برز اسم المندوب الدائم ورئيس البعثة الجزائرية لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع بعدما قدم، الثلاثاء، مداخلة الجزائر لدى تقديمها مشروع قرار في مجلس الأمن الدولي يدعو إلى وقف إنساني فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، لكنه تعرض للعرقلة بعدما استخدمت الولايات المتحدة الأميركية حق النقض "الفيتو" لمنع تمريره.
وقال بن جامع في كلمته أثناء تقديم مشروع القرار: "الصمت ليس خياراً ممكناً، وحان وقت الحقيقة.. يتحمل أعضاء مجلس الأمن مسؤولية التصويت تأييداً لتدابير تلتزم بالسلم والأمن الدوليين وتحافظ عليهما.. التصويت لصالح مشروع القرار هذا يمثل دعماً لحق الفلسطينيين في الحياة، والتصويت ضده ينطوي على تأييد للعنف الوحشي والعقاب الجماعي المفروض على الفلسطينيين".
وأكد أن مجلس الأمن "يجب أن يكفل التزام جميع الأطراف بوقف إطلاق النار"، محذراً من "منعطف خطير نقترب منه بحيث لا يصبح هناك معنى للمطالبة بوقف إطلاق النار في حال لم يجر تبني القرار".
عودة بن جامع الشاقة
وترتبط عودة بن جامع، المقال من منصبه سفيراً لدى باريس في العام 2016، إلى العمل الدبلوماسي بوزير الخارجية أحمد عطاف، الذي تولى المنصب منتصف مارس/آذار 2023 بعد أكثر من عقدين من الغياب، حيث لم ينس الأخير رفيقه في الدراسة ومساعده السابق في الخارجية منتصف التسعينيات.
يتحدر بن جامع من منطقة سكيكدة شرقي الجزائر، وتخرج برفقة عطاف من المدرسة الوطنية للإدارة، قسم الدبلوماسية عام 1975، ضمن الدفعة التي ضمت كوادر مثل وزير الخارجية السابق رمطان لعمامرة والدبلوماسي والوزير الأسبق عبد العزيز رحابي، وفي خضم مرحلة كانت تقود فيها الجزائر خط دول عدم الانحياز وترافع في الأمم المتحدة لصالح نظام دولي عادل، وتدعم حركات التحرر.
جاء أول تعيين لبن جامع في منصب دبلوماسي بعد تولي الشاذلي بن جديد رئاسة الجزائر، وذلك سكرتيراً أول في السفارة الجزائرية في روسيا بين عامي 1980 و1984، ما سيؤهله بعد ذلك لشغل مدير قسم الدول الشرقية في وزارة الخارجية الجزائرية، الحيوي بالنسبة لبلد على صلة وثيقة بدول المعسكر الشرقي، ليعين من 1989 إلى غاية 1991 في منصب نائب المندوب الدائم للجزائر لدى الأمم المتحدة، ثم سفيرا في أثيوبيا حيث مقر الاتحاد الأفريقي، قبل أن ينقل الى لندن سفيرا إلى غاية العام 1996.
إبعاد في زمن بوتفليقة
لكن أكثر المراحل دقة في مسار عمار بن جامع كانت بعد تعيينه أميناً عاماً للخارجية في منتصف التسعينيات، بعدما أصبح أحمد عطاف وزيراً للخارجية للمرة الأولى في عهد الرئيس السابق ليامين زروال، بسبب حساسية تلك المرحلة وظروفها المتسمة بأزمة أمنية عنيفة كانت تشهدها الجزائر، وبسبب مساعي مشكلة تدويل الأزمة الجزائرية التي انتهت بقدوم لجنة تحقيق دولية عام 1998.
ساهم بن جامع، خلال شغله منصب أمين عام للخارجية، في تسيير توتر العلاقات مع المغرب وقرار بلاده إغلاق الحدود، لكن مع مجيء الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة إلى السلطة عام 1999، قام هذا الأخير بتحييد عدد كبير من الدبلوماسيين من المناصب المركزية في الخارجية، حيث تقرر إيفاد بن جامع سفيرا للجزائر في طوكيو، بين عامي 2001 و2005، ليشغل بعد ذلك منصب مستشار مكلف بملف الشراكة مع الاتحاد الأوروبي والتعاون المتوسطي.
بعدها، سيصبح بن جامع سفيراً في بروكسل ومندوب الجزائر لدى الاتحاد الأوروبي من 2010 حتى عام 2013، لينتقل بعدها إلى باريس. لكن شاء الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، أو محيطه على الأقل، أن تكون باريس آخر محطة في مساره الدبلوماسي، بعدما أُقيل من منصبه سفيراً في ديسمبر/كانون الأول 2016، على خلفية قضية منحه تأشيرات لضيوف فرنسيين لحضور منتدى لم تكن السلطات الجزائرية ترغب في حضورهم.
وبعد نحو ثماني سنوات من الإبعاد، أعلنت الجزائر في 11 إبريل/نيسان 2023 عن تعيين عمار بن جامع رئيسا للبعثة الجزائرية في الأمم المتحدة خلفا لنذير العرباوي، الذي عين مديرا لديوان رئيس الجمهورية ثم رئيسا للحكومة، في وقت كانت فيه الجزائر تستعد لشغل منصب عضو غير دائم في مجلس الأمن.