كلفة التدخل الإيراني بسورية بدأت تكبر شيئا فشيئا وتزيح معها الستار عن درجة ذلك التدخل، الذي ظلت طهران تدّعي بأنه محدود. وحسب مقال بمجلة "نيويوركر" الأميركية فإن إيران لم يعد في وسعها التقليل من شأن تدخلها بسورية، بما أن عدد عمليات تشييع الموتى الإيرانيين بسورية في تزايد هذه الأيام.
وحسب نفس المجلة، فإنه خلال هذا الشهر وحده قتل اثنان من الجنرالات الإيرانيين بسورية، إضافة إلى حارس شخصي كبير للرئيس السابق، محمود أحمدي نجاد، وخلال الأشهر الأخيرة، قتل عدد من القياديين ضمن الحرس الثوري، الذين تصفهم إيران بـ "المستشارين العسكريين" في ثلاث جبهات متفرقة.
وفي آخر حصيلة للقتلى الإيرانيين، أفاد مراسل "العربي الجديد"، الثلاثاء، بأن عسكريين إيرانيين اثنين قتلا خلال مواجهات مع المعارضة المسلحة في سورية، فيما نقلت مواقع إيرانية خبر مقتل عسكري إيراني آخر ينتمي لصفوف قوات التعبئة أو ما يعرف بـ"الباسيج" في سورية كذلك، وذكرت المواقع أنه أول إيراني من محافظة أصفهان الواقعة وسط البلاد يفقد حياته في سورية.
وفي تعليقها على هذه الخسائر البشرية للجيش الإيراني، كتبت مجلة "نيويورك": "الكلفة البشرية للتدخل الإيراني بسورية، لدعم الرئيس بشار الأسد، كانت في البداية صغيرة، ولم تكن تلاقي اهتماما كبيرا. أول من لقوا حتفهم كانوا مقاتلين شبابا ضمن المليشيات شبه العسكرية".
وأضاف مقال المجلة الأميركية أن الجمهورية الإسلامية الإيرانية كانت تقول عن أول دفعة من رجالها الذين سقطوا بميدان المعركة إنهم "متطوعون" شباب تم نشرهم لحماية أماكن العبادة بسورية، غير أن هذا العدد ارتفع كثيرا في الآونة الأخيرة. ففي شهر يونيو/ حزيران نقلت وكالة الأنباء الرسمية الإيرانية أن ما يزيد عن 400 متطوع من إيران، بمن في ذلك اللاجئون الأفغان الذين يعيشون بالبلاد، لقوا حتفهم بسورية.
كما ذكر المقال أن وكالات الأخبار الإيرانية ومواقع التواصل الاجتماعي أصبحت مليئة بقصص المسؤولين العسكريين البارزين الذين قضوا بسورية، مضيفا أن تشييع الموتى الإيرانيين تحول إلى مناسبات عامة، تجتذب أحيانا الآلاف إلى شوارع طهران للمشاركة في عمليات الدفن.
وكانت إيران تحاول في البداية إخفاء درجة تدخلها العسكري بسورية، كالادعاء مثلا بأنها ترسل متطوعين لحماية أماكن العبادة، لكن حسب المجلة الأميركية فإن طهران وجدت نفسها مرغمة على الإقرار بخسائرها البشرية، بما في ذلك فقدانها لأربعة جنرالات خلال العام الماضي، وحديث تقارير إخبارية عن ضعف هذا العدد منذ بدء التدخل الإيراني، وهو ما بدأ يكشف الستار عن حجم ودرجة التدخل الإيراني بسورية.
كما اعتبرت المجلة أن فقدان إيران للجنرال حسين همداني، الذي لقي مصرعه بسورية في الثامن من الشهر الحالي، شكل ضربة موجعة لإيران، وربما حتى لنظام بشار الأسد. وذكرت في هذا الصدد أن بشار الأسد بات يعتمد بشكل متصاعد على القادة العسكريين الإيرانيين لبلورة الاستراتيجيات العسكرية، وعلى حزب الله، لجلب مقاتلين جدد. وأوضحت أن همداني كان يساعد النظام في التخطيط للعمليات العسكرية شمالي سورية، لمواجهة المعارضة السورية المسلحة، وتنظيم "الدولة الإسلامية"، وأحد فروع القاعدة، فضلا عن عدد من المليشيات الصغيرة.
اقرأ أيضا: إيران تعزز وجودها في العراق بمئات مقاتلي الحرس الثوري