لم تعلن أية جهة حتى الآن مسؤوليتها عن تنفيذ ضربات طيران مجهول لمواقع في الجنوب السوري صباح اليوم الاثنين، والتي استهدفت إحداها منزل أحد مهربي المخدرات المتعامل مع النظام السوري، الذي تجاهل تلك الضربات ولم يصدر عنه، أو عن وسائل إعلامه أي رد فعل تجاهها.
ويقول محللون إن توقيت الغارة يفتح المجال للكثير من التحليلات، متسائلين عن سبب وقوعها الآن، وبعد زيارة وزير خارجية النظام فيصل المقداد إلى الأردن، وإعلان عودة سورية إلى الجامعة العربية.
وتُعتبر هذه الضربات هي الأولى لسلاح جوي في السويداء، وقد جاءت بعد تصريحات لوزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي لقناة "سي أن أن" في 6 مايو/أيار، هدد فيها بشن عملية عسكرية في داخل العمق السوري، والقيام بما يلزم لمواجهة تهريب المخدرات عبر الحدود، بما في ذلك القيام بعمل عسكري داخل سورية.
المحامي والناشط الحقوقي في مدينة السويداء سليمان العلي يرى، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن "هذه الضربات تحمل رسائل مُتفقاً عليها، وتُؤسس لمشروع جديد في المنطقة، وهي نتاج حصار جديد للنظام السوري ضمن اتفاق يُنفذه على مضض، بعد لقاءات عربية سورية وأردنية سورية، كان آخرها زيارة وزير خارجية النظام فيصل المقداد إلى الأردن".
وأضاف أن "الضربات جاءت بعد تمهيد سياسي من خلال تصريحات الوزير الأردني واتصاله، قبل أمس، مع نظيره الأميركي، ثم اجتماع الوزراء العرب في القاهرة وعودة النظام المشروطة إلى الجامعة العربية".
وأضاف العلي: "يبدو أننا أمام مرحلة جديدة تتسارع فيها الأحداث، فالنظام السوري متهالك، ويعاني من أزمات، أهمها اقتصادي، في الوقت الذي لم تساهم فيه الدول العربية بأي محاولة لوقف الانهيار الاقتصادي، والداعم الإيراني سارع إلى دمشق لتأمين الديون المتراكمة عليها نتيجة الانخراط في الحرب السورية، فيما لم يصدر عن القيادة الروسية أية تصريحات مؤيدة أو مُعرقلة للمسار العربي، وبالتالي نحن أمام مبادرة عربية بدأتها السعودية بالتقارب مع إيران، وبزيارة لولي العهد السعودي إلى موسكو، وبمباركة من الجانب الأميركي".
وتابع: "في الوقت الذي أحدث فيه قرار عودة النظام إلى الجامعة العربية صدمة لدى الشارع السوري بشقيه الموالي والمعارض، بدأت تتضح لهذا الشارع ماهية القرار العربي والحراك الأردني الأخير".
ويذهب الناشط المدني منيف رشيد من مدينة السويداء، في حديثه لـ"العربي الجديد"، إلى أنه "لا يمكن إغفال الدور "الإسرائيلي" في المنطقة، وخاصة في الجنوب السوري"، مؤكداً "خشيته أن تصب هذه الاتفاقات في صالح العدو الإسرائيلي، وتكون هذه الضربات مقدمة لإشعال الجنوب السوري، وخطوة لاجتياح أردني مدعوم عربياً ودولياً"، بحسب قوله.
ويضيف: "ما يزيد قلقنا في الجنوب أن هذه المنطقة تشهد تخلياً تدريجياً لمؤسسات الدولة الخدمية عن مهامها، في الوقت الذي تشهد فلتاناً أمنياً على كامل مساحة محافظتي درعا والسويداء. من جهة أخرى، لا أعتقد أن النظام السوري قادر على تنفيذ الشروط العربية، التي بمجملها تحقق القرار الدولي 2254، وسيسعى كعادته للمماطلة بانتظار تغير الظروف الدولية من أجل تغيير المواقف".
وقال رئيس تحرير موقع "الراصد"، الناشط في الجنوب السوري سليمان فخر، لـ"العربي الجديد"، إن توقيت الغارة يفتح المجال للكثير من التحليلات، متسائلاً عن سبب وقوعها الآن، وبعد زيارة المقداد إلى الأردن وإعلان عودة سورية إلى الجامعة العربية.
ويضيف: "الأردن، ومن خلفه الدول العربية، يريد كسب تنازلات من النظام السوري أكثر وإظهار أنه غير مكترث بملف المخدرات، وبالتالي اضطر الأردن للتدخل في الأراضي السورية بالرغم من أن هذا دور الحكومة السورية بطبيعة الحال".
وتابع: "الأردن نجح في إظهار النظام السوري بمظهر المقصر في ملف تهريب المخدرات، فهو استطاع تحييد أكبر تجار المخدرات، وهو موجود في الأراضي السورية، ليقول (لو أرادت سورية معالجة ملف المخدرات لاستطاعت)"، وفق قوله.
وتابع سليمان فخر: "الحكومة السورية الآن ليست في موضع الرد أو الإدانة أو التصعيد مع العرب، وهي التي هلّل إعلامها الرسمي لقرار عودتها إلى الجامعة، وبالتالي إن صمت النظام السوري يعد قبولاً باتهامه بالتقصير، وإدانته تعني دفاعاً عن تجارة المخدرات، وبالنتيجة، فإن ما حصل يشكل إحراجاً كبيراً للنظام في يوم عودته إلى الجامعة العربية".
وأكد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، اليوم الاثنين، وجود اتفاق مع النظام السوري على تشكيل فريق للحرب على المخدرات، مشدداً على أنه "عندما نتخذ أي خطوة لحماية الأمن الوطني ومواجهة أي تهديد له، سنعلنها في وقتها المناسب"، وذلك في رد على سؤال حول أنباء عن قصف أردني للجنوب السوري، والذي لم ينف وقوف بلاده وراءه، كما لم يؤكده.
واعتبر الناشط المدني محمد الحربي، أحد أهالي محافظة درعا، في إفادته لـ"العربي الجديد"، أن الغارة التي حصلت صباح اليوم لا يمكن فصلها عن التطورات السياسية في الملف السوري، بدءاً من زيارة الرئيس الإيراني إلى سورية، وانتهاء بقرار عودة سورية المشروطة إلى الجامعة العربية، مشيراً أيضاً إلى قانون الكبتاغون الأميركي الذي دخل حيز التنفيذ.
وأضاف الحربي أنه لا يستبعد أبداً التنسيق بين الأردن والنظام السوري على الغارة في حال كان الجانب الأردني هو المنفذ.