طفرة في الأحزاب العراقية... أي غايات؟

13 يوليو 2024
من فرز الأصوات إثر الانتخابات التشريعية، 13 أكتوبر 2021 (أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- شهدت دائرة الأحزاب العراقية تسجيل 7 أحزاب جديدة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مما رفع العدد الإجمالي إلى أكثر من 425 حزباً، مع مشاركة فعلية قليلة في الانتخابات.
- أكد مسؤول في مفوضية الانتخابات أن أكثر من 60% من الأحزاب المسجلة خامل، وأن العديد من الأحزاب المدنية الجديدة مدعومة من أحزاب تقليدية نافذة.
- أشار عضو اللجنة القانونية في البرلمان إلى أن تسجيل الأحزاب بأعداد كبيرة يشوش على الناخبين، مع استخدام القوى الحليفة لإيران لآلية الشيطنة ضد الأحزاب المدنية الناشئة.

خلال الأشهر الثلاثة الماضية، سجلت دائرة الأحزاب العراقية، 7 أحزاب وكيانات سياسية جديدة، في ارتفاع حديث في أعداد الأحزاب العراقية المسجلة أصلاً في البلاد، لتصل إلى أكثر من 425 حزباً، ترغب نسبة قليلة منها في المشاركة في الانتخابات والحكم، لكن أغلبها تُمثّل حالات مساندة للأحزاب التقليدية المعروفة. لكن بشكلٍ عام، فإن هذه الظاهرة تبدو عراقية بحتة، إذ إن الأعداد الكبيرة تجعل بلاد الرافدين أكثر دول المنطقة من ناحية التعددية الحزبية.

الأحزاب العراقية تعتمد المناورة

تسجيل الأحزاب والكيانات السياسية الجديدة لا يتوقف في العراق، على الرغم من تعقيدات الإجراءات وصعوباتها، إذ لجأت أحزاب وقوى سياسية فاعلة إلى تأسيس تكتلات أو حركات رديفة لها، كجزء من المناورة الانتخابية أو الدعم الجماهيري، عدا عن عمليات الانشقاق والتأسيس الجديد للأحزاب للمجموعات المنشقة.

وأكد مسؤول في دائرة تسجيل الأحزاب في مفوضية الانتخابات العليا في العراق، لـ"العربي الجديد"، ارتفاعاً غير مسبوق في عدد الأحزاب التي تمّ تسجيلها فعلاً أو التي تنتظر منحها ترخيصاً، ليصل إلى 425 حزباً وحركة وتيارا وكتلة سياسية. لكنه أكد أن أكثر من 60% منها خامل وبلا نشاط حقيقي، أو خطاب فكري محدد. ووفقاً للمسؤول الذي طلب عدم الإفصاح عن هويته، فإن "السنوات الأربع الأخيرة كانت حافلة بالعناوين المدنية التي تحاكي رغبة وتوجهات الشارع، لكن في الحقيقة قسم كبير منها ليس كذلك". وتحدّث عن وقوف "أحزاب تقليدية نافذة"، وتحديداً الدينية منها، في "دعم جماعات وشخصيات شبابية جديدة لتأسيس حركات وتيارات بعنوان مدني، وهذا الدعم مادي وسياسي، وكله يندرج في سياق إذابة توجهات الشارع العراقي الطامحة لوجود أحزاب وقوى مستقلة ووطنية ذات توجهات غير طائفية".

محمد عنوز: يتم تسجيل الأحزاب بأعداد كبيرة، وما يحدث يمثل حالة تشويش على الناخبين والمجتمع

وسبق أن توقع عضو البرلمان العراقي السابق عبد الكريم عبطان، أن يتجاوز عدد الأحزاب العراقية المسجلة في العراق نحو 500 حزب. مع العلم أن شروطاً ليست سهلة، تُفرض على الحراكات والتجمّعات كي تتحول إلى حزب رسمي. وبحسب القانون العراقي، فإنه يشترط في الحزب "ألا تتعارض مواده مع مبادئ الدستور، وأن يكون له برنامج خاص، وألا يكون يمتلك تنظيمات عسكرية، كما يشترط ألا يكون الأعضاء المؤسسون محكومين بقضايا الجنح أو الجنايات أو أي جريمة مخلة بالشرف أو الفساد الإداري والمالي أو الإرهاب".

ويُكلّف تسجيل الحزب في العراق، نحو 40 ألف دولار (50 مليون دينار عراقي)، ومن المفترض أن يضمّ الحزب نحو 2500 عضو، غير منضوين في أحزاب أخرى. لكن وعلى الرغم من ذلك، فإن الأحزاب التي يتم تسجيلها، تفيد بأنها مستوفية للشروط، إلا أن نشطاء ومراقبين يشيرون إلى تسهيلات تقدمها السلطات لبعض الراغبين في تسجيل الأحزاب بتوصيات من زعماء سياسيين وفصائل مسلحة.

وفي الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي أجريت في 10 أكتوبر/تشرين الأول 2021، تنافس 268 حزباً سياسياً للظفر بـ329 مقعداً في مجلس النواب، لكن أغلب هذه الأحزاب لم تحصل على أي نتائج، واقتصر الفوز على الأحزاب العراقية المعروفة والتقليدية، فيما رفضت مفوضية الانتخابات طلبات تسجيل نحو 150 حزباً لعدم استكمال الأولويات أو متطلبات العمل، ولو أن الأحزاب التي لم تشارك قد اشتركت، لبلغ عدد الأحزاب المشاركة أكثر من 400 حزب.

أحزاب متنفذة قريبة من إيران

في السياق، قال عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محمد عنوز، إن "النظام الديمقراطي يؤمن بالتعددية الحزبية، لكن في العراق يتم تسجيل الأحزاب بأعداد كبيرة، ويمكن القول إن ما يحدث يمثل حالة تشويش على الناخبين والمجتمع بالكامل". وأوضح عنوز لـ"العربي الجديد"، أن "نصيحتنا كانت دائما للشباب المدنيين هو الاتحاد وصناعة قوة سياسية موحدة قادرة على المواجهة، لكن ما حدث هو قيام كل جماعة باختيار فريق سياسي معين وتأسيس تكتلات أضاعت قوة الحراك المدني والسياسي الراغب في الإصلاح والتغيير".

محيي الأنصاري: أطراف سياسية نافذة باشرت التجهيز لحزب جديد يحظى بدعم بعض الفصائل المسلحة

من جهته، أشار رئيس حراك البيت العراقي محيي الأنصاري، إلى أن "إغراق الساحة السياسية بالأحزاب، سلوك ممنهج داخل العراق منذ أكثر من عامين". وأوضح لـ"العربي الجديد"، أن "القوى الحليفة لإيران المتنفذة في البلاد، تعمل على خلق أحزاب جديدة مرتبطة بها، مع استخدام آلية الشيطنة ضد الأحزاب المدنية الناشئة، بالتالي فإنها تسعى إلى الاستثمار أيضاً في مساحات عمل المدنيين والوطنيين، وتسعى إلى شراء أحزاب جديدة". وأكد أن "أطرافاً سياسية نافذة في السلطة باشرت، أخيراً، بالتهيئة والدعم والتجهيز لحزب جديد سيتم الإعلان عنه، يحظى بدعم بعض الفصائل المسلحة، ومن المفترض أن يشارك هذا الحزب الجديد في الانتخابات المقبلة".

أما أستاذ الإعلام السياسي في جامعة بغداد علاء مصطفى، فلفت إلى أن "تسجيل مزيد من الأحزاب، يعدّ ظاهرة مألوفة، وتحديداً قبل كل انتخابات تجرى في العراق، وهذه الأحزاب العراقية الجديدة سرعان ما تتحول إلى مجموعات ضغط سياسي، أي أن هدفها يبدو ليس انتخابياً أو سياسياً، بل صناعة لوبيات لها أهداف معينة، وبعضها تسعى إلى طرق الأبواب على الأحزاب النافذة لأجل جني الفوائد والأرباح الشخصية، في ظل وجود فريق حاكم يده سخية". وأضاف، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "هناك جهات مدنية تدفع إلى تشكيل أحزاب تتقاتل في ما بينها، وتتبعثر أصوات المدنيين في التنافس الانتخابي، وهي حالة غير صحية، كما أنها زمنية مؤقتة بانتهاء الانتخابات".

تقارير عربية
التحديثات الحية