القيادة الفلسطينية طلبت عقد قمة عربية طارئة لا من أجل وقف الحرب في غزة.. بل لهذا السبب
كشف مصدر فلسطيني مسؤول لـ"العربي الجديد"، اليوم الخميس، أن السبب وراء طلب السلطة الفلسطينية، السبت الماضي بعد 22 يوماً من العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، عقد مؤتمر قمة عربي عاجل هو الحيلولة دون الوصول إلى أي ترتيبات حول إدارة القطاع بعد انتهاء الحرب، لا تكون القيادة الفلسطينية جزءاً منها.
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس طالب يوم السبت الماضي، خلال ترؤسه أول اجتماع للجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية منذ بدأت الحرب على قطاع غزة، بعقد قمة عربية طارئة لوقف العدوان على القطاع.
وقال المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، لـ"العربي الجديد" إنه "ليس لأي طرف علاقة بما ستكون عليه الأمور في غزة بعد الحرب، ولا نريد لأي جهة عربية أن تتورط بالحديث عن قوات عربية تدير قطاع غزة بعد الحرب"، مؤكداً أن "أي حل مجتزأ في غزة مرفوض، وأي حل أمني وعسكري أيضاً مرفوض، وأن الحل لن يكون إلا عبر حل سياسي كامل".
وربما كان الحديث عن إدارة قطاع غزة بعد الحرب هو السبب وراء طلب القيادة الفلسطينية، بعد 22 يوماً على العدوان على قطاع غزة، عقد قمة عربية طارئة.
وتتوافق تصريحات المسؤول الفلسطيني مع تصريحات للقيادي في حركة "حماس"، عزت الرشق، لقناة الجزيرة، اليوم الخميس، التي أكد فيها أن "التصريحات الأميركية بشأن العمل على توافق دولي لإدارة غزة بعد انتهاء العدوان تصريحات وقحة ومرفوضة، وأن ترتيب البيت الفلسطيني هو قرار فلسطيني لا علاقة لأميركا به".
وكشف المصدر المسؤول ذاته، عن تلكؤ وتباطؤ عربي في تحديد موعد القمة العربية الطارئة، التي طالبت بها القيادة الفلسطينية في الثامن والعشرين من شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، ليصار إلى تحديد موعدها في الحادي عشر من الشهر الجاري؛ أي بعد 15 يوماً، في ظل مجازر يومية يقوم بها الاحتلال في قطاع غزة.
من جهته، أكد مسؤول فلسطيني آخر لـ"العربي الجديد"، وصول موافقة على عقد القمة العربية الطارئة بتاريخ العاشر من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري، وهو التاريخ الذي تُعقد فيه القمة العربية الأفريقية في السعودية.
ووفق المسؤول الفلسطيني، الذي اشترط عدم ذكر اسمه، فقد كانت هنالك رغبة لدى أطراف عربية بأن تخصص القمة العربية الأفريقية من برنامجها وقتاً للحديث عن موضوع قطاع غزة، وعدم تخصيص قمة عربية طارئة لبحث الحرب على غزة، لكن القيادة الفلسطينية رفضت ذلك بسبب خصوصية الوضع الفلسطيني، وأصرت على أن تكون قمة عربية طارئة لبحث العدوان على غزة.
وأوضح المسؤول، أنه "بعد النقاش على تحديد الموعد، كانت هنالك معضلة أخرى تتعلق بالمخرجات المتوقعة من القمة العربية الطارئة".
وبحسب المسؤول فإن القيادة الفلسطينية تمسكت بأن تكون مخرجات القمة، هي "وقف العدوان والحرب على قطاع غزة، ووقف الحصار وإدخال المواد الغذائية والطبية للقطاع، ووقف سياسة التهجير والترانسفير القسري، وإعلان التمسك بمبادرة السلام العربية كما أعلن عنها عام 2002، وبعد وقف القتال التحرك بشكل مشترك لعقد مؤتمر دولي متعدد الأطراف برعاية الأمم المتحدة للمضي قدماً في حل الدولتين".
وقال المسؤول "أكدنا على نقطة التوجه لحل نهائي للقضية الفلسطينية انطلاقاً من أن السلام الإقليمي بين إسرائيل وبعض الدول العربية قد فشل ولن ولم يحقق السلام والاستقرار في المنطقة، ولن يكون بديلاً للسلام الفلسطيني الإسرائيلي"، كما أشار المسؤول إلى أنه "حتى الآن لا يوجد موافقة عربية على هذه النقاط لطرحها في القمة العربية بصيغتها الحالية، وأن تكون مخرجات للبيان النهائي للمؤتمر".
ويرى المحلل السياسي هاني المصري في حديث لـ"العربي الجديد"، أن تحديد موعد للقمة العربية الطارئة بعد 15 يوماً على طلبها من القيادة الفلسيطينية، يشير إلى تواطؤ عربي لإعطاء إسرائيل وقتاً أطول لحسم المعركة عسكرياً وكسر حركة "حماس".
ويقول المصري "المشكلة أن هنالك دولا عربية تنظر إلى حركة حماس على أنها من محور المقاومة الإيراني وليست حركة مقاومة فلسطينية، وإذا تدخلت إيران سيكون وضع الدول العربية أكثر إحراجاً أمام شعوبها".
وكان وزير الخارجية الأميركية الأسبق دينيس روس، المبعوث الأميركي لعملية السلام في الشرق الأوسط أثناء ولاية إدارة الرئيسين الأميركيين جورج بوش الأب وبل كلينتون، تطرق لهذا الأمر في مقال نشره في صحيفة "نيويورك تايمز" في 27 أكتوبر/تشرين الأول، تناول فيه حاجة قطاع غزة بعد هزيمة حماس لنوع من الحكم يكون "تحت مظلة دولية تشمل دولاً عربية وغير عربية، وستحتاج الولايات المتحدة إلى حشد هذه الجهود وتنظيمها".
وقال روس في مقاله "على سبيل المثال، بإمكان المغرب ومصر والإمارات العربية المتحدة والبحرين توفير الشرطة -وليس القوات العسكرية- لضمان الأمن للإدارة المدنية الجديدة والمسؤولين عن إعادة الإعمار، كما بإمكان المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر توفير الجزء الأكبر من التمويل اللازم لإعادة الإعمار، الأمر الذي يفسر الدور الضروري الذي تؤديه هذه الدول لتخفيف معاناة الفلسطينيين في غزة ومساعدتهم على التعافي، وبإمكان كندا وغيرها من الدول توفير آليات الرصد لضمان وصول المساعدات إلى غاياتها المقصودة".