صيف تونس الساخن جداً

27 مايو 2024
سعيّد لدى استقباله رئيس الحكومة والوزيرين المُقالين (صفحة الرئاسة على فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تونس تستعد لانتخابات رئاسية في ظل تحفظ الرئيس قيس سعيّد على موعدها، مما يضع البلاد أمام صيف ساخن وغموض سياسي.
- إجراء تحوير جزئي على الحكومة من قبل سعيّد، يشمل تعيينات جديدة لوزارات رئيسية، في خطوة تظهر إعادة تنظيم الصفوف قبل الانتخابات.
- المعارضة التونسية تظل منقسمة ومشتتة، فيما تشهد الساحة السياسية توترات وهجمات بين الفرقاء، مما يعكس تحديات كبيرة أمام الحوار الوطني والعملية الانتخابية.

 

تستعد تونس لصيف ساخن جداً عشية انتخابات رئاسية منتظرة في سبتمبر/ أيلول أو أكتوبر/ تشرين الأول، إن كُتب لها أن تجرى في موعدها، ذلك أن هذا الأمر لا يزال في علم الرئيس التونسي قيس سعيّد وحده، هو الذي ما زال يحتفظ بكل الأوراق بين يديه، ولا يكشف شيئاً لمنافسيه ومعارضيه الذين يسبحون في الفرضيات، وينتظرون المبادرة ليردّوا الفعل بينما ينسحب منهم الوقت شيئاً فشيئاً.

وفي خطوة مفاجئة، أقدم سعيد، في ساعة متأخرة من مساء السبت الماضي، على إجراء تحوير جزئي على الحكومة، عيّن بمقتضاه خالد النوري وزيراً للداخلية خلفاً لكمال الفقي. كما اختار كمال المدوري وزيراً للشؤون الاجتماعية خلفاً لمالك الزاهي. أيضاً، عُيّن سفيان بن الصادق كاتبَ دولة لدى وزير الداخلية مكلفاً بالأمن الوطني. وقال بيان الرئاسة إن "سعيّد استقبل إثر ذلك كلا من السّيدين كمال الفقي ومالك الزاهي، بحضور السيد أحمد الحشاني، رئيس الحكومة".

ولم يبين بيان الرئاسة ما إذا كان الوزيران المُقالان سيُدعيان إلى أداء مهام أخرى، حيث يعتبران من أقرب الشخصيات السياسية إلى سعيّد، ومن المنظّرين لما يسمى بمسار 25 يوليو (2021). ويُعرف عنهما أنهما كانا على علاقة قوية بسعيّد قبل أن يصعد إلى السلطة. ولا تبدو الجملة الأخيرة عن استقبال سعيّد الشخصيتين إثر الإقالة بلا رمزية أو معنى، ذلك أنها لم ترد في أخبار إقالات سابقة، وهي تنبّه، في أقل الاحتمالات، إلى نوعية العلاقة بين الثلاثة.

وفي كل الأحوال، الثابت أن سعيّد بدأ يُعد للمرحلة الجديدة، وينظّم صفوفه، ويرتّب فريقه الجديد عشية الإنتخابات المقبلة. بينما لا تزال المعارضة منقسمة ومشتتة وعلى خلافاتها القديمة ذاتها، وحساباتها الأيديولوجية نفسها. وتعج صفحات الناشطين السياسيين التونسيين على فيسبوك بصور ومواقف هذه الانقسامات، والتمترس خلف الأفكار نفسها. وشهدت تظاهرة يوم الجمعة الماضي التي قادها شباب يساريون موجة من الهجوم العنيف من كل حدب وصوب، ذلك أنهم رفعوا، من بين شعاراتهم الكثيرة المدافعة عن حرية التعبير، شعار "لا للإخوان ولا للدستوريين ولا للإخشيديين" (نسبة لأنصار سعيّد)، وكشفوا بوضوح عن انتمائهم.

وكان هذا كافياً لتلقي سيل من الهجمات العنيفة، بيّنت ضيق صدر كل فريق بالآخر، وقصراً في محاولة تجميع الأدنى المطلوب لتجاوز هذه العسرة التي تمرّ بها البلاد، ومحاولة فرض حوار على السلطة يقود أساساً إلى إطلاق سراح المساجين ورفع الضغط على حرّية التعبير، والاتفاق على الذهاب إلى صندوق انتخاباتٍ شفّاف يفصل بين الجميع، ويعيد الكلمة للتونسيين ليختاروا بكل حرية من يمثلهم.