أفادت مصادر مقربة من "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) بأن زعيم الجماعة المعارضة أبو محمد الجولاني رفض الإفراج عن ميسر الجبوري، المعروف باسم "أبو مارية القحطاني"، أحد مؤسسي تنظيم "جبهة النصرةً"، على الرغم من ثبوت براءته خلال التحقيقات الأخيرة في ملف "عملاء التحالف"، وذلك بعد تقديم أدلة جديدة تُثبت تورط الأخير في اختلاس أموال وقضايا أخرى متعلقة بأمن منطقة إدلب شمال غربي سورية.
وقالت المصادر رافضة الكشف عن هويتها لأسباب أمنية، في حديث لـ"العربي الجديد"، إن "جهاز الأمن العام" (الذراع الأمنية لتحرير الشام في منطقة إدلب) كان من المقرر أن يخلي سبيل "أبو مارية القحطاني"، أحد أوائل مؤسسي تنظيم "جبهة النصرة"، خلال الأسبوع الحالي، بعد ثبوت براءته من ملف "عملاء التحالف"، لكن زعيم الهيئة رفض الإفراج عنه بعد تقديم دلائل تثبت تورطه في اختلاس الأموال وبعض القضايا الأمنية.
وأضافت المصادر أن القاضي الشرعي والعسكري البارز في "هيئة تحرير الشام" يحيى بن طاهر الفرغلي، المعروف بـ"أبي الفتح الفرغلي"، قدم خلال اليومين الماضيين أدلة وشهادات أمام زعيم "تحرير الشام" أبو محمد الجولاني، تثبت تورط "أبو مارية القحطاني" في قضايا اختلاس أموال بمبالغ طائلة من داخل ملاك الهيئة، واحتكار بعض التجار في المنطقة وفرض أموال شخصية عليهم بهدف تمرير مشاريعهم في المنطقة، بالإضافة إلى تقديم أدلة أمنية تُثبت تورط القحطاني في تهريب قادة وعناصر من تنظيم "داعش" من المناطق الشرقية الواقعة تحت سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، ومناطق سيطرة النظام السوري والمليشيات الإيرانية، عبر مناطق سيطرة المعارضة السورية إلى تركيا.
وأشارت المصادر إلى أن الجولاني سمح، قبل عدة أيام، لـ"أبو مارية القحطاني" بالتواصل عبر الهاتف مع جهاد عيسى الشيخ، المعروف باسم "أبو أحمد زكور"، وهو أحد أبرز قادة "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً)، الذي كان يعتبر المحفظة الاقتصادية للهيئة سابقاً، قبل انشقاقه عنها قبل مدة، وطلب منه القحطاني القدوم إلى منطقة إدلب مقدماً له ضمانات بعدم تعرضه للاعتقال أو المساءلة من قبل الجولاني وجهاز أمنه، إلا أن زكور رفض طلب القحطاني، واعتبر الاتصال مكيدة من الجولاني بهدف اعتقاله وتصفيته.
وكان "أبو أحمد زكور" قد أعلن في بيان رسمي، في 15 ديسمبر/ كانون الأول 2023، الانشقاق عن صفوف الهيئة، وذلك بعد تغيير سياستها، لا سيما في ما يخص العلاقات مع "الجيش الوطني السوري" المعارض والحليف لتركيا، والعامل في مناطق "درع الفرات، وغصن الزيتون، ونبع السلام"، شمالي سورية.
وحاولت "تحرير الشام"، بعد أيام من انشقاق زكور، اعتقاله خلال عملية أمنية في مناطق سيطرة "الجيش الوطني السوري" بريف مدينة أعزاز، شمالي محافظة حلب، ولكن العملية باءت بالفشل بعد تدخل مجموعات عسكرية من "الجيش الوطني" على أحد الحواجز القريبة من المناطق الفاصلة بين مناطق درع الفرات وغصن الزيتون بريف حلب الشمالي، بأوامر تركية.
وجمدت "هيئة تحرير الشام"، في أغسطس/آب 2023، صلاحيات "أبو مارية القحطاني"، أبرز قادة الهيئة وأحد القادة البارزين الذين اعتمد عليهم زعيم "تحرير الشام" أبو محمد الجولاني في تأسيس تنظيم "جبهة النصرة" (سابقاً)، في مناطق سيطرتها ضمن منطقة إدلب، شمال غربي سورية، في حين أكدت "الهيئة"، في بيانٍ لها حينها، أن "اسم أبو مارية القحطاني ورد في بعض التحقيقات التي أجريت مؤخراً، وبادرت اللجنة باستدعائه ومساءلته بكل شفافية ووضوح"، مضيفةً أنه "تبين للجنة المكلفة أن أبو مارية القحطاني قد أخطأ في إدارة تواصلاته دون اعتبار لحساسية موقعه أو ضرورة الاستئذان وإيضاح المقصود من هذا التواصل"، وإثر ذلك، جُمّدت مهامه وصلاحياته.
وكان عدة قادة ألوية يعملون لدى الجناح العسكري في "هيئة تحرير الشام" قد أعلنوا، في منتصف فبراير/ شباط الفائت، عن توقيف عملهم داخل الهيئة، وذلك احتجاجاً على التعذيب الذي تعرضوا له ضمن سجون "جهاز الأمن العام" (الذراع الأمنية لهيئة تحرير الشام) أثناء اعتقالهم بتهمة "عملاء التحالف" قبل أسابيع من الإعلان.