حذر سياسيون ونشطاء من حرب أهلية طويلة في السودان، مشددين على ضرورة العودة إلى الحوار للوصول إلى حلول تجنب البلاد حرباً أهلية طويلة الأمد.
وتناولت الندوة التي نظمها منتدى التفكير العربي، الأحد، في العاصمة البريطانية لندن، تحت عنوان "السودان إلى أين؟"، الصراع الدائر في السودان ومآلاته، وفرص الوصول إلى تسوية سياسية تنهي الحرب الدائرة الآن.
وتباينت الآراء والمواقف حول طبيعة الصراع الذي يشهده السودان مؤخراً بين الجيش السوداني بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان من جهة، وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو "حميدتي" من جهة أخرى، معتبرين أن الصراع الحالي هو "تعبير عن فشل النخبة العسكرية"، ومحذرين من "أيد خارجية إقليمية ودولية باتت تلعب أدواراً أساسية في ما يجري في السودان".
وفيما أجمع المشاركون على ضرورة "تغليب صوت العقل والحكمة"، إلا أنهم اختلفوا في تفسير الظروف التي أدت إلى ما يجري اليوم، بين من يحمل القوى السياسية وخلافاتها المسؤولية عن تعثر التحول الديمقراطي والانتكاسة التي حصلت، وبين من يحمل من وصفوهم بـ"أنصار النظام السابق والإسلاميين" مسؤولية الانقلاب.
وأرجع الكاتب والباحث السوداني، محمد الأمين عثمان، الأزمة الحالية لخطأ القوى المدنية بالتوجه إلى الجيش، مشيراً إلى أن "المشكلة الحالية تعود لخطأ التأسيس، خاصة في المعادلة التي قدمت وتمخضت عن وثيقة 2019".
واعتبر محمد الأمين عثمان أن "التوجه مبكراً لقيادة الجيش لمطالبته بالتدخل كان خطأ كارثيا، إضافة إلى أن إدخال الجيش شريكا أساسيا في العملية السياسية هو خطأ آخر"، متهما "قوى الحرية والتغيير" بأنها "قامت بإقصاء مكونات عديدة من المجتمع السوداني، ودخلت في قضايا خلافية، فيما البلاد في مرحلة انتقالية". وأشار إلى أن هذا الأداء جعل الفترة الانتقالية عاجزة، وسهل انقلاب الجيش الثاني.
من جهته، قال الناطق باسم "قوى الحرية والتغيير" بالخارج، عمار حمودة، إنهم حذروا مبكرا من تعدد الجيوش، منتقداً "محاولة تحميل "قوى الحرية والتغيير" المسؤولية عن الانقلاب وتعثر التحول الديمقراطي، بدلا من الاعتراف بأن هذا فشل للعسكر"، الذين حملهم "مسؤولية الانقضاض على المسار الديمقراطي وتعطيله عبر انقلاب مخطط له".
ورأى حمودة أن "القوى السياسية التزمت بالوثيقة الدستورية، ولكن حينما رأت أن هناك محاولة من العسكر للالتفاف عليها واجهت ذلك"، معبراً عن اعتقاده بأن "ما جرى في 25 أكتوبر/ تشرين الأول كان انقلابا صريحا، وأن هذا الانقلاب كان مخططا له".
وفي معرض تعليقه على حقيقة وجود صراع علماني إسلامي في السودان، عبر القيادي في "الحرية والتغيير" عن رأيه بعدم وجود صراع إسلامي علماني، و"إنما خيار بين أن تكون ديمقراطيا أو غير ديمقراطي"، وأن المطلوب بحسب حمودة هو "جبهة مدنية عريضة يصطف فيها الجميع من أجل وقف الاقتتال واستعادة الديمقراطية".
أما الناشط السياسي والقيادي في "الحركة الشعبية لتحرير السودان" كمال كمبال، فرأى أن ما يشهده السودان اليوم هو "تعبير عن فشل النخبة العسكرية في إدارة الدولة"، مبيناً أن "المؤسسة العسكرية لها تاريخ طويل في صناعة المليشيات، إضافة إلى أن هناك بصمات واضحة لدول خارجية في ما يحصل الآن في السودان".
يذكر أن منتدى التفكير العربي بلندن ينظم ندوة شهرية تتناول بالبحث والدراسة التحولات في العالم العربي ومسار التحول الديمقراطي، ويجمع عرب المهجر في ندوة شهرية للتباحث في ملف من ملفات بلدانهم الأًصلية.