أطلق ناشطون سوريون على وسائل التواصل الاجتماعي حملة لحض المجتمع الدولي على محاكمة نظام بشار الأسد، وسط دعوات إلى تنظيم "مظاهرات حاشدة" أمام محكمة العدل الدولية بالتزامن مع نظرها في دعوى قضائية ضد النظام السوري، قُدمت من قبل هولندا وكندا.
وتتضمن الحملة نشاطات متعددة، منها تقارير إعلامية، ومقالات، وندوات، على أن تتوج بمظاهرات "حاشدة" ووقفات في الداخل السوري وفي بلاد المهجر، أبرزها في هولندا أمام محكمة العدل الدولية يومي 10 و11 أكتوبر/ تشرين الأول.
ومن المقرر أن تنطلق المظاهرات بالتزامن مع جلسة الاستماع التي ستجريها محكمة العدل الدولية للنظر في الدعوى القضائية التي كانت قد تقدمت بها كندا وهولندا في منتصف العام الجاري على خلفية اتهامات للنظام السوري بارتكاب عمليات تعذيب واستخدام الأسلحة الكيميائية.
حدث مهم للثورة السورية
وذكر عبد المنعم زين الدين، وهو منسق عام في الثورة السورية، في حديث مع "العربي الجديد"، أن الحملة تطالب بإحالة محاكمة النظام لمحكمة الجنايات الدولية، مشيرًا إلى أنها ستوجه لكل الدول والمنظمات الدولية للمطالبة بمحاكمة نظام الأسد على جرائمه بحق السوريين.
واعتبر زين الدين نظر محكمة العدل الدولية بالدعوى المقدمة من هولندا وكندا "حدثاً مهمّاً للثورة السورية هو الأول في تاريخها، حيث يمثل نظام الأسد أمام أعلى سلطة قضائية تابعة للأمم المتحدة".
وبحسب قوله، فإنه يتوجب على السوريين استثمار ودعم هذا التطور، داعيًا إلى إرسال رسائل هامة في هذا الإطار وحث المحكمة على الإسراع في فرض تدابير عاجلة تحمي المعتقلين في سورية.
كما أشار إلى أن الحملة تهدف أيضًا لشكر الدول المتقدمة بمشروع المحاكمة ودعوتها للعمل على تحويل الملف إلى محكمة الجنايات الدولية.
وتسعى هولندا وكندا إلى تحميل النظام السوري المسؤولية أمام محكمة العدل الدولية عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان وعمليات تعذيب بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب التي صادقت عليها دمشق في عام 2004.
وكان رئيس تجمع المحامين السوريين غزوان قرنفل قد أوضح في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هناك فرقا بين محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية"، مبيّنا أن العدل الدولية أعلى هيئة قضائية دولية، ولكنها متخصصة بالفصل بالنزاعات التي تنشأ بين الدول بشأن تفسير أو تطبيق الاتفاقات الدولية.
فرض عقوبات
وفي السياق، رأى المحامي والحقوقي السوري عبد الناصر حوشان، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "أهميّة الدعوى تكمن في أنها تتعلق بعدم تنفيذ النظام التزاماته القانونيّة التي تنصّ عليها اتفاقية حظر التعذيب ومنع الاعتقال التعسفي وحماية الأشخاص من الاختفاء القسري".
وتابع: "تستند المحكمة إلى ذلك في فرض تدابير مستعجلة تهدف لحماية المعتقلين من التعذيب والكشف عن مصير المفقودين وربما بفرض وجوب إطلاق سراحهم دون قيد أو شرط".
وبيّن أن "أي قرار إدانة من قبل المحكمة، سيثبت أنّ النظام انتهك كل المبادئ والقواعد القانونيّة من ميثاق الأمم المتحدة والاتفاقيّات والمعاهدات الدولية، وهو ما يجعله مارقاً ومتمرداً على القانون الدولي".
وتابع قائلاً "هذا يستدعي فرض العقوبات المنصوص عنها بالمادتين 5 و6 من ميثاق الأمم المتحدة، وهي التجريد من حقوق العضوية والفصل من الأمم المتحدة وبالتالي سيكون الحكم في ما إذا كان بإدانته مدخل لمحاسبته عبر بوابة العدالة الجنائية الدولية لملاحقة مجرمي الحرب والمجرمين ضد الإنسانية أمام المحكمة الجنائية الدولية".
ووفق تقارير منظمات دولية مختصة، منها منظمة العفو الدولية، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، فإن النظام السوري ارتكب منذ عام 2011 مجازر "مروّعة" بحق السوريين بمختلف صنوف الأسلحة بما فيها المحرمة دوليا.
ووثقت العفو الدولية في عامي 2016 و2017، إعدامات جماعية بطرق مختلفة نفذها النظام السوري بحق عشرات آلاف المعتقلين في سجن صيدنايا سيئ السمعة في شمال شرقي دمشق.