علق مسؤول عراقي بارز في بغداد، على تصريحات المبعوث الأميركي لسورية، المستقيل قبل أيام، جيمس جيفري، حيال جدية نوايا إغلاق السفارة الأميركية في بغداد، وأنها ما زالت قائمة، بأن حكومة بلاده تواصل مساعي إبقاء وضع التهدئة على ما هو عليه ومنع تجدد هجمات صواريخ الـ"كاتيوشا" على المنطقة الخضراء، مؤكداً أن حكومة رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تسعى إلى الحيلولة دون تنفيذ واشنطن خطتها، لكن الخشية تكمن في أن تؤدي المرحلة الانتقالية الحالية في البيت الأبيض إلى انعكاسات على العراق.
وكان المبعوث الأميركي جيمس جيفري قد أكد، السبت، في تصريحات لوسائل إعلام أميركية، بأن الولايات المتحدة لا تزال تفكر في غلق سفارتها في بغداد في حال لم تضع الحكومة العراقية حداً لهجمات المليشيات الموالية لطهران على المصالح الأجنبية في البلاد، مؤكداً أنّ "هذه القضية لا تزال مستمرة، لم يكن التهديد زائفاً، لقد كان خطيراً للغاية".
وتأتي تصريحات الدبلوماسي الأميركي الذي سبق أن عمل سفيراً لبلاده في بغداد بين عامي 2010 و2012، بالتزامن مع عودة تهديدات فصائل مسلحة موالية لإيران، بمعاودة نشاطها المسلح ضد الوجود العسكري الأميركي؛ بسبب ما اعتبرته مماطلة حكومة الكاظمي في تقديم جدول زمني لانسحاب تلك القوات، وذلك بعد إعلان الفصائل ذاتها عما وصفته بـ"هدنة" في 11 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مقابل بدء الحكومة العمل على مغادرة جميع القوات الأميركية من البلاد وفقاً لجدول زمني معلن.
وعلّق مسؤول عراقي بارز في بغداد على تصريحات جيفري بالقول إنّ حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي شكلت خلية عمل سابقة تضم قيادات عسكرية وشخصيات سياسية، إضافة إلى رئيس هيئة "الحشد الشعبي"، من أجل الحفاظ على حالة التهدئة الحالية بين الجماعات الموالية لإيران والجانب الأميركي وما زالت مستمرة لضمان التهدئة.
واعتبر المسؤول الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، في حديث لـ"العربي الجديد"، أنّ "إغلاق السفارة الأميركية لن يكون جيداً على أمن العراق ولا مستقبل تلك الفصائل ولا حتى سيكون إجراء الانتخابات المبكرة مضموناً"، متهماً فصائل مسلحة بأنها "تبتز الحكومة على مختلف الأصعدة من بينها مالياً من أجل كسب سكوتها ووقف الهجمات"، دون أن يسمي تلك الفصائل.
ورأى أنّ إغلاق السفارة سيكون "بمثابة الاستعداد لضربات أميركية ضد أهداف ومعسكرات الفصائل المسلحة، وهذا سيدخل العراق في دوامة كبيرة من اللااستقرار، ويتفهم قادة أحزاب وزعامات سياسية ذلك جيداً".
وأقرّ بأن "أدوات رئيس الوزراء في الحفاظ على الهدنة محدودة جداً لعدة أسباب، أولها افتقاده لكتلة سياسية داعمة له، وتعدد مصادر القرار داخل الفصائل المسلحة بشكل فوضوي تميز به عموماً ملف المليشيات في العراق بمرحلة ما بعد اغتيال قاسم سليماني مطلع العام الحالي".
الرئيس الأميركي الخاسر بالانتخابات دونالد ترامب، ربما يتخذ هكذا قرار قبل مغادرة البيت الأبيض
وقال عضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي، كاطع الركابي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عودة تلويح المسؤولين الميركيين بشأن إغلاق السفارة قد تكون من ضمن مساعي دفع الحكومة للضغط على الجهات التي تعادي واشنطن"، وفقاً لتعبيره، مبيناً أنّ "التهديد بإغلاق السفارة الأميركية، قد لا يبقى مجرد تصريحات ومحتمل أن ينفذ القرار، خصوصاً أنّ الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب، ربما يتخذ هكذا قرار قبل مغادرة البيت الأبيض".
وأكد النائب العراقي أنّ "الحكومة العراقية، لها طرق وآليات ووسائل للتواصل مع الحكومة الأميركية، لمنعها من اتخاذ هكذا قرار في المستقبل القريب أو البعيد، وهي تعمل على هذا الأمر منذ وقت طويل".
في المقابل، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي عامر الفايز، في تصريح صحافي، إنّ "إعلان غلق السفارة الأميركية جاء على خلفية القصف المستمر على البعثات والسفارات حينها، إلا أن خطر إغلاق السفارة الأميركية في بغداد أصبح غير موجود لأن الأسباب القائمة على نية غلقها أصبحت غير موجودة".
وبيّن الفايز أن "قضية استهداف السفارات متوقفة الآن بعد السيطرة على الأمر"، لافتاً إلى أنه "لا توجد مفاوضات بين الحكومة العراقية والسفارة الأميركية بشأن إغلاق السفارة".
وكشف وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين، رسمياً، في سبتمبر/ أيلول الماضي، عن نية الولايات المتحدة الأميركية غلق سفارتها في العاصمة بغداد، بعد تصاعد الهجمات الصاروخية عليها من قبل فصائل مسلحة مدعومة من إيران، فيما أعلن حسين في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، عن حراك دولي لثني الولايات المتحدة عن قرار إغلاق سفارتها في بغداد.
وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي قد شدد، الشهر الماضي، على أن العمليات التي تستهدف التحالف أو القوات الأميركية المشاركة فيه أو حتى السفارات الأجنبية تشكل مساساً بأمن البلاد ومصالحها، فيما أصدر قراراً بتشكيل لجنة تحقيق في الخروقات التي تستهدف أمن العراق وهيبته وسمعته والتزاماته الدولية وتحديد المقصرين، في إشارة إلى عمليات إطلاق الصواريخ باتجاه سفارات أو قواعد أميركية، فضلاً عن تفجيرات استهدفت مواكب للتحالف، لكن أيا من تلك اللجان لم تعلن عن نتائج تحقيقها.