غوتيريس: حان الوقت للعمل بحسم من أجل السلام وشعب السودان

28 أكتوبر 2024
غوتيريس خلال مؤتمر صحافي في الأمم المتحدة حول الوضع في السودان، 15 إبريل 2024 (Getty)
+ الخط -

قال الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريس، اليوم الاثنين، "إن الوقت قد حان للعمل بحسم من أجل السلام وشعب السودان"، مؤكداً ضرورة إنهاء الحرب. وشدد في الوقت ذاته على "الكابوس الذي يواجهه الشعب السوداني في العنف والجوع والأمراض، ناهيك عن النزوح وزيادة العنف العرقي".

كما حذر غوتيريس من تبعات الصراع وتداعياته على الاستقرار الإقليمي في الوقت الذي قال فيه إن "الظروف غير ملائمة لنشر قوة تابعة للأمم المتحدة في السودان". وقدم غوتيريس توصيات لمجلس الأمن حول سبل مختلفة ممكنة لحماية المدنيين. وجاءت إحاطته خلال اجتماع لمجلس الأمن الدولي في نيويورك لنقاش الوضع في السودان.

قرابة 25 مليون سوداني في حاجة إلى مساعدات إنسانية

وتحدث الأمين العام للأمم المتحدة عن حاجة قرابة 25 مليون سوداني إلى مساعدات إنسانية. وأضاف "يواجه الشعب السوداني كذلك كابوس الجوع، حيث يعاني أكثر من 750 ألف سوداني مستويات كارثية من انعدام الأمن الغذائي، في الوقت الذي نلاحظ فيه ترسخاً لظروف المجاعة في عدد من مناطق النزوح شمال دارفور، بينما يحاول الملايين إيجاد لقمة لمسك رمقهم".

وتوقف كذلك عند تفشي الأمراض بما فيها الكوليرا والملاريا وحمّى الضنك والحصبة الألمانية". وحذر من كابوس انهيار البنية التحتية والبنية التحتية الصحية بالكامل في حال توقفت الأنظمة الصحية الحيوية وشبكات المياه والصرف الصحي، والإمدادات، والإنتاج الزراعي، والمواصلات. 

وتحدث أيضاً عن كابوس آخر يواجهه السودانيون وهو النزوح، حيث "يشهد السودان أكبر أزمة نزوح في العالم، إذ أجبر أكثر من 11 مليون سوداني على النزوح، بمن فيهم ثلاثة ملايين اضطروا إلى الفرار خارج السودان، منذ اندلاع الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع قبل قرابة العام ونصف العام.

العنف وتأجيج الصراع من أطراف خارجية

وتوقف غوتيريس عند معاناة المدنيين في السودان بما فيها قتل الآلاف، في حين يواجه هؤلاء الذين بقوا على قيد الحياة "فظائع لا يمكن وصفها وعلى نطاق واسع، بما فيها الاغتصاب والاعتداء الجنسي". وتحدث عن "تقارير صادمة وردت في الأيام الأخيرة عن قتل وعنف جنسي جماعي في عدد من القرى بولاية الجزيرة، شرق السودان". كما حذر من أن يصبح السودان وبسرعة "كابوساً للعنف العرقي، خاصة في ظل التصعيد الكبير الذي تشهده الفاشر، دارفور". وكرر مناشدته لكل من قوات الدعم السريع والجيش السوداني بإنهاء القتال والجلوس إلى طاولة المفاوضات.

ووجه غوتيريس انتقادات "إلى أطراف خارجية تعمل على تأجيج النيران وبدلاً من أن يخفف الطرفان (قوات الدعم السريع والجيش) من التوترات يقومان بالتصعيد العسكري". ولم يذكر "الأطراف الخارجية" بالاسم. كما حذر الأمين العام من تأثير الصراع وزيادة عوامل انعدام الاستقرار الإقليمي من الساحل للقرن الأفريقي والبحر الأحمر. وتوقف عند القرار 2736 والذي تبناه مجلس الأمن الدولي في يونيو/ حزيران الماضي وطالب قوات الدعم السريع بوقف حصارها للفاشر، كما الوقف الفوري للقتال وخفض التصعيد في الفاشر والمنطقة المحيطة. وأشار إلى نص القرار على طلب من الأمين العام للأمم المتحدة يقدم بموجبه توصيات لطرق حماية المدنيين.

وأشار إلى أنه رفع تقريره إلى مجلس الأمن. وركز خلال إحاطته للمجلس على ثلاث نقاط رئيسية: أولها التوصل إلى اتفاق فوري بين الجانبين على وقف الأعمال العدائية. ورأى أن اتفاقاً من هذا القبيل يجب أن يترجم بوجود وقف للقتال وهدن إنسانية تفتح المجال "لسبل للحوار وتضع الأسس لوقف شامل لإطلاق النار". ولفت الانتباه في هذا السياق إلى ضرورة العمل على تكثيف الجهود الدبلوماسية لوقف الصراع ووضع حد لاستمراره. وأشار إلى الجهود التي يبذلها مبعوثه الشخصي، رمطان لعمامرة. وحث مجلس الأمن على دعم جهود لعمامرة بالعمل مع الأطراف الإقليمية بما فيها الاتحاد الأفريقي، وجامعة الدول العربية، والهيئة الدولية للتنمية (إيغاد).

وركز في النقطة الثانية على قضية حماية المدنيين. مؤكداً ضرورة دعم مجلس الأمن الدولي لحمايتهم بما ينص عليه القانون الدولي الإنساني بما فيها التزام الطرفين بما تم الاتفاق عليه في إعلان جدة. وحمل غوتيريس كلّاً من قوات الدعم السريع والجيش السوداني المسؤولية الرئيسية "لضمان حماية المدنيين والمفاوضات". وعبر عن فزعه إزاء "الهجمات المستمرة من قبل قوات الدعم السريع ضد المدنيين في الفاشر والمناطق المحيطة، بالإضافة إلى التقارير التي تشير إلى شن عناصر موالية للقوات المسلحة السودانية هجمات ضد المدنيين في الخرطوم واستمرار النزوح الجماعي بسبب غارات جوية عشوائية على مناطق سكنية". وناشد بضرورة السماح للمجتمع المدني والصحافيين بتأدية عملهم من دون التعرض للهجمات والتهديد. وناشد بوقف تدفق الأسلحة بشكل مباشر وغير مباشر إلى السودان.

ولفت الانتباه إلى الدعوات السودانية، بما فيها تلك الصادرة عن منظمات حقوق الإنسان والتي تطالب باتخاذ تدابير حماية تتضمن "نشر شكل من أشكال القوات المحايدة بغية حماية المدنيين. تعكس هذه الدعوات خطورة الوضع والحاجة الملحة للمدنيين". وأضاف أنه لا يعتقد أن الظروف اللازمة تتوفر حالياً لنشر قوات تابعة للأمم المتحدة بشكل ناجح لحماية المدنيين في السودان". وأكد في الوقت ذاته أن "الأمانة العامة للأمم المتحدة تقف على أهبة استعداد للتواصل مع مجلس الأمن وجهات أخرى حول مجموعة من الوسائل التشغيلية التي يمكن أن تسهم بشكل مجدٍ في تقليص العنف وحماية المدنيين". مشدداً على أن ذلك يتطلب اتخاذ نهج جديد بغية التكييف مع الظروف والتحديات الكبيرة للصراع.

أما النقطة الثالثة التي ركز عليها غوتيريس، فكانت ضمان تدفق المساعدات الإنسانية. ولفت الانتباه إلى وجود تحديات كبيرة في التمويل كما الوصول إلى مناطق بعينها، مؤكداً في الوقت ذاته أن الأمم المتحدة تمكنت من تقديم المساعدات لقرابة اثني عشر مليون سوداني في الأشهر التسعة الأولى من السنة. ولفت الانتباه إلى ضرورة السماح بوصول المساعدات من دون عائق وعبر كل الطرق الممكنة بما فيها تلك التي عبر الحدود وعبر خطوط التماس. وأكد ضرورة توفير المزيد من التمويل حيث حصل صندوق الأمم المتحدة للمساعدات الإنسانية على 56 % فقط من التمويل لهذا العام. وكانت الأمم المتحدة قد أطلقت نداء بالتمويل يصل إلى 2.7 مليار دولار.

بن جامع يتهم "الدعم السريع" بارتكاب مجازر في حق المدنيين بالسودان

في موازاة ذلك، هاجم مندوب الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع، اليوم الاثنين، قوات الدعم السريع، واتهمها بارتكاب مجازر في حق المدنيين، وطالب بالمحاسبة ومنع الإفلات من العقاب، والحد من التدخلات الأجنية في السودان.

وقال بن جامع في بيان مشترك باسم المجموعة الأفريقية التي تضم غينيا وموزامبيق وسيراليون، خلال مناقشات مجلس الأمن للوضع في السودان: "ندين بشدة الانتهاكات المروعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع يوم الجمعة الماضي في قرية السريحة، حيث قتل ما لا يقل عن 124 مدنياً، والصور التي رأيناها خلال اليومين الماضيين مروعة، وتمثل مثالاً آخر على عدم وجود أي مفهوم لاحترام القانون الدولي".

وفي رأي بن جامع، فإن "تجدد الاشتباكات في الخرطوم والفاشر، ولا سيما الهجمات التي شنتها قوات الدعم السريع على المدينة، تعد مثالاً صارخاً على التجاهل الذي يظهر ليس فقط تجاه هذا المجلس، ولكن أيضاً تجاه المجتمع الدولي، فبعد مرور أكثر من 18 شهراً على بدء الصراع، لم نشهد بعد قدراً ضئيلاً من إظهار الاستعداد من جانب الأطراف للالتزام بوقف إطلاق النار والانخراط في عملية سياسية ذات مغزى". وجدد الدعوة إلى "موقف حازم والإدانة العلنية والحازمة للتدخلات الأجنبية" في السودان.

وشدد المندوب الجزائري على ضرورة العمل على "حماية المدنيين في السودان، وإقناع الأطراف بالالتزام بوقف إطلاق النار كأولوية قصوى وكأمر حتمي، وتوفير الدعم اللازم لأي اتفاق لوقف إطلاق النار وأن يتماشى أي مسعى لحماية المدنيين مع آليات المساءلة لوضع حد للإفلات من العقاب وتقديم مرتكبي الفظائع والجرائم وجميع أنواع الانتهاكات إلى العدالة"

وأدان بن جامع "استمرار العنف المرتكب ضد المدنيين، حيث إن هذا الصراع أكثر ترويعاً على النساء والفتيات والأطفال الذين يتعرضون للاغتصاب والاختطاف وسوء المعاملة". وقال: "من الصعب العثور على الكلمات الدقيقة لوصف الوضع المروع في السودان والتعبير عن شعورنا بعدم القدرة على تزويد الشعب السوداني بالحاجيات الضرورية، بينما لا يزال المدنيون يحملون أنماطاً مروعة من المذبحة في السودان". ووصف بن جامع الوضع الإنساني في السودان بأنه "مزرٍ مع تفشي العديد من الأمراض، بما في ذلك الكوليرا والملاريا، بالإضافة إلى عواقب الفيضانات الأخيرة على أكثر من 100 ألف شخص".

وكان الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، قد تطرق أمس الأحد خلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده في القاهرة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى الوضع في السودان، قائلاً إنه "يؤلمنا كثيراً ما يحدث بين الأشقاء، الفتنة صعبة، ومن يقوم بالفتنة سيحاسب، ونحن مع إرساء توافق بين الإخوة في الوطن الواحد".