عبرت جبهة الخلاص الوطني المعارضة في تونس عن "رفضها القطعي" لتصريح رئيس الجمهورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، الذي أدلى به على هامش قمة الفرنكوفونية في مدينة جربة، نهاية الأسبوع الماضي.
واعتبرت الجبهة في بيان لها، ليلة أمس الأربعاء، نشرته عبر صفحتها الرسمية على فيسبوك، أن "هذا التصريح يهدد الديمقراطية التونسية من خلال التعبير عن دعمه الواضح للمشروع الاستبدادي والشخصي للسيد (الرئيس التونسي قيس) سعيّد".
وكان ماكرون قد قال إنه "ليس على رئيس جمهورية فرنسا أن يشرح للرئيس التونسي ما يجب عليه القيام به في بلاده".
وشدد ماكرون في حوار أدلى به لقناة "تي في 5 موند" الفرنسية، على هامش مشاركته في القمة الفرنكوفونية في مدينة جربة، على "وجوب أن تنظم انتخابات 17 ديسمبر/ كانون الأول في إطار سلمي وبمشاركة كل القوى السياسية"، مضيفاً أن "رئيس الجمهورية قيس سعيّد، بصفته أستاذ القانون الكبير، منتبه لذلك".
واعتبر ماكرون أنه "ليس على الرئيس الفرنسي أن يشرح للرئيس التونسي ما يجب أن يفعل في بلاده، في المقابل ما أعتقده وهو ما قلته للرئيس قيس سعيّد باعتباره صديقاً، أن فرنسا موجودة لمرافقة التحول الذي تعيشه تونس، تونس بلد عاش ثورة وعانى من الإرهاب وانتصر عليه، ومن تداعيات جائحة كوفيد مثله مثل بقية دول العالم. اليوم هي لحظة تغيير كبير في تونس. آمل أن يتواصل هذا التغيير إلى نهايته، ولا بد أن تجري انتخابات 17 ديسمبر/ كانون الأول في إطار سلمي وبمشاركة كل القوى السياسية".
وأضاف ماكرون أنه تحدث "مع الرئيس سعيّد عن وجوب ضمان الحريات السياسية وحرية التعبير والصحافة، وأكدت له أننا سنقدم دعمنا الشامل لمساعدته على المواصلة في هذا المنحى، وأكدت له على وقوف فرنسا إلى جانب تونس في هذه المرحلة التي تمر بها، وإلى جانب التونسيين لاستكمال الإطار السياسي والدستوري وضمان الحريات الغالية جداً بالنسبة للشعب التونسي، إضافة إلى وقوف فرنسا إلى جانب تونس للنهوض بالوضعية الاقتصادية والمالية للبلاد".
وذكر بيان جبهة الخلاص أن "ماكرون أعرب عن أمله في رؤية استكمال (خريطة الطريق) الناتجة عن انقلاب 25 يوليو/ تموز، المرفوض من قبل كل الطبقة السياسية التونسية تقريباً، ما يدل على دعمه المطلق لعملية تفكيك المؤسسات الديمقراطية التي اكتسبها التونسيون بشق الأنفس، بعد ثورة الكرامة في 2010-2011".
كما اعتبرت الجبهة أن "هذا الموقف المربك، لن يزيد إلا في تشجيع الرئيس التونسي على مواصلة حملته من التشهير والاعتقال وإصدار الأحكام من قبل المحاكم العسكرية ضد خصومه، وفق قوانين قمعية وقاسية وضعت لهذا الهدف".
وقالت الجبهة إن "هذا الموقف يعد على أقل تقدير موقفاً غير ودي، حتى لا نقول معادياً للشعب التونسي، ولا يمكن أن يؤسس لتعايش جيد بين بلدين تجمعهما قيم تقدير وتفاهم منذ عدة عقود".
من ناحية أخرى، استنكرت رئيسة الحزب الدستوري الحر في تونس عبير موسي تصريحات الرئيس الفرنسي، وقالت في تصريحات صحافية، أمس الأربعاء، "استغربنا من عدم الانتباه لتصريحات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهي تصريحات صادمة لكل تونسي يؤمن بأنه في دولة مستقلة، وصادمة لكل تونسي غيور على السيادة الوطنية".
وكان الأمين العام للحزب الجمهوري عصام الشابي قد اعتبر في تدوينة على صفحته بفيسبوك أن "الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون عبر عن أمله في أن تضم الانتخابات التشريعية القادمة في 17 ديسمبر/ كانون الأول كل الأحزاب والقوى السياسية في تونس، بهدف استكمال المسار، وهو تصريح لا يليق إلا بدولة كانت تدعم، إلى آخر لحظة، نظام بن علي أيام الثورة، بتزويده بما يحتاجه من قنابل مسيلة للدموع في مواجهة انتفاضة شعبه". وأضاف الشابي أن "فرنسا التي خسرت مواقع كثيرة في أفريقيا، تواصل توخي سياسة خارجية ضد اتجاه التاريخ"، قائلاً إن "كان الرئيس ماكرون لا يعلم أن الأغلبية العظمى من القوى السياسية والمدنية في تونس تقاطع الانتخابات المهزلة، فتلك مصيبة، وإن كان يعلم فالمصيبة أعظم".