مع توالي تقديم المرشحين للانتخابات الرئاسية الليبية أوراقهم لمفوضية الانتخابات، وأحدثهم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، أمس الثلاثاء، وقبله سيف الإسلام القذافي، تشهد الساحة الليبية حالة من التجاذبات الدولية بشأن مستقبل البلد المضطرب منذ 2012، فيما تصاعدت عمليات التنسيق بين أطراف دولية حيال المرشحين المحتملين للرئاسة هناك.
وبعدما كانت مصادر مصرية خاصة قد كشفت في وقت سابق عن تحوّل البوصلة المصرية نحو سيف الإسلام القذافي لدعمه في السباق الانتخابي، بعدما كان هناك تفكير لدى صانع القرار المصري في دعم رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، قالت مصادر أخرى لـ"العربي الجديد"، إن مصر لعبت دوراً رئيسياً في ظهور القذافي بشكل علني لأول مرة خلال تقديم أوراق ترشحه للانتخابات في مدينة سبها، في الجنوب الليبي، مضيفة أن القاهرة قادت اتصالات مع أطراف دولية، بالإضافة إلى التدخّل لدى أطراف في الداخل الليبي لضمان عدم التعرض لموكبه الذي خرج من مدينة الزنتان في غرب ليبيا. وكشفت أن مسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري أجروا اتصالات مع أطراف عسكرية في الغرب الليبي، طالبوا فيها بعدم التعرض للقذافي.
القاهرة قادت اتصالات مع أطراف دولية وأخرى ليبية، لضمان عدم التعرض لموكب القذافي
وكشفت المصادر أن القاهرة، وعلى الرغم من أنها لم تعلن موقفاً واضحاً وصريحاً تجاه القذافي الابن، إلا أنها طالبت بإتاحة الفرصة أمامه ليكون الخيار للشعب الليبي. وأوضحت أن "تنسيقاً مصرياً روسياً جرى خلال الأيام السابقة لتقديم سيف الإسلام القذافي أوراق ترشحه، بشأن الحصول على تعهدات دولية بعدم التعرض له"، مؤكدة أنه بمجرد حصول القاهرة على تعهدات من أطراف بارزة لاعبة في المشهد الليبي، تم منح الضوء الأخضر لنجل الزعيم المخلوع بالتحرك.
ويرجع اختيار القذافي لمدينة سبها مركزاً لترشحه لعدة أسباب، أهمها أن المدينة تعد أحد المعاقل الهامة لأنصار النظام السابق، علاوة على وجود أعداد كبيرة من قبيلة القذاذفة هناك.
مقابل ذلك، كشفت مصادر غربية في القاهرة عن حالة من الغضب الأميركي تجاه الموقف المصري الداعم لنجل القذافي، مرجحة استبعاده من السباق الانتخابي بقرار من مفوضية الانتخابات بعد فحص الملف الذي تقدم به، في ظل حالة الرفض الدولي لترشح القذافي، باستثناء عدد لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة من الدول التي تفكر في دعم نجل الزعيم المخلوع.
وأوضحت المصادر أن القاهرة بدأت في التحرك بخطط بديلة، بحيث يتم التوافق على اسم آخر بديل عن سيف الإسلام القذافي، مقابل عدم ترشح الدبيبة المدعوم من تركيا للانتخابات في مقابل السماح بخروج نجل القذافي من المشهد، باعتبار أن هناك موانع قانونية تمنع ترشح الدبيبة، وهو الموقّع على اتفاق يتضمن عدم ترشحه للرئاسة عند توليه رئاسة الحكومة الحالية، لافتة إلى أن الفترة الحالية تمثل معركة عض أصابع بين عدد من القوى المؤثرة في ليبيا.
وأشارت المصادر إلى أنه في حال خرج نجل القذافي من السباق، فسيكون البديل أمام مصر، وعدد من القوى الدولية، هو دعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي أعلن ترشحه أمس، فيما لم تُبدِ الإدارة الأميركية، حتى عصر أمس، رفضاً قاطعاً لترشحه، على عكس موقفها الرافض تماماً للقذافي.
تتحرك القاهرة بخطط بديلة، ليتم التوافق على بديل للقذافي، مقابل عدم ترشح الدبيبة
كما كشفت المصادر عن كواليس المحادثات التي شهدتها باريس أخيراً على هامش المؤتمر الذي استضافته فرنسا حول الأزمة الليبية، قائلة إن "الدبيبة أبلغ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بتمسكه بترك الخيار للشعب ليحدد ما إذا كان يرغب في اختياره أم لا، على الرغم من الموانع القانونية، والتي رد عليها رئيس حكومة الوحدة بأن لها تخريجات قانونية أيضاً تسمح بترشحه". وأضافت المصادر أن "الدبيبة كان شديد الوضوح خلال حديث له مع ماكرون بقوله إن الشعب الليبي ليس بأقل من الشعب المصري في شيء، بعدما سمح المجتمع الدولي بترشح الرئيس عبد الفتاح السيسي، وزير الدفاع حينها، للرئاسة المصرية في 2014، على الرغم من وجود موانع وتركت الحرية للشعب المصري لتحديد الموقف والاختيار".