"فاغنر".. من مجموعة ملاحقة في بيلاروسيا إلى الاضطلاع بمهمة خاصة

20 يوليو 2023
عناصر من "فاغنر" مع جنود من الجيش البيلاروسي (أسوشييتد برس)
+ الخط -

في منتصف عام 2020، مرت العلاقات بين موسكو ومينسك بأيام عصيبة على إثر واقعة توقيف نحو 30 مواطنا روسياً في بيلاروسيا للاشتباه بانتمائهم لمجموعة "فاغنر" العسكرية الخاصة التي فجرت خلافات متراكمة في العديد من الملفات مثل التقارب البيلاروسي الغربي، وتنصل الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو من تعميق التكامل مع روسيا، والخلافات حول أسعار النفط الروسي للمصافي البيلاروسية.  

اليوم، تدخل مجموعة "فاغنر" العسكرية الخاصة، بيلاروسيا، من بوابة واسعة بعد أداء لوكاشينكو دوراً محورياً في احتواء واقعة التمرد الذي قاده مؤسس المجموعة، يفغيني بريغوجين، في نهاية يونيو/حزيران الماضي، ونقل قاعدة الشركة من قرية مولكينو جنوبي روسيا إلى أخرى في بيلاروسيا ألقى بريغوجين فيها كلمة أمام مقاتليه أمس الأربعاء، واعداً بجعل الجيش البيلاروسي ثاني أقوى جيوش العالم.  

ولم يمر يوم على كلمة بريغوجين، حتى أعلنت وزارة الدفاع البيلاروسية، اليوم الخميس، أن الجيش البيلاروسي يجري تدريبات مشتركة مع مقاتلي "فاغنر" تستمر أسبوعاً وتشمل التدرب على تنفيذ مهام تدريبية- قتالية، وفق بيان الوزارة.

ويجزم الخبير في شؤون الشركات العسكرية الخاصة، يفغيني بيرسينيف، بقدرة "فاغنر" على الارتقاء بالقدرات الدفاعية للجيش البيلاروسي نظراً للطيف الواسع من تخصصات أفرادها، مستبعداً في الوقت نفسه احتمال اقتراب "فاغنر" من مواقع نشر الأسلحة النووية التكتيكية الروسية.  

ويقول بيرسينيف في حديث لـ"العربي الجديد": "ليس صدفة أن لوكاشينكو هو الذي أدى دور الوساطة بين "فاغنر" والسلطات الروسية في 24 يونيو/حزيران، فهو يعرف بريغوجين شخصياً منذ نحو 20 عاماً، كما أنه معني باستثمار خبرة "فاغنر" في تعزيز القدرات الدفاعية لجيش بلاده مثلما تلجأ العديد من الدول الصغيرة لخدمات الشركات العسكرية الخاصة في هذا المجال".  

وحول رؤيته للمزايا التنافسية لشركة "فاغنر"، يضيف: "لا شك أن "فاغنر" يمكنها الإسهام إسهاماً كبيراً في تعزيز الجيش والأمن البيلاروسيين، فخدماتها لا تقتصر على المشاركة في أعمال القتال والمهام التقليدية للشركات العسكرية مثل الحراسة وتدريب الأفراد، وإنما تشمل أيضاً تقديم خدمات شاملة ومتكاملة لا تقدمها غيرها من الشركات العسكرية العالمية للارتقاء بمستوى القوات نظراً للطيف الواسع من الخبراء الذين تحتضنهم "فاغنر". أضف إلى ذلك أن تشابه العقليتين الروسية والبيلاروسية سيسهل التفاهم". 

وخلق تزامن تمرد "فاغنر" وانتقال الشركة إلى بيلاروسيا مع بدء نشر الأسلحة النووية التكتيكية الروسية على الأراضي البيلاروسية مع بقائها تحت تحكم موسكو، تربة خصبة للشائعات والتكهنات حول إمكانية تولي عناصر الشركة العسكرية الخاصة حراستها وحتى الوصول إليها.

 

إلا أن بيرسينيف يستبعد هذا الاحتمال، قائلاً: "حتى في الفترات المتأزمة من تاريخ الجيش الروسي في تسعينيات القرن الماضي وبداية القرن الجديد، سعت وزارة الدفاع للحفاظ على الكوادر المتخصصة في التحكم في السلاح النووي، ويخضع القائمون عليه لاستعلامات أمنية دقيقة لن يجتازها عناصر "فاغنر"، لاسيما أولئك المدانين سابقاً قضايا جنائية".  

وكانت قنوات ذات صلة بشركة "فاغنر" على "تليغرام" قد رفعت أمس، مقطع فيديو يتوجه فيه بريغوجين بالحديث إلى عناصر "فاغنر"، قائلا إنهم قاتلوا بجدارة و"فعلوا الكثير من أجل روسيا"، وواصفاً ما يجري الآن على الجبهة في أوكرانيا بأنه "عار يجب ألا نشارك فيه"، ومعلنا عن قرار البقاء في بيلاروسيا لـ"بعض الوقت". 

وعلاوة على ذلك، أحال بريغوجين الكلمة إلى "القائد الذي أعطانا تسمية فاغنر". وظهر في المقطع رجل يقول إنه "ذلك الفاغنر"، وهو دميتري أوتكين الذي أطلق اسم شهرته "فاغنر" على الشركة بأسرها.  

ورغم أن هذا أول اعتراف من أوتكين بأنه "فاغنر"، إلا أن هذا ليس أول ظهور له أمام الكاميرات، إذ أقر الناطق باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، في نهاية عام 2016 بحضور أوتكين استقبال "أبطال الوطن" في الكرملين، نافياً في الوقت نفسه علمه بقيادته مجموعة "فاغنر" ووجود مقاتليها في سورية حينها. 

وبحسب المعلومات الواردة في الصحافة الروسية، فإن أوتكين هو ضابط احتياط وعسكري محترف في بداية العقد السادس من عمره، سبقت له المشاركة في أعمال القتال في شمال القوقاز الروسي حتى انتقاله إلى صف الاحتياط مطلع عام 2013 والعمل بشركات عسكرية خاصة وتوليه منذ عام 2014، قيادة "فاغنر" في شبه جزيرة القرم ومنطقة دونباس شرقي أوكرانيا ثم في سورية.