أصدرت محكمة روسية، اليوم الجمعة، حكماً بالسجن على المعارض الروسي أليكسي نافالني، المسجون أساساً، لمدة 19 سنة إضافية بتهمة "التطرف"، سيقضيها في سجن آخر في ظروف صعبة.
وقالت المتحدثة باسم المحكمة كيرا يارميش على منصة "أكس": "لقد حكم على أليكسي نافالني بالسجن 19 سنة في مجمع سجون يحظى بحراسة قصوى".
Алексею Навальному дали 19 лет особого режима.
— Кира Ярмыш (@Kira_Yarmysh) August 4, 2023
Alexey Navalny was sentenced to 19 years in maximum security colony.
إدانات دولية
أدانت الولايات المتحدة الحكم الجديد الذي صدر بحق نافالني والقاضي بسجنه 19 عاماً.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في بيان، إن "الولايات المتحدة تدين الحكم القضائي الجديد" بحق نافالني والمستند إلى "اتهامات لا أساس لها بـ(تطرف) مزعوم"، معتبراً أنه يشكل "نهاية غير عادلة لمحاكمة غير عادلة".
بدورها، أدانت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك الحكم على نافالني. وكتبت على منصة "أكس": "إنّ نظام العدالة التعسّفي في روسيا الذي يسجن أليكسي نافالني 19 عاماً إضافية هو ظلم صارخ". وأضافت "(الرئيس الروسي فلاديمير) بوتين لا يخشى شيئاً أكثر من هؤلاء الذين يعارضون الحرب والفساد، ويدافعون عن الديمقراطية، حتى من زنزانة السجن. لن يُسكت الأصوات الناقدة".
Dass Russlands Willkürjustiz Alexej #Nawalny weitere 19 Jahre wegsperrt, ist blankes Unrecht. Putin fürchtet nichts mehr als Eintreten gegen Krieg & Korruption und für Demokratie - selbst aus der Gefängniszelle heraus. Er wird damit kritische Stimmen nicht zum Schweigen bringen.
— Außenministerin Annalena Baerbock (@ABaerbock) August 4, 2023
من جهتها، طالبت الأمم المتحدة بـ"الإفراج فوراً" عن نافالني. وقال المفوض الأعلى لحقوق الانسان في الأمم المتحدة فولكر تورك، في بيان، إن هذا الحكم "يثير قلقاً جديدًا يتصل بالمضايقات القضائية واستغلال النظام القضائي لأغراض سياسية في روسيا".
وذكّر تورك بأن "من واجب (الدول) أن تحترم (...) كل الحقوق، في محاكمة نزيهة وآلية منتظمة بالنسبة إلى جميع الأفراد المحرومين الحرية". وأضاف: "أدعو السلطات الروسية إلى احترام هذه الواجبات عبر الكف الفوري عن انتهاك حقوق نافالني الإنسانية والإفراج عنه".
وتابع تورك أن هذا الحكم الجديد بحق الخصم الرئيسي للرئيس فلاديمير بوتين "يأتي وسط قمع أكثر حدة لحرية التعبير والمعارضة السياسية في روسيا".
ودانت فرنسا بدورها "بأكبر قدر من الحزم" الحكم الذي صدر على نافالني، معتبرة أنه "اضطهاد قضائي".
وقالت متحدثة باسم الخارجية الفرنسية: "ندعو السلطات الروسية مجدداً إلى الإفراج عن نافالني فوراً ومن دون شروط، وكذلك عن جميع السجناء السياسيين".
أمّا الاتحاد الأوروبي، فاعتبر الحكم الجديد بحق نافالني "غير مقبول"، مجدداً مطالبته بالإفراج "الفوري وغير المشروط" عنه.
وكتب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال، على منصة "أكس"، أنه إثر "محاكمة مفبركة"، فإن "هذا الحكم التعسفي هو ردّ على شجاعته في انتقاد نظام الكرملين"، فيما قال مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في بيان إن "الاتحاد الأوروبي يندد بأشد العبارات (...) بتوقيفه، ومحاكمته، والحكم عليه لدوافع سياسية".
وخلال 12 عاماً مضت، مرت العلاقة بين السلطة الروسية ونافالني بمراحل مختلفة، راوحت بين السماح له بخوض سباق انتخابات عمدة موسكو في عام 2013، واستبعاده من الانتخابات الرئاسية في عام 2018، وتعرضه لواقعة التسميم بغاز أعصاب يشتبه بأنه ينتمي إلى مجموعة "نوفيتشوك" سوفييتية المنشأ في عام 2020.
ومنذ عودته من ألمانيا في مطلع عام 2021 بعد رحلة علاج امتدت لأشهر واعتقاله في المطار عند وصوله، واجه نافالني تعديلاً لحكم سابق بالسجن مع وقف التنفيذ إلى السجن النافذ، وحكماً جديداً بالسجن المشدد مدة تسع سنوات بتهمة "التلاعب"، وصولاً إلى الحكم بسجنه اليوم 19 عاماً إضافية.
ومنذ بدء مسيرته السياسية في حزب "يابلوكو"، عُرف نافالني بتوجهاته القومية التي أدت إلى استبعاده من الحزب الليبرالي، وسط مشاركته في ما عُرف بـ"المسيرات الروسية" وتظاهرات حملة "كفانا نغذي القوقاز" المناهضة للدعم المالي الهائل المقدم لجمهوريات شمال القوقاز الروسي، بما لا يتناسب مع مساهمتها الضرائبية في الميزانية الفيدرالية.
وفي نهاية عام 2011، أصبح نافالني أحد زعماء الحركة "من أجل انتخابات نزيهة" وشارك في التظاهرات التي خرجت في موسكو احتجاجاً على الانتهاكات في انتخابات مجلس الدوما (النواب) الروسي، وأخرى رفضاً لعودة بوتين إلى الرئاسة في عام 2012، ليتحول إلى أحد رموز المعارضة "غير النظامية" الروسية.
وتعود شهرة نافالني في روسيا إلى نشاطه مدوناً، وكتاباته حول استشراء الفساد في مؤسسات السلطات وكبريات الشركات الحكومية، وتأسيسه في عام 2011 "صندوق مكافحة الفساد" المعني بإجراء تحقيقات استقصائية في قضايا الفساد داخل النخبة السياسية الروسية ومحيطها.
ولعل أشهر التحقيقات التي أجراها الصندوق التابع لنافالني فيلمان وثائقيان اتهم أحدهما في عام 2017 رئيس الوزراء آنذاك دميتري مدفيديف بامتلاك أصول سرية، وحظي بنحو 46 مليون مشاهدة، والآخر حول قصر فاخر يزعم أنه أنشئ لبوتين في مدينة غيلينجيك المطلة على البحر الأسود، جنوبي روسيا. ومن اللافت أن الفيلم حول قصر بوتين نشر في مطلع عام 2021 بعد أيام من عودة نافالني من ألمانيا واعتقاله، وحظي بنحو 127 مليون مشاهدة، متصدراً بذلك مقاطع الفيديو بالقطاع الروسي من "يوتيوب".
(فرانس برس، العربي الجديد)