وكان أحد أبرز وجوه الانشقاق في العهد السوفييتي، ثم كان صوتا يلقى احتراماً كبيراً وناقداً لـ"استبداد" فلاديمير بوتين.

وقال المنشق الروسي، في مقابلة مع وكالة "فرانس برس" في 2017، ردا على سؤال عن الأسباب التي دفعته إلى النضال: "في ذلك الوقت، كان هناك أشخاص مستعدون للذهاب إلى السجن من أجل الحصول على حقّ في أمر بديهي مثل احترام الذات، وكان هناك أشخاص غير مستعدين لذلك".

في منتصف خمسينيات القرن الماضي، عبّر الشاب سيرغي كوفاليوف، الذي كان يدرس علم الأحياء، عن توجهه الفكري المستقل للمرة الأولى، من خلال المشاركة في نضال بعض علماء البيولوجيا ضد تروفيم ليسينكو الذي وضع نظرية تبين أنها خدعة علمية.

في 1968، وخلال إدارته مختبر علوم الأحياء في جامعة موسكو، شارك بنشاط في حركة انشقاق عندما انضم إلى "مجموعة مبادرة للدفاع عن حقوق الإنسان"، التي كانت الأولى من نوعها في الاتحاد السوفييتي، ما أدى إلى حرمانه من منصبه.

وبعدما أصبح قريبا من الأكاديمي المنشق أندريه ساخاروف، شارك لسنوات في تحرير نشرة سرية تحمل اسم "كرونيكل"، كانت تطبع على الآلة الكاتبة وتتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان في الاتحاد السوفييتي، من اعتقالات واحتجاز معارضين في مستشفيات للأمراض العقلية، والوضع في معسكرات الأشغال الشاقة والسجون.

وأصبحت "كرونيكل" مصدرا رئيسيا للصحافيين والدبلوماسيين الغربيين الذين يتابعون الوضع في الاتحاد السوفييتي.

أوقف في 1974، واتُهم بالتورط في "دعاية مناهضة للسوفييت". وحُكم عليه بالسجن لمدة سبع سنوات في معسكر للأشغال الشاقة، تلتها ثلاث سنوات من الإقامة الجبرية في كوليما، منطقة الصقيع في شمال شرق البلاد.

مثالي في السياسة

اعترف كوفاليوف، الذي كان لديه شغف بالبيولوجيا، بأنه كان يحلم لفترة من الوقت بتكريس نفسه للعلم فقط. وغيّر رأيه بعد اعتقال الكاتبين يولي دانيال وأندريه سينيافسكي في 1965، الذي شكل لحظة حاسمة للانشقاق. وقال "أدركت حينها أنه من غير الممكن الاهتمام بالعلم فقط. كان ذلك مشينا".

وسُمح له بالعودة إلى موسكو في 1987 بفضل "البيريسترويكا" التي أطلقها ميخائيل غورباتشوف، ليصبح أحد مؤسسي منظمة "ميموريال" غير الحكومية التي تهتم بتاريخ القمع في الحقبة السوفييتية.

وكان سيرغي كوفاليوف أحد المنشقين القلائل الذين دخلوا الحياة السياسية في روسيا، فقد ساهم في صياغة الدستور الروسي الجديد وانتخب مرتين نائبا.

وبعد أن أصبح رئيسا للجنة حقوق الإنسان في عهد الرئيس بوريس يلتسين، قام بزيارات ميدانية عدة خلال حرب الشيشان الأولى (1994-1996)، وندد بانتهاكات الجيش الروسي ضد المدنيين.

في 1996، استقال من منصبه محملا بوريس يلتسين مسؤولية الحرب في الشيشان، وبأنه أنهى سياسته المتعلقة بالإصلاحات الديمقراطية.

وانتقد سيرغي كوفاليوف بشدة نظام فلاديمير بوتين. وشجب في السنوات الأخيرة قوانين أصدرها الرئيس الروسي واعتبرها "قاتلة للحريات". وقال: "هذه القوانين تؤمّن إمكانات غير محدودة لتعسف السلطة: يمكنك أن تحكم على من تريد بأي عقوبة تريدها".

في 2014، ومع بدء النزاع في شرق أوكرانيا، دعا الغربيين في رسالة مفتوحة إلى "وقف التوسع الروسي" في أوكرانيا. كما حذر من ميل الغرب إلى "تقديم تنازلات مبالغ فيها لروسيا".

لم يكن أقل قسوة على بعض قادة المعارضة الحالية في الكرملين الذين اتهمهم بأنهم "براغماتيون بلا قناعات أخلاقية قوية". وقال كوفاليوف: "أنا أنتمي إلى عائلة المثاليين في السياسة".

 

(فرانس برس)

المساهمون