قال وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، الأربعاء، إنّ استمرار الحرب الإسرائيلية على غزة يزيد عمق وشدة معاناة أهالي القطاع المحاصر، مشدداً على ضرورة اتخاذ خطوات عاجلة من أجل توسيع حجم دخول المساعدات وضمان استمراريتها.
وجاءت تصريحات المسؤول الأممي خلال إحاطة له أمام مجلس الأمن الدولي في نيويورك، بعد أن عقد اجتماعاً بشأن قرار محكمة العدل الدولية الذي صدر يوم الجمعة الماضي، وبموجبه أصدرت المحكمة أوامر بتدابير أولية في القضية المرفوعة من جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، والتي تتهمها فيها بارتكاب إبادة جماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
وعقد الاجتماع بطلب من الجزائر، الدولة العربية العضوة في المجلس في دورته الحالية.
وتوقف غريفيث في إحاطته عند الوضع الإنساني في غزة، مشيراً إلى اضطرار أكثر من عشرين مستشفى للتوقف عن تقديم خدماتها بسبب استهدافها أو نقص الإمدادات والطواقم الطبية، وإلى تدمير أكثر من 60 بالمائة من الوحدات السكنية، ناهيك عن تشريد أكثر من 75 بالمائة من السكان، لافتاً إلى وجود مرضى ومصابين بجروح خطيرة غير قادرين على تلقي العلاج الطارئ واللازم في غزة، مطالباً بضرورة تسهيل عمليات الإجلاء الطبي لهم وبسرعة.
وفي ما يتعلق بالمساعدات الأنسانية، أشار غريفيث إلى ضرورة توصيل الإمدادات وتوزيعها بأمان، معتقداً أن "هذا يحتاج إلى تحسين الضمانات الأمنية بشكل كبير، كما يحتاج لضمان تدفق الإمدادات بشكل يمكن التنبؤ به، وكذلك الحاجة إلى الوصول السريع للمحتاجين ودون عوائق".
وأكد المسؤول الأممي كذلك على ضرورة فتح عدد أكبر من النقاط الحدودية، قائلاً إنّ الأمم المتحدة تواجه رفضاً متكرراً من إسرائيل لإدخال الكثير من المواد الطارئة والأساسية، مضيفاً أن "الأمم المتحدة حالياً غير قادرة، إلى حد كبير، على الوصول إلى خانيونس والمنطقة الوسطى وشمال غزة".
وفي حديثه عن وقف عدد من الدول المانحة تمويلها لوكالة "أونروا"، قال المسؤول الأممي إنّ "استجابتنا الإنسانية في المناطق المحتلة تعتمد على حصول أونروا على التمويل الكافي"، داعياً الدول إلى إلغاء قراراتها بتجميد تمويل المنظمة.
من جهته، طالب المندوب الدائم لدى الجزائر في الأمم المتحدة عمار بن جامع، بوقف فوري لإطلاق النار في قطاع غزة، مشددّاً على ضرورة تنفيذ إسرائيل "التدابير التحفظية التي طالبت بها محكمة العدل الدولية".
وقال المندوب الجزائري لدى الأمم المتحدة، خلال جلسة لمجلس الأمن، إنّه "لا بد من وقف هذا العدوان العبثي الآن، وعلى كل من يعترض على ذلك أن يسائل ضميره ويراجع إنسانيته"، مشدداً على الضرورة القصوى لـ"وقف حمام الدماء والإبادة التي يتعرض لها الفلسطينيون".
وأوضح أن "التدابير التحفظية التي أقرتها محكمة العدل الدولية لا يمكن تطبيقها إلا من خلال وقف إطلاق النار"، داعياً مجلس الأمن إلى أن "يتخذ فوراً ودون تأخير كافة التدابير اللازمة من أجل إعلاء صوت العدالة وضمان تنفيذ قرارات محكمة العدل الدولية"، مضيفاً أنه "على كل من يؤمن بنظام عالمي يقوم على القانون أن يعمل على تنفيذ التدابير التحفظية التي أقرتها محكمة العدل الدولية".
وأكد بن جامع أن "حكم محكمة العدل الدولية يحتاج وقفاً فورياً لإطلاق النار، هذه المحكمة قضت بأنه يجب على إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، أن تضمن وبشكل فوري عدم قيام قواتها بارتكاب أي أعمال قتل في حق الفلسطينيين، ويجب عليها اتخاذ إجراءات فورية وفعالة لضمان توفير الخدمات الأساسية والمساعدات الإنسانية التي يحتاج إليها الفلسطينيون في قطاع غزة"، واصفاً الأوضاع في غزة بأنها "كارثة إنسانية تقع أمام أعيننا، وجريمة إبادة مكتملة الأركان (...) لا يوجد أي شيء يمكن أن يبرر هذه الهمجية في حق الشعب الفلسطيني".
إلى ذلك، تحدثت السفيرة الأميركية للأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، خلال مداخلتها أمام مجلس الأمن، عن ضرورة إدخال المساعدات الإنسانية والعمل على تسريع وصولها بشكل آمن ودون عوائق، على النحو المطلوب في قرارات مجلس الأمن 2712 و2720 للعام الماضي.
وزعمت السفيرة الأميركية أن "التدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية تتوافق مع وجهة نظر الولايات المتحدة في أن لإسرائيل الحق في اتخاذ إجراءات وفقاً للقانون الإنساني الدولي لضمان عدم تكرار الهجمات التي وقعت في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي".
وأضافت: "دون شك فإن الطريقة التي تدافع بها إسرائيل عن نفسها مهمة (...) أكدت المحكمة أن جميع أطراف النزاع ملزمة بالقانون الإنساني الدولي"، مجددةً دعوتها إلى إسرائيل بـ"اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين والعاملين في المجال الإنساني، وزيادة تدفق المساعدات الإنسانية".
وأوضحت أنه خلال المحادات الأميركية مع قادة إسرائيل "كانت الولايات المتحدة واضحة بشأن الحاجة الملحة إلى زيادة تدفق الغذاء والماء والدواء، حتى يتسنى لها الوصول إلى كل هؤلاء المدنيين في غزة الذين هم في أمس الحاجة إليها".
ورأت السفير الأميركية أن "المحكمة لم تأمر بوقف إطلاق النار"، مضيفةً أن "الظروف حالياً ليست مواتية لمثل هذه الخطوة".
وتحدثت غرينفيلد عن المحادثات التي تجري بالتنسيق مع قطر ومصر من أجل التوصل إلى اتفاق تبادل أسرى بين حركة حماس وإسرائيل، واصفةً المقترح المقدم بـ"القوي والرصين"، مؤكدةً أنه "يرمي إلى وقفات إنسانية أطول من المدة السابقة".
وبشأن تعليق تمويل وكالة "أونروا"، أوضحت السفيرة الأميركية أن قرار بلادها بوقف تمويلها المنظمة "بمثابة إنذار ودعوة للتيقظ"، مؤكدةً رغبة واشنطن بـ"إجراء تغييرات على عمل أونروا"، دون أن تتطرق إلى مزيد من التفاصيل.