كشفت مصادر مصرية خاصة، أن هناك اتفاقاً بين مصر والسودان على الخطوة التالية لإعلان مقترح اللجوء لرباعية دولية، من أجل إدارة مفاوضات أزمة سد النهضة، في حال استمر الرفض الإثيوبي لتلك الخطوة، قبل الشروع في الملء الثاني لخزان السد المقرر في يوليو/تموز المقبل. وذكرت المصادر لـ"العربي الجديد"، أن الخرطوم والقاهرة متفقتان على رفع القضية إلى مجلس الأمن الدولي، بناء على مطلب سوداني، ستعلن مصر دعمها الرسمي له قريباً. ومن المقرر قرع أبواب مجلس الأمن في الربع الأخير من شهر إبريل/نيسان المقبل، بعد الإعلان الرسمي عن مطلب اللجوء لرباعية دولية تضم الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
ستتجه مصر والسودان إلى مجلس الأمن في الربع الأخير من إبريل
وأوضحت المصادر، أن تصدّر السودان لتلك الخطوات يأتي بالاتفاق مع مصر، نظراً لكونه المتضرر الأكبر والمباشر من خطوة الملء الثاني للسد، الذي يبلغ مقداره 13.5 مليار متر مكعب من المياه، بما يمثل خطورة شديدة على نحو 20 مليون سوداني يعيشون بمناطق متأثرة بالسد. كما أن الأضرار ستلحق بسدّ الروصيرص السوداني، في حال لم تُعالج مشاكل سد النهضة أو الاتفاق على معالجتها.
وكشفت المصادر عن وساطات ثنائية من جانب كل من الكونغو الديمقراطية التي تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقي والسعودية بين أطراف الأزمة، من منطلق امتلاكها علاقات جيدة بالدول الثلاث (مصر، السودان، إثيوبيا). وتهدف الوساطات إلى تقريب وجهات النظر، ومنع رفع الأزمة إلى مجلس الأمن، عبر إقناع أديس أبابا بالقبول بالتفاوض حول النقاط الخلافية، وتحديد موعد زمني محدد لانتهاء المفاوضات، وإعلانها تأجيل عملية الملء الثاني لحين التوصل لاتفاق ملزم لكافة الأطراف.
ونوّهت المصادر المصرية، إلى أن القاهرة تدفع الخرطوم إلى الواجهة لفتح مسارات مع الجانب الأميركي، يضغط بموجبها على أديس أبابا، نظراً لحالة الفتور في العلاقات المصرية ـ الأميركية، بعد انتخاب الرئيس جو بايدن. وأشارت المصادر، إلى أن التركيز خلال فترة المهلة المصرية السودانية قبل التوجه إلى مجلس الأمن، سيكون على الرسائل الإعلامية المتعلقة بالأمن والسلم بالمنطقة، وارتباطه الوثيق بأزمة السد.
وفي السياق، تقدم السودان، أول من أمس الاثنين، بطلب رسمي لوساطة رباعية، لحل الخلاف حول ملء وتشغيل سد النهضة، في أعقاب فشل المفاوضات بين الدول الثلاث. وطلب رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك من واشنطن والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس والاتحادين الأفريقي والأوروبي، التدخل لأداء دور الوسيط في مفاوضات سد النهضة. وأبدى حمدوك خلال رسالته لأطراف الرباعية، رغبته في أن تنحصر الوساطة حول النقاط الخلافية، خصوصاً إلزامية الاتفاق، وعدم الزج بتقسيم المياه في المحادثات، وآلية حل النزاعات والقضايا الفنية الخاصة بالجفاف وتبادل المعلومات.
وسبق لمصر أن جددت رسمياً موافقتها على مقترح السودان بإيقاف المحادثات المباشرة وإنشاء وساطة دولية برئاسة الاتحاد الأفريقي، من أجل تأدية دور فعّال لكسر الجمود في المفاوضات الثلاثية، التي لم تنجح على مدى نحو 9 سنوات في التوصل لاتفاق حول السد. ويأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه وزير الري السوداني، ياسر عباس، في تصريحات صحافية أخيراً، إنه في حال فشل مفاوضات سد النهضة مع إثيوبيا، فمن حق السودان استخدام كل السبل للدفاع عن أمنها القومي. وشدّد عباس، على أن الملء الثاني للسد من دون اتفاق يهدد حياة 20 مليون سوداني، مؤكداً "نستطيع إبرام اتفاق قبل يوليو إذا توافرت الإرادة السياسية لدى الإثيوبيين".
الملء الثاني للسد من دون اتفاق يهدد حياة 20 مليون سوداني
وذكر أن "القاهرة تساند اقتراح الخرطوم بتشكيل رباعية دولية للوساطة" بشأن السدً، واضعاً إصرار إثيوبيا على عدم توقيع اتفاق قانوني مُلزم في سياق إقحام ملف "تقاسم المياه" في المفاوضات. وأضاف انه "إذا فشلت مساعي توسيع المفاوضات، فمن حقنا استخدام كل السُبل المشروعة للدفاع عن أمننا القومي التي تكفلها القوانين الدولية". وأفاد أن "مصر والسودان تتعاونان في تبادل الخبرات وتحسين سُبل استخدام الموارد المائية".
من جهته، أكد وزير الري المصري، محمد عبد العاطي، أن "الوصول لاتفاق قانوني ملزم لملء سد النهضة، يفتح الطريق لتعاون وتكامل إقليميين". وذكر، يوم الأحد الماضي، خلال مشاركته في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر بغداد الدولي الأول للمياه (أقيم في العاصمة العراقية يومي الأحد والاثنين الماضيين)، أن "التعاون بين دول المصبّ في دراسة وتنفيذ وتشغيل السدود ومشروعات البنية التحتية، هو النموذج الأمثل لتحقيق المنفعة المشتركة وتعزيز علاقات حسن الجوار، وأن مصر تسعى لإقرار هذا النموذج في علاقاتها مع دول حوض النيل". وأشار إلى أن "التوصل لاتفاق قانوني ملزم لملء وتشغيل سد النهضة يفتح الطريق لتحقيق تعاون وتكامل إقليمي، وجذب للاستثمارات التي ستسهم في تحقيق التنمية بجميع دول الحوض". وأكد عبد العاطي، أن مصر "ليست ضد التنمية في دول حوض النيل، ولكنها تعترض على أي فعل أحادي من دول منابع النيل، من دون الأخذ في الاعتبار مصالح دول المصب".