مدّدت السلطات الإسرائيلية، اليوم الثلاثاء، الإقامة الجبرية بحق الطالبة سمية فلاح لمدة أسبوع إضافي، وهي ناشطة بحراك حيفا، وذلك بادعاء التواصل مع عميل أجنبي، بعد مشاركتها في مؤتمر في مدريد للطلبة الفلسطينيين، تناول ملف حق العودة في شهر أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.
وفلاح طالبة دكتوراه بموضوع البيئة في معهد "التخنيون" بحيفا، تم إبعادها عن حيفا يوم 11 يناير/كانون الثاني، بعد التحقيق معها وإبعادها إلى قرية عرب الهيب في بيت والديها بالجليل، وهي ناشطة سياسياً في حراك حيفا.
وفي حديث لـ"العربي الجديد" مع المحامي خالد محاجنة من طاقم الدفاع، قال: "استمراراً لسياسة الملاحقة ضد النشطاء من جميع الأطر والحركات الوطنية في الداخل الفلسطيني عملياً، من شهر مايو/أيار العام الماضي حتى اليوم، قامت المخابرات باستدعاء العشرات من النشطاء من أبناء الداخل الفلسطيني للتحقيق في تهم مختلفة، لكن هذه المرة تم رفع سقف الشبهات والتهم في اقتياد سمية واعتقالها في 11 من هذا الشهر، لتحقيق مخابراتي بتهمة التواصل مع عميل أجنبي".
وأوضح أن "الحقيقة أن سمية قد تواصلت مع طلاب فلسطينيين خلال المؤتمر الذي كان في مدريد حول حق العودة. عملياً هذا المؤتمر لم يصنّف كأنه خارج عن القانون أو المشاركة فيه ممنوعة"، مشيراً إلى أن "سمية قامت بالمشاركة، كأي شخص يمكن أن يتواصل مع أبناء الشعب الفلسطيني في خارج فلسطين وخارج البلاد". وقال: "هذه عملياً تهمة سمية. التواصل مع أبناء الشعب الفلسطيني. وهذا ما تحاول المخابرات الحدّ منه، ومنع أبناء الداخل من التواصل مع أبناء الشعب الفلسطيني".
وأضاف محاجنة: "الغريب أن المخابرات قامت باعتقال سمية والإفراج عنها في نفس اليوم بعد 12 ساعة من التحقيق، وهذا مفاجئ عملياً ومغاير لباقي الملفات التي قمنا بمتابعتها سابقاً"، لافتاً إلى أن سلطات الاحتلال قامت عملياً منذ 11 من هذا الشهر في فرض الإقامة الجبرية على سمية عدة مرات متواصلة، وتمّ اليوم تمديدها لفترة أسبوع آخر خارج مدينة حيفا، وإبعادها عن التعليم وعن أصدقائها وعلاقتها الاجتماعية".
وقال: "سوف نقوم بالاستئناف في المحكمة المركزية من أجل إلغاء هذا الأمر أو التقليل من الحبس المنزلي والإقامة الجبرية".
ورداً على سؤال حول قوله خلال الجلسة إن سمية لم تعرف أن خالد بركات عميل أجنبي، قال محاجنة: "سمية مثل باقي الآخرين، قامت بالمشاركة بهذا المؤتمر العلني الذي يتواجد فيه عدة طلاب فلسطينيين، وتمحور الحديث فيه حول حق العودة. عملية التواصل مع شخص معيّن هي عملياً حق لكلّ إنسان. العلاقة بين سمية وهذا الشخص لم تكن حول مواضيع أمنية ممكن أن تمسّ بأمن إسرائيل أو مخابرات دولة إسرائيل، إنما حديث عام وطبيعي واجتماعي، من دون أن تكون له علاقة أو صبغة أمنية، لكن المخابرات يمكن أن تصنّف هذا الشخص حسب إرادتها، وهي بيدها السلطة بتصنيف شخص معين كأنه عميل أجنبي أو لا، وهذا ما تواجهه سمية عملياً في هذه الملاحقة".
"حراك حيفا": لوقف الملاحقة السياسية بحق فلاح
وأصدر "حراك حيفا" بياناً طالب فيه بوقف الملاحقة السياسية بحق فلاح، مشيراً إلى أن العمل الوطني الفلسطيني لا يتوقف، وأجهزة الأمن الصهيونيّة لا تتوقّف عن قمعه.
وجاء في البيان: "في الـ11 من الشهر الجاري، اقتحمت أجهزة القمع الإسرائيلية (مخابرات وشرطة) منزل رفيقتنا سميّة فلاح، وصادرت حاسوبها، وفتشت هاتفها ثمّ اعتقلتها. وقد جرى التحقيق مع الرّفيقة سميّة في مكتب المخابرات في شرطة حيفا لمدّة 12 ساعة، ومن ثم تحويلها إلى الحبس المنزلي مع الإبعاد عن منزلها ومدينتها في حيفا. فوق ذلك، فرضت عليها الأجهزة الصهيونيّة قيوداً مشدّدة، من ضمنها منعها من التواصُل عبر الشبكة الرقمية وإجراء أيّ اتصال مع رفاقها في النضال".
وتابع: "على مدار الأيام اللاحقة، استدعى جهاز المخابرات الرفيقة إلى جولات تحقيق مختلفة ومتعدّدة، كما جرى تمديد اعتقالها المنزلي لفترات متواصلة، وتشديد العقوبات وظروف الاعتقال. إضافة إلى ذلك، بادرت أجهزة القمع إلى شنّ حملة تحريض عنصريّ مسموم ضد رفيقتنا عبر الإعلام الصهيوني مع ذكر تُهم "أمنية" و"خطيرة" لا أساس لها في الواقع".
وأشار الحراك إلى أن "هذه الأساليب الوحشية التي تستعملها أجهزة القمع ضدّ رفيقتنا سميّة اليوم، نحن نعرفُها عن قرب، ونعرف أيضاً الأساليب الأصعب منها، مثل التحقيقات والعزل طيلة أسابيع في زنازين المخابرات ومنع الاتصال بالمحامي. إنّه روتين نشاط المخابرات في مواجهة ناشطي النضال الفلسطيني، وقد مارسته من قبل ضدّ العديد من نشطاء الحراك، ولكن هيهات لهم أن يكسروا عزيمتنا وإصرارنا على مواصلة النضال في سبيل حقوقنا المشروعة".
وأكد حراك حيفا أن "الاحتلال يستخدم تهمة "الاتصال بعميل أجنبي" بالجُملة لتجريم التواصُل بيننا نحن أبناء الشعب الفلسطينيّ في الوطن والشتات، لكنّ هذا لن يغيّر من حقيقة أنّ الأجنبيّ في هذه المنطقة هم المستوطنون الذين يحاولون تثبيت وُجودهم هنا بالقوّة، وبشتّى الأساليب الاستعماريّة"، مضيفاً: "نحن شعب هذه الأرض، والتواصل مع بنات وأبناء شعبنا هو حقّ طبيعيّ لنا. من هُنا نؤكّد للعدوّ قبل الصديق أنّه لا توجد قوّة تقدر على ردعنا عن ممارسة هذا الحقّ - لا الترهيب، ولا الاعتقالات، ولا كلّ ما في جعبة جهاز الشاباك".