في انتهاك لواحد من أعرق طقوس انتقال السلطة في أميركا وأكثرها ديمومة، سيغادر دونالد ترامب البيت الأبيض، صباح غد الأربعاء، دون المشاركة في حفل تنصيب خلفه جو بايدن، مع ما يطرحه ذلك من تعقيدات، أبرزها تسليم ما يعرف بـ"كرة القدم النووية" التي تخول الرئيس الأميركي إطلاق هجوم نووي.
وذكرت شبكة "سي أن أن" أن تسليم "كرة القدم النووية" يمثل إحدى أهم اللحظات خلال يوم التنصيب الرئاسي، مشيرة إلى أنها عبارة عن حقيبة تحوي معدات تمكن الرئيس الأميركي من إثبات هويته وإصدار أمر بتنفيذ ضربة نووية، ويحملها في العادة مساعد عسكري يرافق الرئيس طوال الوقت، ولا يفارقه حتى لحظة مغادرته البيت الأبيض في الـ20 من يناير/كانون الثاني، الموعد الثابت لانتقال السلطة بين الرؤساء الأميركيين.
وجرى العرف، بحسب "سي أن أن"، أن يتم تسليم "كرة القدم النووية"، أو "حقيبة الطوارئ" كما تعرف أيضا، إلى مساعد عسكري آخر موجود بالقرب من مكان أداء بايدن اليمين الدستورية لتسلم مهامه، لكن الأمر سيكون مختلفا الأربعاء، حيث سيكون ترامب خارج العاصمة واشنطن خلال حفل تنصيب بايدن.
ويقول الخبراء إن "حقيبة الطوارئ" ستكون على ما يبدو مع ترامب أثناء سفره إلى فلوريدا، ما يعني أنه ستكون هناك حقيبتان في مكانين مختلفين يوم الأربعاء، ما يمثل تحديا غير معهود في ضمان انتقال سلس للسلطة.
لكن مقال "سي أن أن" أشار، على لسان الخبير بالشؤون النووية ستيفن شوارتز، إلى أن هناك تدابير احتياطية تتيح تبادلاً سلساً لزر التحكم بالسلاح النووي من رئيس لأخر، رغم هذا الطارئ غير المعهود على امتداد سنوات خلت.
تسليم "كرة القدم"
وأوضحت "سي أن أن" أنه على خلاف الاعتقاد السائد، فإن "كرة القدم النووية" لا تضم زراً أو رموزاً مشفرة يمكنها أن تطلق أوتوماتيكياً سلاحاً نووياً، بل تحتوي على المعدات والصلاحيات اللازمة التي تسمح للرئيس الأميركي بإصدار الأمر بشن ضربة نووية.
وبحسب شوارتز، "هنالك ما لا يقل عن ثلاث أو أربع كرات قدم متطابقة: واحدة تتبع للرئيس، وواحدة تتبع لنائب الرئيس، وواحدة يتم وضعها جانبا للمسؤول الناجي وفق الترتيب الدستوري خلال أحداث مثل التنصيب الرئاسي وخطب حالة الاتحاد".
The exchange of the "football," which contains the equipment the President would use to authenticate his orders and launch a nuclear strike, will happen a bit differently since Trump is not attending Biden's inauguration. https://t.co/gkf9QKB3xE
— CNN (@CNN) January 19, 2021
وأضاف الخبير في تصريحه لـ"سي أن أن": "يوم 20 يناير/ كانون الثاني، ستكون الكرات الإضافية خارج المدينة مع المخولين بحملها، ما سيجعلنا أمام حقيبة واحدة لدى نائب الرئيس مايك بنس، ما عدا إن كان المكتب العسكري بالبيت الأبيض قد أعد أو لديه احتياط آخر".
وإضافة لذلك، توضح "سي أن أن"، فإن أي رئيس أميركي مطالب بحمل بطاقة بلاستيكية تعرف بـ"البسكويت" طوال الوقت، تضم رموزاً مشفرة تستخدم لإثبات هويته، والمخول حصرا، وفق الدستور، بإصدار الأمر بإطلاق هجوم نووي.
وبهذا الصدد، قال شوارتز إنه بموجب التعديل الـ20 من الدستور، فإن ترامب سيظل رئيسا حتى الثانية الأخيرة قبل الثانية عشرة زوالا من يوم 20 يناير/ كانون الثاني، وحتى تلك اللحظة فإنه الوحيد المخول قانونا بإصدار الأمر باستخدام كل الترسانة النووية أو أي جزء منها.
وأضاف أنه في حال رافق مساعد ترامب مع كرة القدم النووية خلال رحلته نحو فلوريدا صباح الأربعاء، فإن المساعد نفسه سينسحب منتصف النهار ويعود للعاصمة واشنطن حاملا حقيبة الطوارئ.
تبادل السلط
بعد تلك اللحظة، ستسحب صلاحية إصدار ضربة نووية من ترامب وسيتم أوتوماتيكيا إبطال الرموز المشفرة التي يحملها معه، بحسب الخبير الأميركي، الذي أوضح أن بايدن ستصبح بين يديه كل تلك الصلاحيات لإطلاق هجوم نووي على الفور.
ويعني ذلك أنه إذا قرر ترامب بعد مرور ثانية واحدة على الثانية عشرة من يوم الأربعاء إصدار الأمر بشن ضربة، فإن ذلك سيعتبر خرقاً للقانون وسيتعين على القادة العسكريين المكلفين بعمليات الإطلاق رفض تنفيذ الأمر.
ويتم تبادل السلط النووية من خلال قطعة "البسكويت" التي ستصبح لاغية بالنسبة لترامب، فيما سيتسلم بايدن قطعته صباح الأربعاء، حينما سيتلقى، برفقة نائبته كمالا هاريس، إفادة حول كيفية إصدار الأمر بالبدء بهجوم نووي. لكن الرموز المشفرة الخاصة بهما على قطعة "البسكويت" لن تكون مفعلة إلا بحلول الثانية عشرة زوالا من يوم الأربعاء.
وفي أعقاب اقتحام أنصار ترامب لمبنى الكابيتول، كانت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي قد أعلنت أنها تحدثت مع رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي في ما يتعلق باتخاذ إجراءات احترازية لضمان عدم تمكن ترامب من القيام بأعمال عدائية أو إصدار أمر بشنّ ضربة نووية في الوقت المتبقي له في السلطة.
وقالت بيلوسي في خطاب لزملائها "الموقف مع هذا الرئيس المختل لا يمكن أن يكون أكثر خطورة، وعلينا أن نفعّل كلّ ما بوسعنا لحماية الشعب الأميركي من اعتدائه غير المتزن على بلادنا وعلى ديمقراطيتنا".