تشهد درعا البلد جنوبي سورية، منذ منتصف الليلة الماضية، هدوءاً حذراً بعد جولة جديدة من القصف المدفعي وسقوط ضحايا، إثر فشل المفاوضات في الوصول إلى اتفاق حول المنطقة، فيما جددت قوات النظام والطيران الروسي خرق وقف إطلاق النار في شمال غرب البلاد.
وتحدثت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، عن حالة من الهدوء شبه التام تسود في منطقة درعا البلد، منذ منتصف الليلة الماضية، بعد جولة من التصعيد قامت بها قوات الفرقة الرابعة بقذائف الهاون والمدفعية على حي الكاشف، ما تسبب بسقوط جرحى مدنيين. وكان القصف قد أدى، مساء أمس الإثنين، إلى مقتل شاب من سكان درعا البلد.
وجاء ذلك بعيد تعثر الجولة الأخيرة من المفاوضات بين النظام واللجنة الممثلة لدرعا، وعدم التوصل خلالها إلى أي اتفاق جديد حول المنطقة المحاصرة منذ 62 يوماً.
ويعيش في درعا البلد، وفق مصادر وتقارير، أكثر من 40 ألف نسمة يعانون بسبب الحصار المفروض من قوات النظام في ظل وجود الحليف الروسي، وفقدان المؤونة ونقص الخدمات الصحية ومياه الشرب، إضافة لانقطاع الكهرباء والاتصالات.
وقالت مصادر، لـ"العربي الجديد"، إنّ سبب تعثر المفاوضات هو تعنت النظام، ولجوءه إلى تصعيد الأعمال العسكرية بهدف زيادة الضغط على ممثلي الأهالي للقبول بشروطه التي تهدف إلى السيطرة على المنطقة وتهجير المعارضين له منها إلى الشمال، وهو ما يرفضه السكان.
وكانت قوات النظام قد استقدمت، أمس الإثنين، مزيداً من التعزيزات العسكرية إلى موقع مديرية الري قرب بلدة اليادودة غربي محافظة درعا، في إطار تعزيز الحصار على مدينة درعا وتعزيز نقاطها وتحصينها ضد هجمات متوقعة.
وفي شمال غرب البلاد، جددت قوات النظام والطيران الروسي خرق وقف إطلاق النار.
وقال الناشط مصطفى المحمد، في حديث مع "العربي الجديد"، إنّ طفلاً أصيب، مساء أمس الإثنين، بجروح جراء قصف مدفعي من قوات النظام السوري على بلدة تقاد في ريف حلب الغربي، فيما جدد الطيران الحربي الروسي، صباح اليوم الثلاثاء، غاراته على محيط قرية كفرميد في منطقة سهل الروج، وعلى محيط النقطة التركية في قرية أبو الزبير غربي إدلب.
وتسببت الغارات بأضرار مادية في ممتلكات المدنيين، ومنعت السكان من الوصول إلى الأراضي الزراعية التي يعملون فيها، فيما لم يتبين وجود أهداف عسكرية طاولتها تلك الغارات، بحسب الناشط.
وقال الدفاع المدني السوري، مساء أمس الإثنين، في بيان له، إنّ تجدد القصف من قوات النظام وروسيا على القرى والبلدات في عدة مناطق من شمال غرب سورية "يفرض حالة من عدم الاستقرار ويبث الذعر بين المدنيين".
وتشهد منطقة شمال غرب سورية -الخاضعة لاتفاق وقف إطلاق النار بين النظام والمعارضة برعاية روسية تركية- تصعيداً مستمراً لقوات النظام السوري وحلفائها منذ أسابيع، راح ضحيته عشرات المدنيين بين قتيل وجريح، جلهم أطفال ونساء.
استمرار التصعيد بين "قسد" و"الجيش الوطني"
في غضون ذلك، وفي شمالي البلاد أيضاً، يتواصل التصعيد على خطوط التماس بين مليشيات "قوات سورية الديمقراطية" "قسد" والجيش الوطني السوري.
وقالت مصادر محلية، لـ"العربي الجديد"، إن الجيش التركي قصف صباح اليوم مناطق في قرية يالنلي بناحية منبج بريف حلب الشمالي الشرقي، مضيفة أن القصف طاول عدة مواقع في القرية الخاضعة لـ"قسد". وتزامن ذلك مع قصف مماثل على مواقع في قرية الدردارة بناحية تل تمر في ريف الحسكة، بينما ذكرت مصادر إعلامية تابعة لـ"قسد" أن القصف تسبب بإصابة شاب وامرأة كانا يعملان في الأراضي الزراعية.
ونفت مصادر من "الجيش الوطني السوري" لـ"العربي الجديد" استهداف المدنيين، وأن القصف كان يستهدف تحركات لـ"قسد" التي تستخدم المدنيين غطاء لتحركاتها في المنطقة. وأضافت المصادر أن القصف جاء ردا على تحركات رصدتها طائرات الاستطلاع التابعة لـ"الجيش التركي"، مشيرة إلى أن تحركات جرى رصدها في ناحية عين عيسى بريف الرقة، لكن لم يجر استهدافها لأنها كانت ضمن أحياء سكنية.
نفت مصادر من "الجيش الوطني السوري" لـ"العربي الجديد" استهداف المدنيين
وذكرت المصادر أن دوريات روسية كانت تجري جولة صباح اليوم في ناحية الدرباسية بريف الحسكة، وكانت ترافقها مروحيات بهدف ضبط تحركات "قسد" التي تستدعي تدخلات بين الحين والآخر من الجيش التركي.
وتحدثت المصادر عن قصف تركي طاول مواقع لـ"قسد" في محاور عديدة بناحية عفرين، من بينها محاور قرى العلقيمة وشوارغة وقلعة شوارغة ومياسة وقنطرة، لم يتبين حجم الأضرار الناتجة عنها. وتزامنت مع اشتباكات بالأسلحة المتوسطة بين فصائل الجيش الوطني و"قسد" على محور قريتي كفر خاشر ومرعناز بناحية إعزاز في ريف حلب الشمالي.
وتحدثت المصادر عن تشييع "قسد" لقيادية عسكرية في صفوفها تدعى "سوسن محمد"، كانت قد قتلت في وقت سابق جراء قصف يعتقد أنه من طائرة تركية مسيرة استهدف أحد مقرات المليشيا في بلدة تل تمر بريف الحسكة. وبحسب المصادر، فقد جرى تشييعها في مناطق سيطرة "قسد" بريف حلب الشمالي.