كشفت مصادر مطلعة في المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، اليوم الأربعاء، عن ارتفاع جديد بعدد الأحزاب والتكتلات السياسية التي تستعد للمشاركة في الانتخابات العراقية المبكرة المقرّر حتى الآن أن تجرى في يونيو/حزيران العام المقبل، إذ بلغ لغاية يوم الاثنين الماضي أكثر من 300 حزب وتكتل، وسط توقعات بارتفاع العدد المسجل خلال الفترة المقبلة، ليصبح نحو ضعف ما تم تسجيله في انتخابات عام 2018، والتي شهدت مشاركة 204 أحزاب وتكتلات سياسية، وسط توقعات لنواب وساسة عراقيين باستمرار تسجيل كيانات سياسية، في ظل غياب قانون واضح ينظم ذلك.
وأبلغ قاضٍ عراقي بارز في مفوضية الانتخابات العراقية ببغداد، "العربي الجديد"، بأنه لغاية نهاية الدوام الرسمي ليوم الاثنين الماضي، بلغ عدد الأحزاب المسجلة فعلياً والتي تقدمت بطلب تسجيل 309، مع وجود تكتلات أخرى ما زالت تستكمل إجراءات التسجيل المتضمنة خطوات قانونية وتنظيمية مختلفة، وقد يصل العدد إلى نحو 400 حزب وكيان سياسي لخوض الانتخابات، مبيناً أن غالبية الأحزاب والكيانات المسجلة يمكن اعتبارها منسلخة من أحزاب وكتل قديمة مشاركة بالسلطة منذ عام 2003، وأخرى تدعي أنها تمثل ساحات التظاهرات، كما أن هناك قوى جديدة قريبة أو تتبع مليشيات مسلحة.
واعتبر رفض المفوضية تسجيل كتلة أو حزب ما رهنا بإجراءات قضائية طويلة، وهناك فعلاً إجراءات بشأن عدد منها، لكن من غير المعروف كيفية التعامل مع القوى التي يرجح أنها أجنحة سياسية لمليشيات مسلحة، فرغم نفيها ذلك، المعروف أنها كذلك.
في السياق ذاته، توقع عضو البرلمان العراقي السابق عبد الكريم عبطان، أن يتجاوز عدد الأحزاب المسجلة للمشاركة في الانتخابات المبكرة الـ 500، موضحاً لـ "العربي الجديد" أن أحزاباً أخرى ستسجل لأن الباب لا يزال متاحاً والمنافسة مفتوحة.
وبيّن أن عدد الأحزاب المسجلة في ازدياد، على الرغم من استيفاء مبالغ مالية من كل حزب يتم تسجيله، (50 مليون دينار عراقي)، مشيراً إلى وجود مشكلة في وجود عدد كبير من الأحزاب تتمثل في تشابه الأسماء والشعارات.
وأشار إلى أن ارتفاع عدد الأحزاب المسجلة بالنسبة لعدد سكان العراق يُعدّ أمراً لا يتلاءم مع طبيعة العمل الديمقراطي، وهذا العدد الكبير من الأحزاب سيتسبب في التشويش على الناخبين، موضحاً أن ذلك "يمثل ظاهرة سلبية"، مبيناً أن "قانون الانتخابات الذي يعتمد التصويت الفردي أثّر على عدد الأحزاب المسجلة".
في المقابل، يعتبر رئيس مركز "التفكير السياسي" في بغداد، إحسان الشمري، تسجيل هذا العدد من الأحزاب بأنه "متوقع جداً". وأوضح في حديث لـ "العربي الجديد"، أن ذلك يعود لرغبة بعض الجماعات بالتواجد في المشهد السياسي، وطموح قوى أخرى بأن تكون بديلاً للأحزاب التقليدية، فضلاً عن أن بعض الأحزاب المسجلة هي مرحلية وسوف تتلاشى بعد الانتخابات.
وتابع: "سيتناقص عدد الأحزاب بشكل كبير جداً بعد الانتخابات، وأكثر من ذلك قد نجد أن بعض هذه الأحزاب يندثر بشكل كامل بسبب عدم امتلاك الرؤية"، لافتاً إلى وجود مؤشرات سلبية ناجمة عن كثرة الأحزاب، منها استسهال قضية العمل السياسي، فضلاً عن عدم وجود نضوج لدى بعضها.
واعتبر أن تسجيل هذا العدد الكبير من الأحزاب "سيؤثر على طبيعة التحالفات الانتخابية، وقد يحدث اندماجاً بين بعض الأحزاب في المرحلة المقبلة"، قائلاً: ليست كلّ الأحزاب المسجلة ستحصل على مقاعد، مؤكداً أن المشهد سيكون مغايراً بعد الانتخابات المقبلة، لأن الفائز هو الذي سيكون معنياً بتشكيل التحالفات، أما قبل الانتخابات، فإن التحالفات لن تكون مجدية بسبب قانون الانتخابات الذي يتيح الترشيح الفردي.
وتعليقاً على الزيادة الكبيرة بعدد الأحزاب المسجلة، قالت النائب السابق ورئيس تكتل الحركة المدنية شروق العبايجي، إن الأحزاب السياسية الحاكمة قد رأت أن عنوان (المدنية) أصبح مفضلاً لدى الشعب العراقي منذ عام 2015، فقامت بسرقة ذلك العنوان واستخدمته في انتخابات 2018 رغم أنها قد حاربت المدنية. وأضافت في تصريحات أوردها موقع إخباري عراقي محلي أن ذات الأحزاب تتجه اليوم إلى سرقة عنوان (تظاهرات تشرين)، على الرغم من أنها حاربت تلك التظاهرات بكل قوة، ولكنها تهدف لسرقة أصوات الناخبين المؤيدين لتشرين، وكذلك تشتيت الأصوات التي سوف يحصلون عليها في الانتخابات.
وأعربت في الوقت نفسه عن أن تلك الأحزاب لن تنجح في "سرقة تلك الجهود عبر أحزاب وهمية لم تشارك بشكل فعلي في حراك تشرين".