حسمت حركة طالبان، الحاكمة في أفغانستان، موقفها، اليوم السبت، وقررت عدم المشاركة في اجتماع المبعوثين الخاصين لأفغانستان الذي تستضيفه الدوحة، ويترأسه الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس، غداً الأحد.
واعتذرت حكومة "طالبان" عن المشاركة، حيث أصدرت وزارة الخارجية الأفغانية بياناً اليوم، أوضحت فيه مطالبها لحضور الاجتماع، مشيرة إلى "ضرورة أن تكون الجهة الوحيدة المسؤولة في الاجتماع، وأن تتوفر فرصة لإجراء مناقشات واضحة بين الإمارة الإسلامية والأمم المتحدة لكلّ القضايا على مستوى عالٍ حتى تكون المشاركة حاسمة"، مضيفة أنه "نظراً لعدم إحراز تقدم في هذا المجال، فإن المشاركة لن تكون ناجحة وتعتبر الإمارة أنها لن تكون مفيدة".
ودعت "حكومة إمارة أفغانستان الإسلامية"، "الأمم المتحدة إلى تفهم الحقائق على الأرض، وألا تقع تحت تأثير وضغط أطراف محددة، وأن النظام الحالي في أفغانستان لا يقع تحت تأثير أحد، كما كان حال النظام الحاكم خلال العشرين سنة الماضية".
وتشهد الدوحة على مدى يومين، اجتماعاً تنظمه الأمم المتحدة، بحضور الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس و25 مبعوثاً خاصاً إلى أفغانستان، بهدف مناقشة تعزيز مشاركة المجتمع الدولي بطريقة أكثر تماسكاً وتنسيقاً في أفغانستان، وتحقيق تفاهم مشترك داخل المجتمع الدولي حول كيفية التواصل مع "طالبان".
واستضافت دولة قطر في شهر مايو/ أيار من العام الماضي، الاجتماع المغلق للمبعوثين الخاصين لأفغانستان، والذي ترأسه غوتيريس، وناقش سبل تعزيز الاستقرار، والعمل متعدد الأطراف في أفغانستان، والتحديات التي تواجه العمل الإنساني وتعوق وصول المساعدات إلى الشعب الأفغاني.
وتأتي استضافة دولة قطر للاجتماع، انطلاقاً من موقفها الداعم لأفغانستان، والتأكيد على أهمية الحوار لتحقيق تطلعات الشعب الأفغاني في الحياة الكريمة والتقدم والازدهار، وصون حقوق الأقليات، لا سيما النساء.
ومن المقرر أن يعقد غوتيريس مؤتمراً صحافياً في ختام اجتماع المبعوثين، للإعلان عن نتائجه.
وفي السياق، قال القائم بأعمال مكتب حكومة "طالبان" في الدوحة محمد نعيم لـ"العربي الجديد" في وقت سابق، إن "حكومة طالبان تلقت دعوة للمشاركة في الاجتماع، إلا أن قرار مشاركتها في الاجتماع ما زال غير واضح".
ونقلت وسائل إعلام أفغانية عن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك قوله، إنه "بسبب وضع حقوق الإنسان في أفغانستان، فإنه سيتم سماع صوت المرأة الأفغانية في اجتماع الدوحة"، وبحسب دوجاريك، فإن "ممثلي الدول سيجتمعون أيضاً مع "طالبان"، وممثلي المجتمع المدني، والنساء، في هذا الاجتماع".
وأضاف: "من المؤكد أن النقطة المحورية في اهتمامنا وعملنا في أفغانستان هي استعادة حقوق الإنسان، وخاصة حقوق النساء والفتيات". وقال إن "هذا الاجتماع سيكون اجتماعاً للممثلين بشأن أفغانستان، وبالتالي فإن المنظمات الإقليمية للدول الأعضاء ستجتمع مع طالبان، وسيكون هناك أيضاً اجتماع للممثلين مع المجتمع المدني، بما في ذلك الجماعات النسائية، لأنه من المهم أن يكون صوت النساء الأفغانيات مسموع".
وطالبت نساء أفغانيات المجتمع الدولي بعدم الاعتراف بحركة طالبان ما لم تقم بإلغاء القيود المفروضة على النساء والفتيات، وحذرن من أن سجل "طالبان" في مجال حقوق المرأة يبرهن على أنه لا يمكن الوثوق بها لتحسين الوضع الحالي.
وجاء ذلك في تقرير أصدرته بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان (يوناما) الخميس، يستعرض وجهات نظر النساء في مختلف أنحاء أفغانستان بشأن وضعهن الحالي وأولوياتهن، وأشارت النساء الأفغانيات إلى أن الاعتراف بـ"طالبان" قبل تحقيق تقدم ملموس في مجال حقوق المرأة، يُعدّ بمثابة السيناريو الأسوأ، وأعربن عن خيبة أمل عميقة تجاه الدول الأعضاء التي تتجاهل -في جهودها لإشراك سلطات الأمر الواقع- خطورة أزمة غير مسبوقة في مجال حقوق المرأة، وما يرتبط بها من انتهاكات للقانون الدولي، استناداً إلى المعاهدات التي صدّقت عليها أفغانستان.
وذكر التقرير أن "طالبان"، ومنذ سيطرتها على السلطة في أغسطس/ آب 2021، أصدرت أكثر من 50 مرسوماً يحدّ بشكل مباشر من حقوق المرأة وكرامتها. ولم يجر إلغاء أي من هذه المراسيم. وترتكز رؤية "طالبان" لأفغانستان، على الحرمان الهيكلي من حقوق المرأة ورفاهيتها وشخصيتها، وفقاً للتقرير.
واعتمد مجلس الأمن الدولي في أواخر شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، قراراً شجع من خلاله تنفيذ توصيات الأمين العام بشأن كيفية التعامل مع إدارة حركة طالبان الأفغانية، ومعالجة التحديات التي تواجه البلاد، بما في ذلك انتهاك حقوق النساء والفتيات، فضلاً عن التحديات التنموية، والاقتصادية، والاجتماعية، والحقوقية، من بين مجموعة من القضايا الأخرى، وحصل القرار 2721 على 13 صوتاً مؤيداً، فيما امتنعت روسيا والصين عن التصويت.
وفي القرار، شجّع مجلس الأمن الدولي الأعضاء وكلّ أصحاب المصلحة المعنيين الآخرين، على تنفيذ التوصيات التي قدمها غوتيريس في تقييمه المستقل، "وخاصة زيادة المشاركة الدولية بطريقة أكثر اتساقاً وتنسيقاً وتنظيماً".
وطلب القرار أيضاً من الأمين العام أن يعين مبعوثاً خاصاً لأفغانستان، لتعزيز تنفيذ توصيات التقييم المستقل، دون المساس بولاية بعثة الأمم المتحدة للمساعدة في أفغانستان، والممثل الخاص للأمين العام، وعملهما الحيوي في البلاد.