في ظل زخم الأخبار الذي تعيشه الساحة الفلسطينية، اندفع البعض نحو إنشاء مواقع إلكترونية لنشر محتوى فلسطيني يُركز على القضايا المطروحة والأوضاع الراهنة، إلى جانب المواقع والصحف الإخبارية المنتشرة في البلاد، وبرزت الحاجة إلى مواقع مستقلة لا تتبع حزباً أو اتجاهاً محدداً.
كما برزت أهمية استغلال تطور وسائل التواصل الاجتماعي في الوصول إلى جمهور الأخبار بجانب عمل تلك المواقع. ومن هذا المنطلق، تُفسر رئيسة تحرير موقع "الجديد الفلسطيني"، دنيا عيسى، الحاجة التي دفعت نحو إنشاء هذا الموقع الذي يحاول الدمج بينه وبين "سوشيال ميديا"، تحت طابع إخباري مستقل يخلق حالة من التفاعل مع القارئ الفلسطيني.
وتقول عيسى لـ"العربي الجديد": "يظهر أن هناك حالة من الركود بالنسبة للمواقع الإلكترونية حيث يتوجه القارئ لمصدر المعلومات من خلال سوشيال ميديا بشكل أكبر، وموقع "الجديد الفلسطيني" ظهر ليركز على استغلال مواقع التواصل الاجتماعي والعمل عليها في محاولة إحراز تقدمٍ لافت على صعيد المواقع المنتشرة، وهو ما ظهر خلال 8 شهور من إنشائه".
وأصبح القارئ الفلسطيني متعطشاً للإعلام المستقل الذي أصبح عملة نادرة في البلاد، حيث يسيطر الإعلام الحزبي بشكل كبير، وظهر تأثيره في حالة الملل والركود وانصراف الناس عن متابعة الإعلام، لدواعٍ منها غياب الثقة، وفق عيسى.
غير أن ظهور إعلامٍ مستقل يعمل بأريحية قد لا يكون سهلاً، وهو ما تلفت إليه الصحافية دنيا عيسى. ومن صعوبات إنشاء الموقع الإلكتروني هي غياب التمويل، فضلاً عن حالة الرقابة الذاتية المفروضة على نشر الأخبار المرتبطة بمعلومات صحيحة من دون محاولة خلق مشاكل سواءً في غزة أو الضفة المحتلة.
من جانب آخر، يؤكد رئيس المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، سلامة معروف، أن "الاستثمار في مجال العمل الإعلامي مبعثه وارتباطه في كثير من الأحيان ليس الربح المادي. فالإعلام لما يمتلك من أدوات تؤثر في الرأي العام ينشط دائما في البيئات غير المستقرة سياسياً والواقع الفلسطيني جزء من هذه الحالة".
ويقول معروف لـ"العربي الجديد": "كلما عاودت حالة المناكفة السياسية لتطفو على السطح بين أقطاب الانقسام في الداخل الفلسطيني (حركتي فتح وحماس)، شهدنا ازدياداً في وتيرة ظهور وسائل إعلامية جديدة، منها ما هو معروف، وما هو مجهول يعمل أقرب ما يكون إلى الصحافة الصفراء".
ويضيف معروف: "ربما فعلاً خلال الفترة الماضية، لاحظنا ظهوراً لعدد من المواقع الفلسطينية على الصعيد الفلسطيني، وحتى جزء ليس باليسير منها يعد مواقع غير معروفة وبالحد الأدنى غير مرخصة".
فيما ينوه رئيس المكتب الإعلامي الحكومي إلى أن "الباب يظل مفتوحاً أمام استقبال الساحة الفلسطينية المزيد من المؤسسات الإعلامية طالما تلتزم بالقوانين والأطر القانونية التي حددتها القوانين المنظمة للعمل الإعلامي. أما اللافت فهو ظهور هذه المواقع في وقت "ربما تشهد مؤسسات إعلامية عريقة عجزاً على صعيد القيام بالحد الأدنى من مسؤولياتها تجاه العاملين فيها وعدم قدرتها على الاستمرار في أداء خدماتها".
ويرى معروف أن ظهور هذه المواقع الإلكترونية، نابعٌ من اتجاهين، الأول من جهة أنه "لا يمكن إعفاء القوى السياسية من ظهور هذه المواقع واستخدامها ومحاولة أن تكون إحدى الأذرع التي تعتمد عليها في التأثير على الرأي العام"، بينما "حالة التدافع في ظل استقبال الواقع الفلسطيني المئات من خريجي الإعلامي سنوياً والذين يحاولون إيجاد موطئ قدمٍ لهم في العمل بالمهنة"، من جهة ثانية.
إلى ذلك، يؤكد نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين، تحسين الأسطل، أن المواقع الإلكترونية التي تقدم خدمات إخبارية، غالبيتها تتبع لأحزابٍ وفصائل ومؤسسات وبعضها يكون داعماً لبعض الشخصيات، وهو الأمر الذي يخضع لرغبة المؤسسة في استمرار العمل من عدمه، وهو ما يُترجم حالة ظهور بعض المواقع ومن ثم غيابها، إذ ليس هنالك محددات أساسية لظهورها.
ويشدد الأسطل على ضرورة توافر الشروط والضوابط في المواقع الإلكترونية الجديدة كما باقي وسائل الإعلام، ويقول لـ"العربي الجديد": "نحن كنقابة صحافيين نتعامل معها كوسيلة نشر لا بد أن تتوافر فيها المحددات التي تتعلق بعقود العمل والحقوق وأخلاقيات المهنة وتسجيلها كشركة، إضافة إلى تسجيلها عهدة مالية في البنوك لضمان حقوق العاملين بها وإيجاد عقودٍ مع العاملين فيها، وهيكلية هذه المواقع ورسالتها التي لا بد أن تكون واضحة".
ولوحظ في الفترة الأخيرة بروز مواقع إخبارية فلسطينية بعدد أكبر من ذي قبل، بعضها من نتاج شبابي، لكن الغالبية منها حزبي ومسيس، تعمل لمصالح حزبية ضيقة، لكن الرهان يبقى على المتابعين الفلسطينيين وقدرتهم على تمييز الوسيلة الإعلامية الأفضل، كل بحسب رأيه وموقفه السياسي والاجتماعي.