تقوم "هيئة تحرير الشام" (جبهة النصرة سابقاً) بإصدار بطاقات شخصية "هويات" لسكان المناطق الخاضعة لسيطرتها، كبديل عن الهويات الصادرة عن الدولة السورية، التي يصدرها النظام في مناطق سيطرته.
واستحدثت "الهيئة" في هذا الإطار، دوائر نفوس في مختلف المدن والبلدات، منها ما هو خاص بأبناء المنطقة، ومنها ما هو خاص بالمهجّرين من مختلف المناطق السورية، فيما استحدثت سجلّ نفوس خاصا بالأجانب الذين قدِموا من معظم دول العالم للقتال في سورية.
ويعني هذا الأمر أن "هيئة تحرير الشام" ستمنح بطاقات هوية شخصية لكل من يقيم في إدلب، وستكون بديلة عن الهوية التي تصدر عن النظام.
كما سيُمنح المقاتلون الأجانب "الذين يقدّر عددهم بأكثر من خمسة آلاف مقاتل من أكثر من 50 جنسية مختلفة"، البطاقة نفسها، أي أن "الهيئة" ستتيح الفرصة للمقاتلين المعروفين بألقاب فقط لإلغاء بياناتهم الحقيقية، ودمجهم مع مليوني سوري، من خلال منحهم البطاقة نفسها والتعامل معهم كسوريين.
وستخلق البطاقة الجديدة أزمة على مستوى السوريين المهجرين، الذين يصعب التأكد من بياناتهم. أما على مستوى شكل البطاقة الجديدة، فستحمل رقماً وطنياً جديداً، مع تغيير اسم "الجمهورية العربية السورية" فيها إلى "سوريا" فقط، بعد استبدال التاء الموجودة باسم "سورية" إلى ألف.
وفي مناطق سيطرة "الجيش الوطني السوري" في الشمال السوري، تم إصدار بطاقات شخصية من قبل المجالس المحلية لسكان تلك المناطق، الخطير فيها هو حملها رقماً وطنياً تركياً، ومكتوبة باللغتين العربية والتركية.
ويعود السبب إلى أن المجالس المحلية في مناطق سيطرة "الجيش الوطني" تابعة للمجالس المحلية في المدن التركية المقابلة لها على الطرف الآخر من الحدود. وبالتالي، فإن هناك ربطا لسكان المنطقة بنظام النفوس التركي، يصبح بموجبه المواطن السوري وكأنه أجنبي مقيم على أرض تركية.
بعد مرور نحو عشر سنوات على تحول سورية إلى مناطق نفوذ بين أطراف متصارعة، قد يكون مبرراً إصدار بطاقات تعريفية لسكان المناطق الذين لا يتمكنون من استبدال أو استخراج هويات شخصية من مناطق سيطرة النظام، الذي لا يزال حتى اللحظة يمتلك كل الخدمات والوثائق التي تقدمها الدولة السورية بشكل رسمي ومعترف به، إلا أن استصدار بطاقات هوية كبديل للهوية السورية من شأنه أن يؤسس لكوارث مستقبلية.
ويتعلق الأمر خصوصاً في حال تم التوصل إلى حل سياسي في سورية، سواء على مستوى صحة البيانات وتضارب المعلومات، أو على مستوى إجراء تغييرات في بعض المفاهيم والأساسيات المرتبطة بالدولة، التي لا يجوز المساس بها إلا من خلال تغيير الدستور.
وعلى الرغم من أن تلك البطاقات لا تزال حتى الآن غير معترف بها خارج حدود المناطق التي تصدر منها، إلا أن الشكل الحالي الذي يتم العمل به عليها، يوحي بأن هناك ضوءاً أخضر تركياً لاستصدارها.
وبالتالي، يتم الاعتراف بها بذات الطريقة التي يتم التعاطي بها مع بطاقات مناطق "الجيش الوطني"، ما يكسب تركيا أوراق قوة إضافية قد تستغلها بأكثر من طريقة وبحسب ما تسمح الظروف الدولية.