عكاشة تكشف خلافات قصر الرئاسة في تونس وصراعات المحيطين بقيس سعيّد

كشفت مديرة الديوان الرئاسي السابقة، نادية عكاشة، في تدوينة مثيرة للجدل، حجم الصراعات الدائرة في محيط الرئيس التونسي قيس سعيّد، ومدى الخلافات داخل القصر الرئاسي.

وفاجأت عكاشة التونسيين بعد 3 أشهر من استقالتها أو إقالتها من قبل سعيّد، بتدوينة بعيدة عن "واجب التحفظ والمصلحة العليا للوطن"، الذي برز في نص انسحابها في يناير/ كانون الثاني الماضي.

وهاجمت عكاشة بشدة من قاموا بـ"الاستيلاء على مسار 25 يوليو/تموز 2021"، واصفة إياهم بـ"من لا شرف ولا دين ولا وطنية لهم"، وبأنهم "زمرة من الفاشلين الذين لا يفقهون شيئاً غير احتراف الابتذال والتشويه والتضليل".

عكاشة تنتقد سعيّد

وانتقدت عكاشة في تدوينتها انحراف سعيّد عن الديمقراطية، قائلة إن "25 يوليو لحظة حاسمة وقرار تاريخي ومسار وطني، كان من المفروض أن يقوم على منهجية واضحة وعلى مسار ديمقراطي جامع، وعلى أسس ثابتة لبناء دولة القانون التي تحترم فيها الحريات والمؤسسات". وارتكزت في تدوينتها الجديدة على إظهار تردي الأوضاع الاقتصادية والمالية التي تعيشها البلاد.

وجاءت تدوينة عكاشة مع نية سعيّد تعيين أعضاء جدد لهيئة الانتخابات بعد إصداره المرسوم الرئاسي الجديد، قبل ثلاثة أشهر من إجراء الاستفتاء على تعديل الدستور، المقرر في 25 يوليو المقبل، وإعداد القانون الانتخابي الذي ستُجرى الانتخابات المبكرة وفقاً له في نهاية العام الحالي.

وأثارت تدوينة عكاشة جدلاً واسعاً وردود أفعال متباينة من الفاعلين السياسيين حول الصراعات الدائرة في قصر الرئاسة ومن المحيطين بسعيّد.

وقال المحلل السياسي شكري بن عيسى، في حديثٍ لـ"العربي الجديد"، إن "الرئيس أو المسؤول الضعيف دائماً ما يحيط نفسه بمساعدين ضعفاء وعديمي الكفاءة، وكما يقول آلان دونو في كتاب "نظام التفاهة"، هم مجموعة من الرديئين لا يمتلكون الكفاءة"، مشيراً إلى أنه "كلما ضاق الخناق على شخص أو تم إبعاده يعود ليرد الفعل، فيجد نفسه بين واجب التحفظ والمسؤولية القانونية في كشف أسرار الدولة".

جاءت تدوينة عكاشة مع نية سعيد تعيين أعضاء جدد لهيئة الانتخابات

 

وأضاف بن عيسى أن "هناك صراعاً بين المسؤولين المحيطين بالرئيس ممن شاركوا معه في مشروعه، مثل وزير الداخلية (توفيق شرف الدين) ووزير الشؤون الاجتماعية (مالك الزاهي)، مع مجموعة أخرى من خارج القصر تمثلها سنية الشربطي (مديرة الحملة الانتخابية)، وزوجها محافظ تونس (كمال الفقي)".

وذكر أن "الصراع دائر منذ وجود عكاشة في القصر، بين جماعة الحملة التفسيرية والمجموعة القادمة من خارج الحملة، وعلى رأسها عكاشة التي جاءت برئيس الحكومة هشام المشيشي".

وقال إن "عكاشة لم تتمالك نفسها عن الرد ورد الفعل، من خلال صفحتها وعبر الكتائب الإلكترونية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بين المكونات الثلاثة المتصارعة، التي تقود عكاشة أحدها، والثاني شرف الدين والزاهي، والثالث تقوده سنية الشربطي".

وعن توقيت التدوينة، رأى بن عيسى أنه في "ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، لا بد أن تخرج هذه الأصوات لتنتقم لنفسها باحثة عن موقع أو ظهور أو نفوذ جديد، وهو ما يفسر إشارة عكاشة في تدوينتها إلى الوضع المتردي السياسي والاقتصادي"، مشدّداً على أنهم "يستغلون هذا الوضع من دون أدنى إشارة إلى أنهم كانوا سبباً فيه، وهم لا يمتلكون خصائص الدولة واحترامها".

واعتبر أن "هذا المشهد داخل القصر شبيه بما كان يحدث داخل البرلمان، الذي اعتمده سعيد لفرض التدابير الاستثنائية باسم الخطر الداهم، وأن مشروعه في 25 يوليو رد فعل على هذه الوضعية".

وتساءل بن عيسى: "هل ستدخل عكاشة المجال الإعلامي وستكون لها ردة فعل في الفضاء العمومي؟ يتوقف الأمر أيضاً على رد فعل الأطراف المقابلة من خصومها، فهل سيحتدم الصراع بينهم، خصوصاً أن كل طرف منهم يمتلك أذرعاً وأجنحة على مواقع التواصل الاجتماعي توظف للصراعات".

بوعجيلة: نادية عكاشة إحدى أدوات الانقلاب المنقلب عليها، وكتبت مرة أخرى لتواصل تبريراتها

 

وقال القيادي في "حراك مواطنون ضد الانقلاب" الحبيب بوعجيلة، في تدوينة نشرها، أمس الاثنين، على صفحته في "فيسبوك"، إن "نادية عكاشة إحدى أدوات الانقلاب المنقلب عليها، وكتبت مرة أخرى لتواصل تبريراتها وصراعاتها مع خصومها الذين أطاحوها كما هي عادة الانقلابات في تناهش منفذيها، ولم تكتب من أجل أن تكشف للتونسيين خيوط المؤامرة التي كانت واحدة من أكبر منفذيها ولتعتذر لهم". ورأى أن "تدوينة نادية عكاشة دليل على المأزق الذي وصل إليه 25 يوليو".

وعلّق الناشط عبد الوهاب الهاني، في تدوينة على "تويتر" على تدوينة عكاشة، بالقول: "حرب الشقوق تتمدّد وتنذر بتفاقم الخطر الداهم والجاثم، بعد عودة مديرة الديوان المستقيلة لقصف خصمها اللّدود الوزير من لا شرف ولا دين له، وشريكه الوزير، ومن لا وطنية لهم". 

الشاهد ينفي علاقته بتدوينة عكاشة

وعلّق رئيس الحكومة السابق، رئيس حزب تحيا تونس، يوسف الشاهد، على صفحته بـ"فيسبوك" على اتهامه بالوقوف وراء عكاشة، من قبل رئيس حزب التحالف الوطني سرحان الناصري، بالقول إن "هذا السيد وأمثاله يجترّون في حكاية كاذبة ومختلقة منذ مدة لا أساس لها من الصحة، وذلك في محاولة للتموقع السياسي عبر خلق الفتنة".

وأضاف في تصريحات صحافية أنها "فرصة كي أوضح أن السيدة نادية عكاشة تعاملت معها لما كانت مديرة ديوان بمنطق مؤسساتي وفي إطار احترام نواميس الدولة. لم ألتقها منذ يونيو/حزيران 2021 عند استقبالي من طرف رئيس الدولة، ولا علاقة لي بتدوينتها. البلاد ليست لعبة كل مرة تبثون الفتن وتغالطون الناس وتستغلون وسائل الإعلام وفيسبوك للتشويه".

تقارير عربية

التحديثات الحية

استقالة نادية عكاشة تربك قيس سعيد وسط تحركات دبلوماسية لحلحلة الأزمة

 وأعلنت عكاشة استقالتها من رئاسة ديوان سعيد في 25 يناير/ كانون الثاني الماضي، بعد سنتين من العمل معه، مبررة قرارها بـ"وجود اختلافات جوهرية" متعلقة بـ"المصلحة العليا للوطن"، غير أن رئاسة الجمهورية نشرت في "الرائد" الرسمي (المطبعة الرسمية للجمهورية التونسية) قرار إقالتها، ما غذّى الجدل وأثار الكثير من الأسئلة عما يحدث في المحيط الضيق لقيس سعيّد.

وكانت عكاشة توصف بـ"الصندوق الأسود" و"حاملة أسرار" الرئيس، بعدما شاركته أبرز محطات مشروعه السياسي منذ دخولها إلى قصر قرطاج في 2019. وكانت مغادرة عكاشة مفاجأة باعتبارها كانت حاضرة بقوة في مراحل فرض الوضع الاستثنائي وتحقيق انقلاب 25 يوليو، ويتهمها المعارضون بهندسة الانقلاب.