قال رئيس الحكومة البريطانية كير ستارمر، اليوم الاثنين، إن العالم يجب أن "يستيقظ على خطورة" التهديد الذي تشكله الهجرة غير النظامية، داعياً للتعامل مع المهربين بالطريقة التي يتعامل بها مع من أسماهم "الإرهابيين". وجاءت أقوال ستارمر خلال مؤتمر المنظمة الدولية للشرطة الجنائية "الإنتربول" الذي ينعقد في بريطانيا لأول مرة منذ 50 عاماً، بمشاركة الجمعية العامّة للمؤتمر الممثلة لـ196 دولة عضواً. ووجه خطابه في غلاسكو بما أسماه "نداء استيقاظ" بشأن الهجرة غير النظامية، قائلاً إن العالم بحاجة إلى مواجهة حجم المشكلة، وأن معالجتها يجب أن تكون دولية، وأن بريطانيا لا تستطيع أن تفعل ذلك بمفردها.
وقال ستارمر في خطابه: "يحتاج العالم إلى الاستيقاظ على خطورة هذا التحدي. لقد انتُخبت لتوفير الأمن للشعب البريطاني. والحدود القوية جزء من ذلك. لكن الأمن لا يتوقف عند حدودنا. لا يوجد شيء تقدمي في غضّ الطرف عن موت الرجال والنساء والأطفال في القناة. هذه تجارة حقيرة يجب القضاء عليها، أينما ازدهرت".
وأضاف رئيس الحكومة البريطانية: "إننا نتبع نهجنا في مكافحة الإرهاب، والذي نعلم أنه ناجح، ونطبقه على العصابات، من خلال قيادة أمن الحدود الجديدة. ونحن نعمل على إنهاء التشرذم بين الشرطة وقوات الحدود ووكالات الاستخبارات. سأعمل مع أي شخص جاد يمكنه تقديم حلول لهذه المشكلة، أي شخص، لأنه بدون عمل عالمي منسق، لن تختفي".
وقال أيضاً: "ما لم نستخدم كل السلطات التي لدينا للتعامل مع هذا الأمر بالطريقة نفسها التي نفعل بها مع الإرهاب، فسنكافح لتقديم هؤلاء المجرمين إلى العدالة. وهذه، بمعنى ما، رسالتي هنا اليوم؛ يجب النظر إلى تهريب البشر باعتباره تهديدا أمنياً عالمياً مشابهاً للإرهاب. علينا الجمع بين الموارد ومشاركة المعلومات الاستخباراتية والتكتيكات ومعالجة المشكلة في المنبع، والعمل معاً لإغلاق طرق التهريب. كما نفعل ذلك مع الإرهاب".
وأضاف ستارمر: "عندما كنت مديراً للادعاء العام، كانت مهمتي الشخصية هي سحق العصابات الإرهابية، وعملنا عبر الحدود لضمان سلامة المواطنين في جميع أنحاء أوروبا والعالم. الآن، بصفتي رئيس وزراء المملكة المتحدة، أصبحت مهمتي الشخصية هي سحق عصابات تهريب البشر".
وأعلن رئيس الوزراء عن تخصيص 75 مليون جنيه إسترليني إضافية لمكافحة عصابات تهريب البشر. وترفع هذه الزيادة المالية تمويل قيادة أمن الحدود الجديدة في المملكة المتحدة إلى 150 مليون جنيه إسترليني، تستهدف مراكز التكنولوجيا الجديدة، بالإضافة إلى موظفي إنفاذ القانون والاستخبارات والادعاء الإضافيين. كما كشف عن أن المملكة المتحدة ستزيد أيضاً تمويلها للإنتربول بمقدار 6 ملايين جنيه إسترليني للجهود العالمية لمكافحة جرائم المخدرات المنظمة.
وما زالت قضية عبور اللاجئين عبر القنال الإنكليزي وسبل التعامل معها تثير النقاش في الداخل البريطاني، إذ قال كيفن سوندرز، كبير مسؤولي الهجرة في الموانئ سابقاً، في حديثه لبرنامج (Today) على راديو "بي بي سي 4": "للأسف ما يحاول رئيس الوزراء القيام به غير ممكن". واعتبر سوندرز أن المملكة المتحدة لن تكون قادرة على مقاضاة وسجن مهربي البشر إلا "في المملكة المتحدة، وأغلبية مهربي البشر متمركزون بالفعل في الشرق الأوسط وتركيا"، على حدّ قوله.
وأضاف أنه بموجب نظام اللجوء في المملكة المتحدة "لا يمكنك ترحيل طالبي اللجوء الفاشلين" الذين يدمرون الوثائق. وبدون وثائق رسمية، غالباً ما تكون المملكة المتحدة غير قادرة على إثبات بلد طالبي اللجوء الأصلي، مما يعني أن بلدانهم الأصلية سترفض استقبالهم.
كما أصدر حزب المحافظين بياناً، اليوم الاثنين، عبر المتحدث باسم الحزب جاء فيه: "لن يعني إعلان كير ستارمر بشأن معالجة العصابات أي شيء على الإطلاق دون رادع لمنع المهاجرين الراغبين في القيام بالرحلة الخطرة عبر القناة. من العار أن ستارمر لم يدرك مدى الأزمة في القناة في وقت أقرب، حيث صوت هو وحزب العمال ضد العديد من التدابير لوقف العصابات أثناء وجودهم في المعارضة". وأضاف البيان: "إذا استمر ستارمر في تجاهل الحاجة إلى رادع لمنع المهاجرين من عبور القناة، فسيكون هناك المزيد من الوفيات في القناة، مع استمرار المزيد والمزيد من المهاجرين في عبورها، فهو بحاجة إلى السيطرة على الأزمة في القناة".
وعبر أكثر من 5400 شخص القناة في قوارب صغيرة في أكتوبر/ تشرين الأول من هذا العام، وهو أعلى رقم شهري منذ أكتوبر 2022. في المجموع، عبر أكثر من 27500 شخص القناة حتى الآن هذا العام، أكثر من الفترة نفسها في عام 2023. وألغى ستارمر مخطط ترحيل اللاجئين غير النظاميين إلى رواندا، والذي كان خطة الحكومة المحافظة السابقة لتثبيط عبور القناة.