يصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، غداً الإثنين، إلى قطر في زيارة رسمية، ليرأس وفد بلاده في اجتماعات الدورة السابعة للجنة الاستراتيجية العليا المشتركة بين قطر وتركيا التي ستنطلق في الدوحة في 7 ديسمبر/كانون الأول الحالي (بعد غد الثلاثاء)، وتستمر لمدة يومين. وأوضح السفير التركي في الدوحة، مصطفى كوكصو، في تصريحات لوسائل الإعلام القطرية ووكالة "الأناضول" التركية، ولـ"العربي الجديد"، قبيل الزيارة، أن اجتماعات الدورة السابعة، ستشهد التوقيع على مزيد من اتفاقيات التعاون بين البلدين في مجالات الثقافة والتجارة والاستثمار والإغاثة، والشباب والرياضة، وتنظيم الفعاليات، والدبلوماسية، والتنمية، والصحة.
يرأس أردوغان وفد بلاده في اجتماعات الدورة السابعة للجنة الاستراتيجية العليا المشتركة بين البلدين
ومنذ تأسيس اللجنة الاستراتيجية العليا المشتركة بين قطر وتركيا في عام 2014، وقّع البلدان 68 اتفاقية، في مجالات الاقتصاد والصناعة والدفاع والأمن والاستثمار والطاقة والثقافة والملكية الفكرية والتعليم والشباب والاقتصاد، وغيرها من مجالات التعاون. ولفت كوكصو إلى أن اللجنة، تساهم ليس فقط في تدعيم العلاقات الثنائية بين الدوحة وأنقرة، بل في تقريب وجهات النظر في السياسة الخارجية. وأشار إلى أن 6 دورات كانت قد عُقدت على مدار السنوات الماضية منذ تأسيس اللجنة، وقّع خلالها أردوغان مع أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، عشرات الاتفاقيات الهامة في شتى المجالات، خصوصاً في المجالات الاقتصادية والعسكرية خلال اجتماعات اللجنة.
وأكد كوكصو أن قطر وتركيا تلتقيان في وجهات النظر حول العديد من الملفات، أبرزها حول الصراع في سورية، والوضع السياسي المتأزم في ليبيا، ومجال مكافحة الإرهاب، فضلاً عن التنسيق الدائم في ما يخص الشأن الأفغاني، وقد ظهرت ثمرة هذا التعاون في إعادة تشغيل مطار العاصمة الأفغانية كابول، باعتباره شريان حياة لمن تقطعت بهم السبل في أفغانستان.
وحول العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، قال السفير التركي في الدوحة إنها "تشهد تطوراً كبيراً وطفرة لا مثيل لها، وبلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين ما يقارب الملياري دولار، وتتنوع الصادرات الرئيسية التركية إلى قطر في مجالات مستلزمات البناء، والمعدات الكهربائية والإلكترونية، والأثاث، والسجاد، ومواد البناء، والمجوهرات، ومنتجات الألبان، بينما تأتي أهم الواردات من قطر إلى تركيا في مجالات الألومنيوم غير المعالج، والغاز المسال".
وبيّن السفير التركي أن "هناك 183 شركة برأسمال قطري تعمل في تركيا، بينما هناك 711 شركة تركية عاملة في قطر، منها 47 شركة برأسمال تركي 100 في المائة إضافة إلى 15 شركة مسجلة في المنطقة الحرة القطرية". ووفق السفير التركي، فقد بلغت "القيمة الحالية للاستثمارات القطرية في تركيا، 33.2 مليار دولار حتى ديسمبر/كانون الأول 2020، كما بلغت القيمة الإجمالية للمشاريع التي نفذتها صناعة المقاولات التركية في قطر 18.6 مليار دولار". وتعد قطر الدولة الثامنة التي يتم فيها تنفيذ معظم المشاريع خارج تركيا.
وطمأن كوكصو المستثمرين القطريين بقوله، إن زيادة الأسعار الناتجة عن ارتفاع سعر الصرف (في تركيا) لا تؤثر تأثيراً مباشراً في الاستثمار والإنتاج والتوظيف، بل إن سعر الصرف التنافسي يجلب زيادة في الاستثمار والتوظيف. وشدّد على أن بلاده "لديها الخبرة الكافية في إدارة الأزمات المالية، والحكومة التركية مصممة على اغتنام الفرص التي أتيحت في هذه المرحلة الحرجة التي يمر بها العالم"، مؤكداً أن "الاستثمارات القطرية في تركيا لن تتضرر بأي شكل من الأشكال، بل من المستهدف تعزيزها بهذه السياسة الحالية، وزيادة أرباحها ونجاحاتها".
هذه الدورة، هي الأولى التي تعقد بعد الأزمة الخليجية
وتعليقاً على الزيارة، اعتبر الكاتب والإعلامي القطري جابر الحرمي، في حديث مع "العربي الجديد"، أن اجتماعات الدورة السابعة للجنة القطرية - التركية المشتركة تؤكد حجم المصداقية والتحالف القائم بين الدوحة وأنقرة الذي اختُبر أكثر من مرة وأصبح يرقى إلى شراكة حقيقية بين البلدين، وأن علاقاتهما لا يمكن أن تتزعزع في أي أزمة تطرأ في الإقليم.
وحول المتوقع من اجتماعات الدورة السابعة للجنة، والقمة التي ستعقد بين أمير قطر والرئيس التركي، لفت الحرمي إلى أنه "يُعوَّل على اجتماعات الدورة السابعة، في خلق شراكات جديدة بين البلدين، وأن تفتح آفاقاً في التعاون الإقليمي بين أطراف خليجية وتركيا خلال المرحلة المقبلة". وأشار إلى أن هذه الدورة، هي الأولى التي تعقد بعد الأزمة الخليجية، وكان الموقف التركي داعماً ومسانداً لقطر خلال هذه الأزمة، والقمة الحالية التي تأتي في ظروف صعبة تمر بها المنطقة اقتصادياً وصحياً، تؤكد استمرار التنسيق والتعاون بين الدوحة وأنقرة في الأزمات التي تشهدها المنطقة والإقليم. وشدّد على أن هذا التنسيق "لعب أدواراً إيجابية في العديد من الأزمات، خصوصاً في أفغانستان، إذ وفّر الخروج الآمن للقوات الأجنبية من هناك، وشاركت قطر وتركيا في إعادة تشغيل مطار كابول، وهو إحدى الثمار الإيجابية بين البلدين".
وأوضح الحرمي أن اللقاء بين أمير قطر والرئيس التركي في الدوحة، سيناقش جميع الملفات ويعزز التعاون الثنائي بين البلدين في مختلف المجالات، وسيتم التوقيع على عدد من الاتفاقيات التي تعزز العلاقات القطرية التركية، فالشراكة القائمة بين البلدين ليس في الجانب الاستثماري أو الاقتصادي أو العسكري والأمني فحسب، بل هناك استمرار للتنسيق الخارجي في المحافل الدولية، والتعاون بين الجانبين في دعم حقوق الشعوب والانتصار للقضايا المهمة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية. وتابع أن هذه الدورة ستكون إضافة نوعية للعلاقات بين البلدين، وللمسار الذي انتهجته قطر وتركيا خلال السنوات الماضية، والذي كان المسار الأصوب والتحالف الأكثر صدقية، فقد وقف الطرفان إلى جانب بعضهما في جميع الأزمات التي تعرّضا لها ولم يتخلَ أحدهما عن الآخر، خصوصاً عندما تعرضت تركيا لمحاولة الانقلاب الفاشلة عام 2016، فكانت قطر الداعم الأقرب لتركيا، وعندما تعرضت قطر للحصار كانت تركيا المساند والداعم لقطر.