- قوات الدعم السريع تستخدم التخويف، التعذيب، والإعدامات لإجبار السودانيين على الانضمام، مما يعكس تدهور الوضع الإنساني ويهدد بأزمة مجاعة بسبب سيطرتها على الغذاء.
- ولاية الجزيرة، المركز الزراعي الحيوي، تأثرت بشدة بسيطرة هذه المليشيات على الأراضي الزراعية، مما يفاقم الأزمة الغذائية ويضع السودان على حافة أكبر أزمة جوع عالمية.
كشفت شبكة "سي أن أن" الأميركية، في تحقيق صحافي، أن مليشيات قوات الدعم السريع تخير السودانيين بين "التجنيد أو الموت"، مشيرة إلى أنها تستخدم فظاعات لإجبار السودانيين على الانضمام إلى صفوفها.
التحقيق، الذي نُشر اليوم الثلاثاء، توصل إلى أن قوات الدعم السريع جنّدت مئات الأشخاص قسراً، بينهم مئات الأطفال، خلال الأشهر الثلاثة الماضية، لافتاً إلى أن قوات الدعم السريع عمدت أيضاً إلى تقييد الاتصالات وتقييد الوصول إلى وسائل الإعلام، ما يصعب الحصول على إحصاءات.
وذكر شهود عيان بالتفصيل مجموعة من الممارسات القسرية التي تستخدمها قوات الدعم السريع لإجبار السودانيين على الانضمام إلى صفوفها، بما في ذلك التخويف والتعذيب والإعدامات الفورية وحجب المساعدات الغذائية والطبية.
وفيما حذّرت الأمم المتحدة مراراً من وقوع أزمة مجاعة كارثية في السودان، مع تدهور الإمدادات الغذائية وارتفاع الأسعار، تعمل قوات الدعم السريع على السيطرة على الغذاء في البلاد، وتستخدم التكتيكات القسرية لتحقيق أهدافها. وتشير روايات الشهود إلى أن من يرفض التجنيد يواجه خطر القتل أو الاعتقال.
وخلص تحقيق "سي أن أن" إلى أن ما يقرب من 700 رجل و65 طفلاً تم تجنيدهم قسراً من قبل قوات الدعم السريع خلال الأشهر الثلاثة الماضية في ولاية الجزيرة وحدها. وتحققت "سي أن أن" من هوية الضحايا من السكان وحصلت على مزيد من التفاصيل عنهم.
واندلعت حملة قوات الدعم السريع في قلب الأراضي الزراعية في السودان خلال فترة الذروة للزراعة والحصاد، مما أدى إلى تفاقم انعدام الأمن الغذائي في بلد يقف بالفعل على حافة المجاعة.
وحصلت الشبكة الأميركية على مقطعي فيديو وتحققت منهما من سكان قرية في ولاية الجزيرة. وفي أحد مقاطع الفيديو، سُمع عناصر قوات الدعم السريع وهم يصفون رجال القرية بـ "الكلاب" قبل أن تملأ الطلقات النارية الهواء. ويمكن مشاهدة عناصر الدعم السريع وهم يهينون السكان ويجبرونهم على السجود. وبحسب الشهود، فإن قوات الدعم السريع أعدمت ستة منهم بسبب رفضهم التجنيد.
وقال شهود إن عناصر قوات الدعم السريع، الذين كانوا يسعون إلى تعزيز صفوف المليشيا، استهدفوا قرية أخرى أيضاً في 27 فبراير/ شباط. وأفاد شهود عيان وناجون وأسر ضحايا بأن المليشيا حاولت تجنيد 20 شاباً من القرية. وعندما رفض السكان، أطلقوا العنان لما وصفه الشهود بـ"حملة رعب"، مؤكدين أنه تم نهب المنازل، وأُضرمت النيران في المحلات ومستودعات المواد الغذائية، وسرقوا أكثر من 30 مركبة قبل مغادرتهم القرية.
وذكر شهود عيان، بما في ذلك ناجون وأسر ضحايا، أن رفض إنذار قوات الدعم السريع يأتي على حساب الغذاء والمنزل والسلامة. ولم تذكر "سي أن أن" أسماء القرى والأشخاص الذين تحدثوا للشبكة، بسبب مخاوف من انتقام قوات الدعم السريع.
وتغذي ولاية الجزيرة في وسط السودان معظم سكان البلاد البالغ عددهم حوالي 48 مليون نسمة، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة. وتعد الولاية، التي تقع جنوب الخرطوم، عاصمة السودان، موطناً لواحد من أكبر أنظمة الري في العالم؛ مشروع الجزيرة. وقبل الحرب، كانت تنتج ولاية الجزيرة ما يقرب من نصف إجمالي القمح في السودان وتضم معظم احتياطيات البلاد من الحبوب.
وأصبحت هذه الحبوب الآن في أيدي قوات الدعم السريع، حيث تقوم بالاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية في الجزيرة.
وقال الخبير في شؤون القرن الأفريقي والمدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي، أليكس دي وال، حول ما سماه "أزمة الجوع الكارثية" التي أحدثها الصراع في السودان: "من يسيطر على الجزيرة، فإنه يسيطر على إنتاج الغذاء في البلاد".
ويرى المحامي في المركز الأفريقي لدراسات العدالة والسلام، محمد بدوي، أن التكتيكات القسرية والعنيفة التي تتبعها قوات الدعم السريع تشبه "نظام العمل القسري".
وتشير روايات الشهود إلى أن قبضة قوات الدعم السريع على الإمدادات الغذائية ليست سوى جزء من نظام الإكراه الموسع في الجزيرة.
وتحذر الأمم المتحدة من أن أكبر أزمة جوع في العالم تلوح في الأفق في السودان مع وصول الاستجابة الإنسانية إلى "نقطة الانهيار".