انطلقت مظاهرة حاشدة في شوارع مدينة السويداء جنوب سورية انتصاراً للمعتقلين والمغيبين قسراً، على الرغم من التحذيرات ومحاولة تغيير مسار المظاهرة، بعد تحرك عصابات تابعة للأفرع الأمنية وتمركزها في ساحة تشرين القريبة من ساحة الكرامة.
المظاهرات التي أخذت خلال الشهر الأخير أشكالا متعددة، باتت تقلق النظام السوري وأجهزته الأمنية، خاصة لجهة الطواف في شوارع المدينة وانضمام عدد من السكان إليها، واحتفاء النساء بهم واستقبالهم بالزغاريد والأرز.
النظام يدرّب عصابات على السلاح
وأكدت مصادر محلية في ريف درعا لـ"العربي الجديد"، أن معسكرات تابعة لجيش النظام استقبلت في الأيام القليلة الماضية ما يزيد عن خمسين فرداً من عصابات مدينة السويداء لتدريبها على السلاح والاقتحامات، وزرعها في المدينة، وتشكيل قوة جديدة على غرار عصابة راجي فلحوط التي تم القضاء عليها في صيف عام 2022.
وهدد رئيس أخطر عصابة في المدينة، مهند مزهر، بشكل مباشر، المتظاهرين السلميين، بحجة رفعهم أعلاما غير العلم السوري، وتسمية الساحات بتسميات غير التي اعتمدها النظام.
وقال مزهر في بيان وزعه في مدينة السويداء: "تشهد لنا ساحات الوغى وقد دافعنا عن الأرض والعرض. قمنا بقمع أي حالة مخلة للشأن العام، وكنا وما زلنا تحت رأي عوائل السويداء منتمين للأرض ولعلم الجمهورية العربية السورية".
وتابع "ممنوع رفع أي علم يعلو على علمنا الذي استشهد تحته إخواننا. نحترم قرار إجماع أي قرية ومدينة وبلدة ومنطقة في محافظتنا؛ فنحن بشر نخطئ ونصيب وتحت رأي إجماع مدينة السويداء، ممنوع تغيير أي معلم وتسمية في مدينتنا السويداء دون الرجوع لأصحاب المدينة، بعد اجتماع ضم الكل، ونسير على هذا النهج تحت مشورة كبارنا".
توجس من عمليات اغتيال
في المقابل، استقبل متظاهرو السويداء أخبار التدريبات التي أجرتها العصابات على السلاح والاقتحامات بعدم الاكتراث، على الرغم من التوجس من عمليات اغتيال لتخريب الحراك ومحاولة إجهاضه.
وقال جهاد شهاب الدين لـ"العربي الجديد"، "بعدما اتضح للعصابات الأمنية إصرار الانتفاضة الشعبية على التمسك بسلميتها وعدم اللجوء لأي شكل من أشكال العنف، بات من السهل إقدام أشخاص أو مجموعات محسوبة على الجهات الأمنية بمحاولات الاستعراض والاستفزاز من أجل جر الحراك إلى العنف وإعطاء الفرصة لأجهزة الأمن بالتدخل وإنهائه".
وتابع "من الواضح أن هذه الحركات بدأت تتكرر في الآونة الأخيرة وتلقى التشجيع والصدى الإيجابي لدى الجهات الموالية للسلطة، ولكن نسعى جاهدين في حراكنا لاستبعاد أي صدامات حالياً مع علمنا منذ البداية بأننا قد نصل لمرحلة من المواجهات وقد يذهب ضحايا وهذا ما لا نتمناه".
أما هادي أبو درغم فيرى أن الانتفاضة قد حدت من سطوة المجموعات التابعة للأجهزة الأمنية والعصابات، كما حدت من تمردها على الأهالي وتراجعت إمكانات السطو والخطف والسرقة والتجارة بالمخدرات، وذلك مع تصاعد تأثير الحراك الشعبي ومن خلفه بعض الفصائل المؤيدة للنظام، وأضاف "يبدو أنه آن الأوان بالنسبة لهذه العصابات للعودة إلى سالف عهدها وعملها في ترهيب الأهالي وخلق النزاعات وإيقاف الحراك الشعبي".
واستطرد قائلا "الواضح حتى الآن أن هذه الحركات الفردية من بعض الأشخاص المرتبطين بالعصابات تحجب خلفها حقدًا ونوايا إجرامية، وفي نفس الوقت الخوف الكبير من ردود الفعل من الأهالي والحراك الشعبي والفصائل المؤيدة للحراك، وهي بشكل أو بآخر متوافقة وتشكل الجانب الأقوى حضوراً شعبياً وعدداً وتسلحاً".