أثارت زيارة أسقف عام كنائس وسط القاهرة وأسقفية الشباب الأنبا رافائيل إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، أخيراً، مواقف منتقدة وضعتها في خانة التطبيع، في حين دافع مصدر كنسي مصري عنها.
وقال المصدر الكنسي لـ"العربي الجديد" إنها جاءت في إطار "ترسيخ تواجد الكنيسة القبطية المصرية، وإثبات حقوقها التاريخية في القدس والأراضي المحتلة، لا سيما مع اعتداءات الرهبان الإثيوبيين المستمرة على دير السلطان، المملوك للكنيسة القبطية الأرثوذكسية في القدس".
وبحسب المصدر الكنسي، الذي رفض ذكر اسمه، فإن "الأنبا رافائيل، لم يفعل شيئاً سوى أنه نفذ تعليمات البابا تواضروس الذي أرسله مبعوثاً لعمل قداسات في الخارج".
مصدر كنسي: زيارة الأنبا رافائيل إلى إسرائيل لن تكون المحطة الأخيرة في جدول زياراته
وقال إن "زيارة الأنبا رافائيل إلى إسرائيل، لن تكون المحطة الأخيرة في جدول زياراته، إذ إنه سيزور الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في أستراليا، والتي تنقسم إلى أبرشيتين، وتضم 64 كنيسة وثلاثة أديرة وكليتين لاهوتيتين وأربع مدارس، وتضم عشرات الآلاف من الأقباط، كما سيزور نيوزيلندا أيضاً".
الزيارات الخارجية للأساقفة مهمة للغاية
وأكد المصدر أن "الزيارات الخارجية التي يقوم بها الأساقفة المصريون مهمة للغاية، وتدعم حضور الكنيسة المصرية باعتبارها من أكبر كنائس الشرق، وتحديداً في الأراضي المقدسة، التي لنا فيها أملاك مهمة، وخصوصاً مع محاولات الرهبان الأحباش السيطرة على دير السلطان في مدينة القدس".
وطالما أكدت الكنيسة المصرية ملكيتها التاريخية لدير السلطان بالقدس المحتلة، بعد محاولات الرهبان الأحباش السيطرة عليه بعد أن استضافتهم الكنيسة، ولجأوا إلى المحكمة العليا في إسرائيل، والتي حكمت لصالح الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، غير أن الحكم لم ينفذ حتى الآن.
تطبيع رسمي مع الكيان الصهيوني
من جهته، انتقد الناشط النقابي القبطي خليل رزق خليل زيارة الأنبا رافائيل إلى الأراضي المحتلة. وكتب، على صفحته على "فيسبوك"، أن الكنيسة الأرثوذكسية الرسمية بقيادة البابا تواضروس والأنبا رافائيل "قامت بعمل تطبيع رسمي مع الكيان الصهيوني، حيث قامت بزيارة رابطة المصريين في اسرائيل، وزيارة الكنائس تحت زعم أنها زيارة رعوية وروحية".
وأضاف: "أؤكد أن المطبعين لا يعبرون عن وجهة نظر كل الأقباط في مصر، وأننا كتلة كبيرة من المواطنين الأقباط ضد الكيان الصهيوني وداعمون للحق الفلسطيني في تقرير المصير وعودة المهجرين، وعودة كامل الأراضي الفلسطينية".
وتابع خليل: "أتذكر بالخير البابا شنودة الثالث، الذي كان موقفه داعماً لفلسطين ورافضاً للتطبيع. وأنوه إلى أن الهجوم على موقف المؤسسة الرسمية للكنيسة ليس هجوماً على الدين، لكنه هجوم على من يخلطون الدين بالتطبيع مع الكيان... عاشت فلسطين حرة وعاشت المقاومة الفلسطينية".
بدوره، تحدث أحد النشطاء الأقباط البارزين لـ"العربي الجديد" مفضلاً عدم ذكر اسمه، قائلاً إن "رغبات الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، تلاقت مع توجهات النظام المصري الحالية نحو التقارب مع دولة الاحتلال الإسرائيلي، في لحظة تاريخية، سمحت للأولى بكسر حالة المقاطعة التي فرضها الأنبا شنودة بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الراحل، على سفر الأقباط إلى الأراضي المحتلة، فدأبت على إرسال مندوبين رسميين إلى هناك، بحجة ترسيخ سلطة الكنيسة المصرية في القدس".
تواضروس زار القدس في 2015
ولم تكن زيارة الأنبا رافائيل إلى الأراضي المحتلة هي الأولى من نوعها، إذ إن البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكنيسة المرقسية، قام بزيارة تاريخية إلى القدس المحتلة في 2015، عندما قرر فجأة وبلا مقدمات، زيارة مدينة القدس المحتلة للصلاة على مطران القدس والشرق الأدنى الأنبا إبراهام. وهو الأمر الذي كسر قراراً ومبدأ تاريخياً للبابا الراحل شنودة الثالث، الذي رفض الدخول إلى القدس ومعه جميع أقباط مصر، وذلك منذ العام 1980 عندما أعلنت دولة الاحتلال الإسرائيلي، أن القدس عاصمة أبدية وموحدة لها.
هدم مبادئ البابا شنودة
واعتبر الناشط القبطي المصري أن البابا تواضروس "يسعى إلى هدم كل المبادئ التي سار عليها سلفه البابا شنودة الثالث، ليس بدخول القدس فقط، ولكن في قضايا أخرى كان البابا شنودة متشدداً، فيها مثل الحوار مع الطوائف المسيحية الأخرى".
وأضاف المصدر أن "فكر البابا تواضروس الحديث أحدث انقساماً بين الأقباط حول الفكر الجديد للكنيسة. فهناك الكثير منهم يرفض سفر البابا تواضروس أو أي من الرهبان والقساوسة إلى الأراضي المحتلة، باعتباره يُعد نوعاً من أنواع التطبيع، وانقلاباً على فكر البابا شنودة، وهناك أيضاً من يوافق على الفكر الجديد للبابا تواضروس، ويتحمس له بشدة".
ناشط قبطي: تواضروس يسعى إلى هدم كل المبادئ التي سار عليها البابا شنودة الثالث
ورأى الناشط القبطي أنه على الرغم من أن الزيارات المتكررة للأساقفة الأقباط إلى الأراضي المحتلة، تتسق مع التوجه العام للنظام الذي يسعى إلى التقارب مع الكيان الإسرائيلي، إلا أنه يستبعد أن تكون هذه الزيارات بإيعاز من النظام المصري، حيث إنه لا يحتاج إلى الكنيسة لتدعيم علاقته بإسرائيل التي تتعمق يوماً بعد يوم، دون الحاجة إلى وسطاء.
واعتبر المصدر أن "الكنيسة القبطية استغلت حالة الانفتاح على إسرائيل، والفكر الجديد الذي يحاول البابا تواضروس ترسيخه، وزادت من الزيارات الرسمية إلى الأراضي المحتلة، وآخرها زيارة الأنبا رافائيل، حتى أصبحت الزيارات للقدس عادية، سواء للأساقفة أو المواطنين العاديين، الذين وصلت أعدادهم إلى أكثر من 200 ألف زائر إلى القدس المحتلة سنوياً".
من جهتها، احتفت إسرائيل أخيراً بسفر الأنبا رافائيل، كممثل عن البابا تواضروس، إلى الأراضي المحتلة. ونشرت صفحة "إسرائيل تتكلم بالعربية"، التابعة لوزارة الخارجية الإسرائيلية، صوراً لزيارة الأنبا رافائيل إلى حيفا، وهو يلقي محاضرة روحية حول "التدبير الخلاصي" الإثنين الماضي، في كاتدرائية مار إلياس للملكيين الكاثوليك، بحضور المطران يوسف متى، راعي أبرشية الروم الملكيين الكاثوليك في الجليل، ولفيف من الكهنة وعدد من المواطنين المسيحيين.