لا تزال حظوظ وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس هي الأوفر في السباق إلى "داونينغ ستريت" ضد منافسها وزير المالية المستقيل ريشي سوناك، وفقاً لاستطلاعات الرأي الخاصة بحزب المحافظين، فيما لا يزال سوناك شبه غائب عن الأخبار المحيطة بالسباق وبمستقبل الحزب في بلد يعيش أزمة اقتصادية استثنائية وقد بلغ التضخم فيه مستويات قياسية.
وعلى الرغم من أن الأرقام تشير إلى أن سوناك سيحتاج إلى معجزة ليتمكّن من اللحاق بتراس والفوز بمنصب رئيس الحكومة، إلا أن الأكثرية في الحزب صوّتت لمصلحة بقائه في الوزارة وتسلّمه حقيبة مهمة في حال فازت مرشّحتهم المفضّلة تراس. كما أن الأغلبية التي أعلنت عن تصويتها لتراس، أعلنت في الوقت نفسه تأييدها لمواجهة التضخّم كأولوية تسبق تخفيض الضرائب، أي أن الأكثرية تصوّت فكرياً وسياسياً لسوناك لكنها على الورق أعلنت تصويتها لتراس.
وفي حين جرى تداول اسم سوناك وزيراً للصحة في حال تسلّمت تراس منصب رئيس الوزراء، نفى الأول الأمر وأعلن عدم نيّته قبول منصب في وزارة تشكّلها منافسته، التي اتهمها، خلال لقاء إذاعي بثته "بي بي سي"، بـ"بيع الأوهام" من خلال خطّتها الاقتصادية، قائلاً إن الحكومة التي عمل فيها لسنتين لا يتوافق أعضاؤها حول الملفّات الكبرى والمصيرية وبالتالي لن تكون لديه أي رغبة بالوجود في المكان نفسه مرة أخرى إلا كرئيس حكومة.
أسماء كثيرة يجري تداولها في أروقة الحكومة على أنها الأوفر حظّاً في تسلّم حقائب أساسية كالمالية والخارجية والداخلية في حال مجيء تراس إلى "داونينغ ستريت" بعد أسبوعين. هذا إضافة إلى استبعاد أسماء أخرى مقرّبة من سوناك وداعمة لحملته الانتخابية، مثل نائب رئيس الوزراء دومينيك راب، الذي وصف أجندة تراس الاقتصادية بـ"مذكرة الانتحار"، ما قلّل فرصه في البقاء في منصبه، أو مثل وزيرة الداخلية بريتي باتيل، التي اتّخذت موقفاً مبهماً إزاء السباق إلى خلافة جونسون، إذ لم تعلن بداية ترشّحها للمنصب ثم نأت بنفسها عن تأييد أيّ من المرشّحين، أو حتى مثل الوزير السابق مايكل غوف، الذي دعم سوناك علناً ووصفه حلفاء تراس بـ"الخائن المتسلسل"، كذلك هو الحال بالنسبة إلى وزير الدولة لشؤون الصحة والرعاية الاجتماعية ستيف باركلي، الذي لم يخفّف حتى اللحظة من دعمه لسوناك، ما قد يعيق بقاءه في منصب رفيع إذا فازت تراس في السباق.
ويبدو أن وزيرة الخارجية، بحسب مقرّبين منها، تشترك مع رئيس الحكومة السابق بوريس جونسون بتفضيلها الولاء على الكفاءة وبتهميش كل من يعارض خططها أو يدعم منافسها؛ ما دفع الكثيرين إلى الاستعجال في دعمها علناً عند أول استطلاع للرأي يظهر تفوّقها على سوناك. ويلوح على رأس قائمة المرشّحين لمناصب مفتاحية اسم وزير الدولة للأعمال التجارية والطاقة والاستراتيجية الصناعية كواسي كوارتنغ. وإذا صدقت التنبّؤات، فإن تراس ستمنحه في حال وصولها إلى "داونينغ ستريت" منصب المستشار، أي وزير المالية، كمكافأة على ولائه، إذ كان من أوائل كبار الوزراء المؤيّدين لمجيئها زعيمة للحزب. ويعرف عن كوارتنغ تأييده المطلق لـ"بريكست" وتبنّيه رؤية اقتصادية خاصة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي تحاكي رؤية تراس، كما أنه ظلّ وفيّاً لجونسون في كل المطبّات التي مرّ بها ولم يتردّد في دعمه عندما أجبر على التنحّي.
يتردّد أيضاً اسم المدعي العام لإنكلترا وويلز سويلا برافرمان، التي رشّحت نفسها لمنصب رئيس الحكومة بعد تنحّي جونسون، إلا أنها جاءت في المرتبة السادسة فخسرت السباق وسارعت لدعم تراس. تُعرف أيضاً بتأييدها لـ"بريكست" إضافة إلى أنها تدعو لانسحاب المملكة المتحدة من المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان. يُذكر أن برافرمان تطمح لمنصب وزير الداخلية بدلاً من بريتي باتيل، إلا أن التنبّؤات تشير إلى فرص متساوية لهذا المنصب بينها وبين وزيرة الدولة للعمل والمعاشات التقاعدية تيريز كوفي التي تمتلك خبرة في إدارة دوائر حكومية كبيرة، وهذا ما يتطلّبه منصب وزير الداخلية. كما أن كوفي مرشّحة، بحسب مقرّبين من تراس، لتسلم منصب مدير مكتب رئاسة الوزراء.
وفي منصب وزير الخارجية، تشير توقّعات المقرّبين من تراس إلى أن الحظوظ الأكبر ستكون لوزير التعليم جيمس كليفرلي، أو لمرشّح قيادة "حزب المحافظين" السابق توم توغندهات. وفي حين ظلّ كليفرلي موالياً وداعماً لجونسون مقترحاً تعيينه في منصب وزاري كبير في حال فازت تراس، كان توغندهات واضحاً في إحدى المناظرات التلفزيونية وأجاب على عكس آخرين بـ"كلا" عن سؤال: "هل كان بوريس جونسون صادقاً؟". إلا أنه وبعد إقصائه من السباق، الشهر الفائت، سارع لدعم الحملة الانتخابية الخاصة بوزيرة الخارجية تراس. وسبق لتوغندهات أن خدم كجندي في العراق وأفغانستان بين عامي 2003 و2013، كما أنه يمتلك آراء متصلبة حول السياسة الخارجية للمملكة المتحدة، كمعارضته أخيراً الانسحاب من أفغانستان.
أما وزير الدفاع الحالي بن والاس فتشير التنبّؤات إلى أنه سيحتفظ بمنصبه بعد ستة أشهر من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، وبعدما عزّز موقعه من خلال استجابة المملكة المتحدة لحرب أوكرانيا وفرضها عقوبات غير مسبوقة على نظام بوتين، إضافة إلى أنه كان من بين الأوائل الذين كتبوا رسائل دعم علنية لـ"مرشحة الاستمرارية" ليز تراس.