أصيب عشرات الفلسطينيين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، وآخرون بالاختناق والإغماء، اليوم الجمعة، جراء قمع قوات الاحتلال الإسرائيلي فعاليات سلمية في عدة مناطق بالضفة الغربية المحتلة، خرجت تنديدا باستمرار الهجمة الاستيطانية، ودعما للمزارعين في موسم قطف الزيتون، في حين أدّى مئات الفلسطينيين صلاة الجمعة على عتبات المسجد الأقصى، الذي تغلقه قوات الاحتلال للأسبوع الرابع على التوالي بحجة مكافحة كورونا.
ففي قرية كفر قدوم، شرق مدينة قلقيلية، شمال الضفة الغربية، أصيب خمسة مواطنين فلسطينيين بالرصاص المعدني والعشرات بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، بعد قمع عنيف من قوات الاحتلال تعرض له المشاركون في المسيرة الأسبوعية التي انطلقت عقب صلاة الجمعة، رفضا للاستيطان والتطبيع، ودعما للوحدة الوطنية.
وقال منسق المقاومة الشعبية في قرية كفر قدوم مراد اشتيوي، لـ"العربي الجديد"، إن مواجهات عنيفة دارت بين عشرات الشبان وجنود الاحتلال الذين أطلقوا وابلا من الرصاص المعدني وقنابل الغاز، كما احتل الجنود أسطح البنايات السكنية المطلة على موقع الأحداث، وهدموا جدارا لمنزل قيد الإنشاء.
وأوضح اشتيوي أن ذلك لم يحل دون تقدم الشبان وإصرارهم على استكمال المسيرة، مرددين الشعارات التي تؤكد مضيهم في مقارعة المحتل ورفض التطبيع العربي، وكذلك دعمهم للجهود المبذولة لإنهاء الانقسام.
أما في قرية برقة، شرق رام الله، فقد قمعت قوات الاحتلال المشاركين في الفعالية التي دعت إليها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، ولجان المقاومة الوطنية والشعبية، وفصائل العمل الوطني، لمساندة المزارعين بقطف ثمار الزيتون، ورفضا لمحاولات المستوطنين السيطرة على الأراضي القريبة من المستوطنات.
وقال رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، إن قوات الاحتلال أطلقت الرصاص "المطاطي" وقنابل الصوت والغاز المسيل للدموع باتجاه المشاركين بالفعالية، ما أدى لإصابة سبعة مواطنين بالرصاص المعدني، والعشرات بالاختناق، من بينهم أربعة مصورين صحافيين.
من الجدير ذكره أن قوات الاحتلال تمنع مزارعي قرية برقة من الوصول إلى أراضيهم منذ يومين، فيما تقوم مجموعات من المستوطنين بإشعال النيران في هذه الأراضي تمهيدا للاستيلاء عليها.
كما احتجزت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الجمعة، ثلاثة مواطنين، واستولت على جرافة كانت تعمل في أرض أحدهم، بقرية عانين، غرب مدينة جنين، شمال الضفة الغربية.
وأفاد رئيس المجلس القروي باهر ياسين، في تصريحات صحافية، بأن جنود الاحتلال اقتحموا القرية وداهموا أرض المواطن سمير خليل ياسين أثناء عمله في أرضه، واحتجزوه إلى جانب مواطنين آخرين، هما عادل جبارين ومحمود فيصل ملحم، وقاموا باستجوابهم. وأكد أن قوات الاحتلال استولت على جرافة تعود للمواطن جبارين من قرية الطيبة القريبة، مشيرا إلى أن القرية تتعرض لاعتداءات متكررة من قبل الاحتلال.
في الأثناء، اندلعت مواجهات بين الشبان وقوات الاحتلال في وسط مدينة الخليل. وأفادت وزارة الصحة الفلسطينية، في بيان صحافي، بوقوع إصابتين بالرصاص المطاطي في منطقة باب الزاوية بالمدينة، وصلتا لمستشفى الخليل الحكومي، إحداها في الصدر، لطفل يبلغ 13 عاما، والثانية في الرأس لشاب في الـ22 من عمره، والمصابان بوضع صحي مستقر.
على صعيد آخر، أصيب عشرات المواطنين بالغاز المسيل للدموع، مساء الخميس، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم شعفاط بالقدس المحتلة. وأفاد شهود عيان بأن قوات الاحتلال اقتحمت الشارع الرئيسي بمخيم شعفاط، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع بكثافة باتجاه البيوت والسكان والمركبات والحافلات.
وأضافوا أن قوات الاحتلال اعتلت أسطح البنايات والمجمعات التجارية، ولاحقت الشبان في الشارع، وأطلقت الرصاص المعدني المغلف بالمطاط وقنابل الغاز المسيل للدموع، ما أدى لإصابة العشرات بالاختناق. وأشاروا إلى أن قوات الاحتلال أغلقت المحال التجارية في الشارع الرئيسي بالمخيم خلال اقتحامه.
بلدة القدس القديمة مغلقة للأسبوع الرابع
وفي القدس، أدى بضع مئات من المقدسيين صلاة الجمعة في المسجد الأقصى المبارك، وسط إجراءات أمنية مشددة ترافقت أيضا مع إغلاق كامل للبلدة القديمة، ومنع غير قاطنيها من الدخول إليها بعد إغلاق مداخلها بالسواتر الحديدية ونشر عناصر شرطة الاحتلال على تلك المداخل.
وحالت هذه الإجراءات دون تمكّن آلاف المصلين من الصلاة في الأقصى للأسبوع الرابع على التوالي بذريعة إجراءات الوقاية من فيروس كورونا، ما اضطر حشودا من المواطنين لأداء الصلاة في ساحة سوق المصرارة، حيث أمّهم هناك الشيخ يعقوب أبو عصب، الذي ندد في خطبة الجمعة بمنع سلطات الاحتلال المواطنين من أداء الصلاة في الأقصى واصفا ذلك بالعدوان والظلم الكبيرين.
يذكر أن شرطة الاحتلال منعت قبيل الصلاة في المسجد الأقصى حراسه من إدخال مياه الشرب للمصلين.
على صعيد آخر، أخطرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الخميس، بوقف البناء في سبعة منازل بمسافر يطا، جنوب الخليل. وأفاد منسق اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في شرق يطا وجنوب الخليل راتب الجبور، بأن قوات الاحتلال داهمت منطقة البويب، شمال شرق يطا، وأخطرت بوقف العمل في بناء سبعة منازل تعود للمواطنين: خليل حسن مهانية ونجليه جهاد وإبراهيم، وعمران أبو صبيح، ونجيب الجعبري ونجله، وآخر لعائلة أبو عجمية.
إلى ذلك، أقام مستوطنون، الخميس، "بركسا" في خربة الفارسية بالأغوار الشمالية، وهي المنطقة ذاتها التي زرعوا فيها أشجار زيتون، ووضعوا فيها خزان مياه ومعرشا، قبل حوالي ثلاثة أشهر، وفق تصريحات الناشط الحقوقي عارف دراغمة.
عملية مصادرة كبرى
وفي الأغوار الفلسطينية، أعلنت سلطات الاحتلال الإسرائيلي الاستيلاء على أكثر من 11 ألف دونم لصالح ما يسمى المحميات الطبيعية، في واحدة من أكبر عمليات المصادرة خلال السنوات الماضية. وقال مدير عام توثيق انتهاكات الاحتلال في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان قاسم عواد، في تعليق له على صفحة الهيئة على "فيسبوك"، إن الاحتلال أعلن استيلاءه على 11.200 دونم لصالح 3 محميات طبيعية إسرائيلية، إحداها تقع في "دير حجلة" بأريحا، والأخرى جنوب الجفتلك، قرب مستوطنة "مسواه" المقامة على أراضي المواطنين، والثالثة شرق عين الحلوة والفارسية في الأغوار الشمالية، في المنطقة الواقعة بين مستوطنتي "مسكيوت" و"روتم"، المقامتين على أراضي المواطنين هناك.
وأشار عواد إلى أن الاحتلال ينوي خلال الفترة المقبلة الإعلان عن أربع مناطق جديدة كمحميات طبيعية في الضفة الغربية. ولفت عواد إلى أن معظم عمليات الاستيلاء تندرج تحت بند "المحميات الطبيعية"، يخصص الاحتلال أراضيها لاحقا للبناء الاستيطاني، مبينا أنه منذ إعلان صفقة القرن صادق الاحتلال وأودع مخططات للمصادقة على أكثر من 12 ألف وحدة استيطانية في الضفة الغربية والقدس.