سلام أميركي بعد السنوار

21 أكتوبر 2024
صورة السنوار مرفوعة خلال تظاهرة في صنعاء، 18 أكتوبر 2024 (محمد حمود/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يعكس تعليق نتنياهو على محاولة اغتياله فكرة التفوق العرقي، حيث يعتبر نفسه فوق الموت، ويواصل حربه ضد من يصفهم بأعداء إسرائيل، رغم قتل عشرات الآلاف من الأبرياء.
- تدعم بعض الدول الأوروبية، مثل ألمانيا، إسرائيل في ضرباتها على الأماكن المدنية، مبررة ذلك بأمن إسرائيل، بينما يقف آخرون مثل جون لوك ميلانشون والنائبة الإسبانية أيون بينارا ضد هذه السياسات.
- تظل حياة نتنياهو ليست أغلى من حياة الفلسطينيين، ويستمر النضال ضد الاحتلال حتى استعادة الحقوق، رغم محاولات ترويج السلام بعد السنوار.

لماذا يتوهّم بنيامين نتنياهو أن حياته أهم من حياة يحيى السنوار أو أي فلسطيني أو أي شخص آخر؟ يعكس تعليقه على محاولة اغتياله بالسؤال: "ماذا لو نجحت؟" فكرة التفوق العرقي التي تملأ عقله وعقول داعميه من الأجناس التي ترى نفسها فوق بقية البشر. قال إن "الذين حاولوا اغتيالي أنا وزوجتي ارتكبوا خطأ فادحاً، ومحاولة اغتيالي لن تردعني ولن تردع إسرائيل عن مواصلة حربنا ضد أعدائنا من أجل النهضة". يعتبر نتنياهو، وهو يخوض حرباً قتل فيها عشرات آلاف الأبرياء، أنه فوق الموت، وأن أولئك ينتمون إلى محور الشر، بينما يرتقي هو ومن معه إلى مرتبة ما فوق الإنسان "ماذا لو نجحت؟".

هي العقيدة نفسها التي جعلت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، تقول في جلسة برلمانية إن بلادها "لن تتردّد في دعم إسرائيل في ضرباتها على الأماكن المدنية، لأن الإرهابيين يستغلّونها". يرى الألمان المتصهينون أن قتل أولئك المدنيين أمر عادي جداً، ومعقول، لأنه يتعلق بأمن إسرائيل، الذي هو أمن ألمانيا، وهذه النقطة التي وصلت إليها بعض أوروبا هي قاع الإنسانية، لأنها انحدرت حتى وصلت إلى تبرير الإبادة، وهي تتفاخر وترى ذلك متاحاً ومبرراً، ومُجازاً. ولكنها بعض أوروبا فقط، فهناك خيّرون يقفون في المقابل، انظروا إلى ما يقوله جون لوك ميلانشون وحزبه في فرنسا، أو ما قالته النائبة الإسبانية أيون بينارا في مداخلتها في البرلمان، وهي ترفع صورة الشهيد شعبان الدلو، وتتهم رئيس وزراء بلادها بالتواطؤ في جرائم الإبادة في غزة، برغم الموقف الإسباني المشرّف عموماً من الحرب.

لن تكون حياة نتنياهو أبداً أغلى من حياة إسماعيل هنيّة أو حسن نصر الله أو يحيى السنوار، أو من استشهدوا قبلهم أو بعدهم. الغريب أن مسؤولين أميركيين وإسرائيليين يروّجون أن السلام أصبح ممكناً اليوم بعد السنوار، كأن السنوار كان هناك منذ عقود وهم يهجّروننا ويقتلوننا ويهدمون مدننا، وكان هو من يقف في وجه السلام، أو كأنه هو من أسقط اتفاقيتي أوسلو وكامب ديفيد وكل مهاترات السلام المزعومة، أو كأن ليس بيننا وبينهم أرض ودماء وثأر.

لن نشكر كفاية ذلك الارتباك أو ذلك الغباء الاتصالي الذي كشف لنا رباطة جأش الشهيد وهو يحارب إلى آخر رمق في حياته. حتى يبقى كما كان، رمزاً لأجيالٍ ستأتي من بعده، تحارب نتنياهو وبقاياه وتضربهم في بيوتهم، وتنجح في ذلك، إلى أن يأخذ أصحاب الحقّ حقّهم، بعد كل هذا الدمار والموت والتهجير ومرارة الخذلان والهزائم المتلاحقة، وستبقى مجرّد أوهام أميركية بسلام بعد السنوار.

المساهمون