صحوة في تونس؟

23 سبتمبر 2024
تظاهرة ضد السلطة في تونس، 13 سبتمبر 2024 (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- المعارضة التونسية تعود إلى الشارع مجدداً، محتجة على تعديل القانون الانتخابي الذي طرحته السلطة قبل أيام من الانتخابات، مما أثار موجة رفض واسعة.
- التظاهرة نظمتها الشبكة التونسية للحقوق والحريات، وشهدت تصاعداً في النشاط المعارض، مع رفع شعار "كفى عبثاً" في شارع بورقيبة.
- التعديل المقترح ينزع الرقابة الانتخابية من المحكمة الإدارية ويمنحها للقضاء العدلي، مما يتعارض مع الدستور ويثير تساؤلات حول شرعية الانتخابات المقبلة.

تعود المعارضة التونسية مجدداً إلى الشارع محاولة أن تدافع عما تبقى من أمل في ديمقراطية وليدة دمّرتها جهات عديدة، من بينها نخبة المعارضة نفسها بسجالاتها وخلافاتها التي لا تنتهي. وأمس الأحد، خرج تونسيون مجدداً إلى شارع بورقيبة وسط العاصمة تونس رافعين شعار "كفى عبثاً".

التظاهرة كانت للمرة الثانية وفي ظرف زمني وجيز من تنظيم الشبكة التونسية للحقوق والحريات، التي تضم عدداً من الأحزاب والجمعيات والمنظمات، وهي تشهد تصاعداً واضحاً في نشاطها المعارض للأوضاع في تونس.
وسبب الاحتجاج هو ما أقدمت عليه السلطة، الجمعة الماضي، بطرح مشروع تعديل القانون الانتخابي قبيل أيام من انتخابات 6 أكتوبر/تشرين الأول المقبل. وهي خطوة فاجأت الجميع بسبب عدم معقوليتها أخلاقياً وسياسياً، وحتى قانونياً، ما فجّر موجة رفض واسعة. وخلاصة التعديل المطروح أنه ينزع من المحكمة الإدارية رقابتها على الانتخابات ويمنحها للقضاء العدلي، وفيه هروب واضح من السلطة من المحكمة الإدارية التي بقيت مؤسسة مستقلة غير خاضعة، وغير خائفة من السلطة.

وهذه المبادرة لتنقيح القانون الانتخابي، بحسب رجال القانون، تتعارض مع الدستور ومع منطق القانون عامة، لأن المحكمة الإدارية هي صاحبة الاختصاص الأصيل في الرقابة على شرعية القرارات الإدارية.
لقد كانت المحكمة الإدارية التونسية على مدى سنوات طويلة مؤسسة قادرة على الوقوف في وجه السلطة التنفيذية، أسقطت لها قرارات وقوانين وانتصرت حتى لأفراد لجأوا إليها في مواجهة الدولة، فأنصفتهم. وفي هذه الانتخابات، قررت المحكمة الإدارية إعادة مرشحين أقصتهم هيئة الانتخابات، وطالبت بتنفيذ قراراتها لأنها باتة. وتعرف السلطة وهيئة الانتخابات أن الطعن في هذه الانتخابات بعد الاقتراع أمام المحكمة نفسها سيؤكد عدم شرعيتها، ولذلك جرى اللجوء إلى هذا الحل السياسي قبيل أيام من الانتخابات.

ولكن ردود الفعل، المدنية والحزبية، كانت رافضة وواسعة، ما أعطى انطباعاً بوجود صحوة تونسية في الدفاع عن المؤسسات وعن هذه الديمقراطية التي تُقتل، ولكنها لا تزال تتنفس وتحارب وتدافع عن نفسها. استعرض تونسيون على مواقع التواصل الاجتماعي نماذج من وضع الحريات أيام الديمقراطية في السنوات الماضية، ما يسميه البعض بـ"العشرية السوداء". وتباكى كثيرون على تلك الأيام وعلى الحرية التي كان ينعم بها الجميع، والتي ضيّعوها بخلافاتهم الصغيرة، واليوم يتأسفون عليها، من دون أن يتنازلوا طبعاً عن كبريائهم الأيديولوجي، فذاك لا تنازل ولا تراجع عنه، فهل هي بداية صحوة حقيقية أم مجرد تسجيل نقاط؟ لا شك أن الأيام القادمة ستمتحن الجميع وتضعهم أمام الأسئلة التاريخية الصعبة، أسئلة وطن وأسئلة حرية.