زيارة العليمي إلى حضرموت.. تعميد للتحولات الأخيرة في المحافظة اليمنية

24 يونيو 2023
زيارة العليمي هي الأولى لمحافظة غير عدن منذ تأسيس "الرئاسي" (فيسبوك)
+ الخط -

وصل رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، يوم السبت، إلى مدينة المكلا، المركز الإداري لمحافظة حضرموت شرقي اليمن، في زيارة هي الأولى من نوعها لمحافظة غير عدن منذ تشكيل المجلس في الرياض قبل أكثر من عام.
 
وتأتي الزيارة كتعميد للتحولات الأخيرة التي شهدتها المحافظة بإعلان "مجلس حضرموت الوطني"، من قبل مختلف المكونات الحضرمية، بعد شهر من المشاورات رعتها السعودية في الرياض.
 
وقال مصدر حكومي لـ"العربي الجديد" إن العليمي وصل، السبت، إلى مطار الريان بمدينة المكلا، رفقة وفد يمني رفيع، وآخر من صندوق الإعمار السعودي، وكان على رأس مستقبليه محافظ المكلا مبخوت بن ماضي، وقيادات في السلطة المحلية وكبار رجال الدولة والرموز الحضرمية.
 
وأضاف المصدر الذي طلب عدم ذكر اسمه، كونه غير مخول بالتصريح، أن الزيارة التي وصفها بـ"القصيرة" ربما تستمر ليومين فقط، يفتتح خلالها العليمي عدة مشاريع في المحافظة، قبل أن ينتقل إلى العاصمة المؤقتة عدن.

وكانت الزيارة مخططة منذ أكثر من نصف عام وفق المصدر الحكومي، غير أن "الحملات التي كان يشنها مناصرون للمجلس الانتقالي الجنوبي ضد الزيارة هي التي تسببت بتأجيلها لمرات متتالية".

ويرافق العليمي في زيارته وفد رفيع يضم مستشاري الرئيس، المهندس حيدر ابوبكر العطاس، وعبد الملك المخلافي، ورئيس مجلس الشورى أحمد بن دغر، وعدد من الوزراء، وقيادات البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن.

وغاب عن الوفد نائب رئيس مجلس القيادة، والشخصية الحضرمية القوية فرج البحسني، والذي انضم أخيراً لمشروع الانتقالي المطالب بالانفصال، فيما اصطحب العليمي حيدر العطاس، وهو شخصية حضرمية بارزة وله سابق قدم في مشروعها المستقل، في خطوة عدها مراقبون دليل جدية، لا سيما سعودية، في تبني مشروع حضرموت على حساب مشروع الانتقالي الانفصالي.

 وفور وصوله المكلا، قال العليمي إن زيارته "مهمة، كون حضرموت تعتبر محور الدولة، ولها تاريخ عريق وهي الحاضنة والقاطرة للدولة"، مشيراً إلى أن الزيارة "ستشهد افتتاح ووضع حجر الأساس للعديد من المشاريع المقدمة من البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن، ومساهمة من الحكومة والسلطة المحلية في الساحل والوادي".

وأضاف: "نحن في مجلس القيادة الرئاسي نعتز بحضرموت كونها تمثل نموذج التنمية والاستقرار، وجئنا لاستعادة الدولة من حضرموت، وهدفنا تنمية الإنسان، وهذه المشاريع رسالة بأن الخير يأتي مع الاستقرار والسلام، وأن الاختلالات في المناطق المحررة يستفيد منها المشروع الطائفي للمليشيات الحوثية، ونسعى لتقديم الخدمات لتعزيز الأمن في المناطق المحررة".

وأشاد الرئيس، وفقاً للمركز الإعلامي للسلطة المحلية بالمحافظة، بمخرجات المشاورات الحضرمية في الرياض، وقال إنها رسالة لكل اليمنيين بأن حضرموت سباقة للأمن والاستقرار ونبذ الخلافات البينية والعنف، وأن في الاستقرار تنمية وبناء.

موالو الانتقالي يرفضون والسلطة المحلية ترحّب 

وتترافق الزيارة حالياً مع حملة نشطاء موالين للمجلس الانتقالي الجنوبي على مواقع التواصل الاجتماعي، رفضاً للزيارة، تحت وسم: "حضرموت_ترفض_العليمي"، وهي الحملة التي بدأت قبل عدة أشهر مع كل حديث عن زيارة الرئيس الى المحافظة، فيما نشرت وسائل إعلام مقربة من المجلس مقاطع فيديو لشباب يمزقون لافتات نصبت في بعض الشوارع احتفاء بالرئيس.

وفي وقت سابق من اليوم، السبت، أعلنت السلطات المحلية في حضرموت عن الزيارة، وقالت إنها "مُرحّب بها وتحمل بشارات مشاريع خير لحضرموت، ولأهلها الذين ظلوا ينتظرون مشاريع خدمية كبيرة تخفف عنهم آلام معاناتهم الطويلة".
 
وأشارت إلى أن "بعض الجهات (لم تسمها) في سياق سعيها المعهود لزرع الفوضى ومنع مشاريع الخير، بدأت بتعميم منشورات تدعو إلى زعزعة الأمن"، وحذرت السلطة المحلية واللجنة الأمنية من الانسياق خلف هذه "المنشورات التحريضية التي تدعو لزعزعة الأمن والسكينة العامة"، وقالت إنها ستتعامل معها بحزم.

كذلك حذّرت السلطة المحلية من أي أفعال تخل بالأمن أو تقف في طريق استقدام مشاريع تخدم المواطنين، معتبرة "من يقف في طريق تنفيذها معادٍ لحضرموت، وسيتم التعامل بحزم تجاه أي أعمال تحريضية أو تخريبية، ويتحمل مسؤوليته من يفكر بالعبث بالأمن أو يعمل على التحريض للفوضى".

توقيت الزيارة

تأتي الزيارة عقب أيام من انتهاء مشاورات المكونات الحضرمية، في الرياض (21 مايو/أيار- 19 يونيو/ حزيران الجاري)، وإعلان مجلس حضرموت الوطني، وهي الخطوة التي باركها الرئيس العليمي لدى اجتماعه بممثلي المكونات الحضرمية في الرياض، الثلاثاء الماضي.

وكانت المشاورات الحضرمية قد انطلقت بعد دعوة سعودية للمكونات، غداة وصول رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، رفقة نائبه فرج البحسني، إلى مدينة المكلا، واستعراضه في شوارع المدينة على متن مدرعات وعربات عسكرية إماراتية، قدمت من خارج المحافظة.

كما جاءت المشاورات بالتزامن مع انعقاد "الجمعية الوطنية" التابعة للانتقالي في المدينة، والتي أوصت بإعادة النظر في الشراكة مع الحكومة اليمنية، وبسط نفوذ "الانتقالي" على كامل أراضي جنوب اليمن.

وجاء إشهار المجلس، وفق مراقبين، مشروعاً حضرمياً بدعم سعودي، يتولى على عاتقه مسؤولية ضرب مشروع الانتقالي المطالب بانفصال جنوب البلاد بدعم إماراتي، في الإقليم الشرقي، لا سيما حضرموت، التي تشترك بحدود برية شاسعة مع السعودية، والحيوية للاقتصاد اليمني، بما فيها من ثروات طبيعية وساحل ممتد، إضافة إلى ثروة نفطية تعد من أهم روافد خزينة الدولة.

وعن الزيارة وتوقيتها، قال الكاتب الصحافي اليمني مصطفي الجبزي، لـ"العربي الجديد"، إنها "زيارة مهمة في توقيت حساس، وربما تأخرت كثيراً"، مضيفاً "أتوقع أنها ستعمل على لمّ شمل المحافظة بعد زيارة سابقة لعضوي مجلس القيادة (فرج) البحسني وعيدروس (الزبيدي) والتي كانت حافزاً للتشظي والانقسام".

وعن دوافع حملة المجلس الانتقالي ضد الزيارة الحالية، قال الجبزي إن الانتقالي يشعر بأن الزيارة "ستمحو أثر سابقتها (زيارة الزبيدي والبحسني) أو متوقع منها ذلك"، مشيراً إلى أن "الزيارة السابقة كانت أشبه بفصلٍ فُتح من مسرحية استعراضية".

وأضاف "هذه أول زيارة لرئيس مجلس القيادة إلى محافظة يمنية غير عدن"، مشيراً إلى أنها "يمكن أن تسهم في وضع مسار المحافظة في الإطار الآمن وتخفف من التوتر. كما أنها تعزز التواصل بين السلطة المحلية والسلطة المركزية في لحظة اضطراب".

واختتم الجبزي حديثه بالقول إنه "يعوّل على هذه الزيارة أن تقدم خدمات للمحافظة، وأن تؤكد توجهات التنمية والاستقرار في جزء من اليمن، إضافة إلى طرح رسالة تطمين محلية وإقليمية وتعميد للتحولات الأخيرة".