أثار ظهور رئيس جهاز الأمن والمخابرات السوداني الأسبق، اللواء صلاح قوش، في القاهرة، لأول مرة بشكل رسمي، حالة من الجدل الواسع في الأوساط السودانية، في ظل تمتعه بحرية كاملة.
وظهر قوش، أحد الشخصيات البارزة في عهد الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير، والذي يوجد اسمه على النشرة الحمراء للإنتربول، في مقر بعثة فريق المريخ السوداني لكرة القدم في العاصمة المصرية، لدعم الفريق قبل مباراته مع فريق صن داونز الجنوب أفريقي، أمس الجمعة.
ويعد ذلك الظهور الرسمي الأول لقوش في العاصمة المصرية منذ عام 2019، في الوقت الذي تلاحقه فيه السلطات السودانية بسبب اتهامات متعلقة بإساءة استخدام السلطة، والكسب غير المشروع.
ويطرح توقيت ظهور قوش بشكل رسمي في القاهرة، العديد من التساؤلات، في الوقت الذي كان نائب رئيس مجلس السيادة السوداني محمد حمدان دقلو، الشهير بحميدتي، قد تقدم بطلب للمسؤولين في القاهرة في وقت سابق لتسليمه.
ويأتي ظهور قوش رسميا في القاهرة بعدما قالت مصادر مصرية خاصة لـ"العربي الجديد"، في وقت سابق، إن رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، أبلغ المسؤولين في مصر عن مخاوفه بشأن تحركات قد تهدف إلى انقلاب عليه من داخل المؤسسة العسكرية، بترتيبات بين حميدتي وأطراف خارجية.
وكانت تقارير سودانية أكدت أن النائب العام السوداني السابق، تاج السر الحبر، قدم مطلبا إلى نظيره المصري حمادة الصاوي، خلال زيارته للقاهرة في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، بتسليم قوش وعدد من رموز نظام الرئيس السابق عمر البشير الذين فروا إلى مصر.
وأشارت التقارير السودانية وقتها، إلى أن "اختراقا كبيرا" حدث في هذا الشأن، إذ أبدى الجانب المصري "استعداده التام"، لمناقشة التعاون في تسليم المطلوبين للسلطات السودانية. كما اتفق الجانبان على مواصلة الاتصالات بينهما حول الكيفية والطرق التي سيتم بها الأمر.
وكانت السلطات المصرية قد رفضت سابقا الطلب السوداني بتسليم قوش، ثم شرعت الخرطوم في إجراءات استرداده عبر الإنتربول الدولي، في بلاغات جنائية تتعلق بالإرهاب والفساد المالي والثراء الحرام المشبوه، وتعذيب المعتقلين إبان اندلاع الاحتجاجات في البلاد عام 2018.
وفي يناير/كانون الثاني 2020، طلبت نيابة الثراء الحرام في السودان، من الإنتربول، القبض على قوش للتحقيق معه في بلاغات مدونة ضده، كما حجزت على ممتلكاته وحساباته المصرفية، مع حظره من السفر.
وكان النائب العام السابق بدأ في تحريك إجراءات دولية للقبض على قوش الذي يواجه 4 بلاغات جنائية.
ويلاحق مدير الأمن والمخابرات السوداني السابق بتهمة أخرى تتعلق بضلوعه المباشر في توفير الدعم المالي واللوجستي لخلية إرهابية كانت تستهدف تقويض النظام الدستوري في البلاد، تم توقيفها قبل تنفيذ العملية في مايو/أيار 2019. وتتهمه السلطات السودانية بالوقوف وراء تمرد "هيئة العمليات"، وهي الجناح المسلح لجهاز أمن النظام المعزول، الذي روّع المواطنين في الخرطوم في يناير/ كانون الثاني 2020، ما اضطر قوات الجيش والدعم السريع إلى مواجهة تلك العناصر بالأسلحة الثقيلة والخفيفة داخل المدينة للسيطرة على التمرد.
وبعد سقوط نظام الرئيس عمر البشير، وضع مدير الأمن والمخابرات، بوصفه من أخطر الشخصيات في الحكومة، تحت الإقامة الجبرية في منزله بالخرطوم، إلا أنه تمكّن من الهرب قبل أن تكشف تقارير صحافية وجوده في مصر. ووافق الإنتربول الدولي في فبراير/شباط 2020 على طلب السلطات السودانية باسترداد قوش، بعد إبلاغه من قبل النيابة العامة برصد تحركاته في إحدى دول الجوار التي يقيم فيها بصورة شبه دائمة.