فجّرت عضو الكنيست الإسرائيلي السابقة كوليت أفيطال، والتي شغلت أيضاً مناصب رفيعة في السلك الدبلوماسي الإسرائيلي، أمس الخميس، قنبلة جديدة، عندما اتهمت الرئيس الإسرائيلي السابق ورئيس الحكومة ووزير الأمن شمعون بيريز بأنه حاول الاعتداء عليها جنسياً وتقبيلها عنوة، عندما كان رئيساً للحكومة عام 1984، ثم "محاولة استدراجها لسريره في غرفة أحد الفنادق في باريس عندما كان في زيارة رسمية".
وتشكل هذه الاتهامات مفاجأة للوهلة الأولى، بالنظر إلى أن أفيطال واصلت بعد هاتين الحادثتين، ولسنوات طويلة بعد تركها السلك الدبلوماسي وانتخابها عضواً في الكنيست عن حزب "العمل"، التعاون مع بيريز، مع ما رافق مسيرتها الدبلوماسية، منذ أواسط الثمانينيات من القرن الماضي، من شائعات وقصص عن علاقة خاصة بينها وبين بيريز، وكونها عشيقته، مما ساعدها في مسيرتها الدبلوماسية ثم الحزبية، وهي شائعات نفتها في كتاب مذكراتها الذي صدر قبل عامين تقريباً، لكنه لم يتطرق أبداً إلى الحادثتين اللتين كشفت عنهما أمس.
وتُعدّ كوليت أفيطال من أبرز النساء الإسرائيليات اللواتي تمكنّ من الوصول إلى وظائف رفيعة المستوى في الدبلوماسية الإسرائيلية، لا سيما في سنوات الثمانينيات، في أوج العدوان الإسرائيلي على لبنان، ولاحقاً خلال الانتفاضة الأولى، حيث شغلت في تلك السنوات منصب المسؤولة عن أوروبا الغربية في وزارة الخارجية، إلى أن تم تعيينها سفيرة في البرتغال عام 1987.
وعلى مدار مسيرتها السياسية، ارتبط اسمها بشكل أو بآخر بأحد أبرز وجوه السياسة الإسرائيلية، وهو شمعون بيريز، الذي تبوأ مناصب رفيعة منذ كان سكرتيراً لدافيد بن غوريون خلال حرب النكبة، ثم مديراً لوزارة الدفاع الإسرائيلية لسنوات طويلة، حتى دخوله الكنيست في أوائل الستينيات، ليتدرج في الحكومات الإسرائيلية التي كان يشكلها حزب "العمل" التاريخي، بدءاً بوزير البريد، ووصولاً إلى زعامة الحزب لأكثر من عقدين، وسط تنافس وصراع مرير مع خصمه اللدود إسحاق رابين، الذي استغرقه أكثر من عقدين، منذ سقطت حكومته الأولى واستقال منها بعد فضيحة أحفاده وزوجته بحساب دولارات في واشنطن خلافاً للقانون، مما اضطره للاستقالة وتسليم قيادة الحزب لبيريز.
وعلى مرّ هذه السنوات، حاول بيريز مراراً الفوز برئاسة الحكومة، ففشل عام 1981، رغم حصده عدد مقاعد أكبر من "الليكود" بقيادة مناحيم بيغن، في تشكيل ائتلاف حكومي، واضطر عام 1984 إلى تقاسم الحكم مع إسحاق شمير، خليفة بيغن، في أول حكومة وحدة وطنية، عُرفت لاحقاً باسم "حكومة الرأسين"، وكرر نفس التجربة عام 1987، إلى أن فشل بعد عامين في فكّ الحكومة وتشكيل حكومة بديلة بدون "الليكود"، بقيادته، في مناورة عُرفت لاحقاً بـ"المناورة القذرة".
وعلى مرّ تلك السنوات، ظل بيريز حاضراً في المشهد السياسي الإسرائيلي، لكن من دون أن يحظى بمحبة الإسرائيليين بشكل عارم، حتى إنه فشل بعد اغتيال رابين، وهو السياسي المخضرم والمجرب، في التغلب على بنيامين نتنياهو، الشاب العائد من أروقة الأمم المتحدة، قليل الخبرة في الحياة الإسرائيلية الحزبية.
ولعل المفارقة في الاتهامات التي وجهتها أفيطال أمس لبيريز،
بأنه حاول تقبليها عنوة عام 1984 في مكتب رئاسة الحكومة، ثم لاحقاً حاول استدراجها إلى غرفته في الفندق، هي أن بيريز، الذي خسر معركة التنافس على رئاسة الدولة في المنافسة الأولى له على المنصب، في يوليو/ تموز 2000، لصالح عضو كنيست فارسي الأصول، وغير رفيع المستوى رشحه "الليكود" هو موشيه قصاب، فاز بأغلبية بمنصب رئيس الدولة بعد كشف سلسلة الاعتداءات الجنسية التي نفذها قصاب ضد عدد ممن عملن تحت إمرته عندما كان وزيراً في حكومة نتنياهو الأولى، واضطر للاستقالة من منصبه.
لكن حتى في هذه المعركة، كان على بيريز أن يخوض الانتخابات في جولتين، بعد أن نافسه على منصب رئاسة الدولة في الجولة الأولى كل من رؤبين ريفلين وكوليت أفيطال، ولم يتحقق الفوز لبيريز بالمنصب في الجولة الثانية، إلا بعد أن سحب منافساه ترشيحهما، ومع ذلك فاز بالمنصب بأغلبية 86 صوتاً من أصل 120 عضو كنيست.
اتهامات أفيطال لبيريز، أمس الخميس، جاءت مفاجئة للفضاء الحزبي والسياسي في إسرائيل، الذي اعتاد، وباعترافها في مقابلة مطولة معها في "هآرتس"، نشرت اليوم الجمعة، التعامل معها على أنها صديقة، أو عشيقة بيريز. ومع أنها ادعت أنها أطلعت مساعده الأقرب يوسي بيلين على حادثة باريس، إلا أن الأخير قال في تعقيبه على النشر أمس واليوم إنه لا يذكر الحادثة.