تجد الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا نفسها أمام انتكاسة جديدة في المعركة المصيرية التي تخوضها مع جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) على تخوم مدينة مأرب، وذلك بعد خسارتها مديرية العبدية في الأطراف الجنوبية للمحافظة النفطية الواقعة شرقي البلاد.
وبعد أسابيع من الحصار الخانق، تمكنت جماعة الحوثيين من التوغل في العبدية، لتكمل سيطرتها على كافة الشريط الجنوبي لمحافظة مأرب، من رحبة وصولا إلى حريب ومناطق بيحان في محافظة شبوة.
وكانت مديرية العبدية واحدة من أبرز جبهات القتال الصلبة المناهضة للحوثيين جنوبي مأرب، وخلافا للاجتياح الحوثي السلس في مديريات رحبة وحريب وبيحان، حافظت العبدية على صمود وُصف بالأسطوري في وجه الهجمات الحوثية، رغم الحصار التام وعدم تلقي رجال القبائل فيها أي إمدادات من الحكومة الشرعية منذ 21 سبتمبر/ أيلول الماضي.
ورغم سيطرة الحوثيين على مركز مديرية العبدية الذي يضم مقر السلطة المحلية وإدارة الشرطة والمستشفى الحكومي الوحيد، فإن مجاميع من المقاومة الشعبية، وخصوصا قبائل بني عبد، رفضت الاستسلام وفضلت الانسحاب من مركز المديرية باتجاه سلاسل جبلية، حيث توعدت بقتال الحوثيين حتى الموت.
وأكد مصدر قبلي لـ"العربي الجديد"، اشترط عدم ذكر اسمه، أن قبائل بني عبد التي تتزعم المقاومة ضد الحوثيين تراجعت إلى سلاسل جبلية فاصلة بين مديريتي العبدية وحريب تدعى المكنّة، ولا يُعرف إلى أي مدى سيكون بمقدور ما تبقى من المقاتلين، الذين يعتبرون قتال الحوثيين مسألة حياة أو موت، مواصلة القتال.
وأكدت مصادر متطابقة لـ"العربي الجديد" أن رجال القبائل في العبدية قاموا قبل انسحابهم من مركز المديرية بتفجير عدد من مخازن السلاح الثقيل، حتى لا يقوم المقاتلون الحوثيون باستغلالها في المعركة ضد الشرعية، كما قاموا بنسف مركز الشرطة.
في هذه الأثناء، بدأ ناشطون حوثيون، اليوم السبت، بالترويج لمقتل القائد الميداني البارز عبد الحكيم الشدادي الذي رفض الاستسلام للحوثيين، من دون أن يتسنى التحقق من دقة تلك الأنباء، كما أن القوات الحكومية لم تعلن على الفور أي تفاصيل عنه.
ولا يُعرف حجم خسائر رجال المقاومة الشعبية في معركة العبدية، وبرز اسم الشيخ الطاعن في السن ناصر أحمد السعيدي بصفته شخصية ملهمة في الصمود عندما سقط أولاده الأربعة وهم في جبهات القتال دفاعا عن مناطقهم من الهجوم الحوثي، قبل أن يلتحق بهم أواخر الأسبوع الماضي.
وطيلة الأسابيع الماضية، عجزت القوات التابعة للحكومة اليمنية والتحالف السعودي الداعم لها عن فك الحصار الحوثي عن مديرية العبدية، فيما اقتصر دور الطيران الحربي للتحالف على إبطاء الهجوم اليومي للحوثيين.
وعلى الرغم من عشرات الغارات التي كان التحالف يحرص على الإعلان عنها في بيانات رسمية منذ مطلع الأسبوع الماضي، ويتحدث عن نجاح الطيران في قتل مئات العناصر الحوثية، فإن جماعة الحوثيين دفعت بآلاف المقاتلين في سبيل إسقاط العبدية وأطلقت عشرات الصواريخ الباليستية على مقر المديرية.
وسقط عدد من الصواريخ الحوثية على منشآت مدنية داخل العبدية، ومنها المرفق الصحي الوحيد، وهو ما جعل السلطات المحلية تعلن، أول من أمس الخميس، مديرية العبدية منطقة منكوبة، جراء القصف والحصار ومنع الحوثيين وصول الإمدادات الغذائية والدوائية إلى نحو 35 ألف نسمة.
وقوبل سقوط مديرية العبدية في أيدي الحوثيين بانتقادات واسعة في الشارع اليمني، حيث انتقد خبراء وناشطون تخاذل قيادة الحكومة الشرعية وعدم القيام بأي تحرك لفك الحصار عنها يوازي الملاحم البطولية التي سطرها رجال القبائل.
واعتبر ناشطون يمنيون أن الانتكاسات التي حصلت في مأرب لا تعود لعوامل قوة حوثية، بل إلى فساد وضعف أهداف وطموحات الأطراف التي دعمها التحالف، في إشارة إلى وحدات وألوية الجيش الوطني في مأرب.