فرنسا تبحث عن دور في حل أزمة ممر لاتشين

09 فبراير 2023
أذربيجانيون وجنود روس في ممر لاتشين، ديسمبر الماضي (رسول رحيموف/الأناضول)
+ الخط -

دفع إقفال ممر لاتشين الرابط بين أرمينيا وإقليم ناغورنو كاراباخ المتنازع عليه بين الأرمن والاذربيجانيين، منذ 12 ديسمبر/كانون الأول الماضي، الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، للتدخل في الأيام الأخيرة، خصوصاً أن باريس من أركان مجموعة مينسك، التي تشكلت لوقف الحرب بين باكو ويريفان التي دارت بين عامي 1988 و1994.

ماكرون والبحث عن "حلّ عاجل"

وأعرب ماكرون، مساء أول من أمس الثلاثاء، في اتصال مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف عن "قلقه العميق من قطع" الطريق الحيوي لإمداد جيب ناغورنو كاراباخ، وقال إنه مستعد للعمل على حلّ "عاجل" للأزمة مع أرمينيا. وذكرت الرئاسة الفرنسية أن "رئيس الدولة كرر التعبير (في الاتصال الهاتفي) عن قلقه العميق بشأن إغلاق ممر لاتشين وتداعياته الإنسانية الخطيرة".

وأضاف قصر الإليزيه أن ماكرون "قال إنه مستعد للمساهمة في إيجاد حلّ عاجل"، في إشارة محتملة إلى اقتراحه وساطة جديدة. وجدد الرئيس الفرنسي الإعراب عن "عزمه على دعم الحوار من أجل إيجاد حل دائم في المنطقة".

وسبق لماكرون أن أجرى اتصالاً مماثلاً مع رئيس الوزراء الأرميني، نيكول باشينيان، الاثنين الماضي، بحثا فيه "الوضع الإنساني الصعب في ناغورنو كاراباخ، نتيجة إغلاق أذربيجان لممر لاتشين".

طلبت يريفان من موسكو نقل ملف لاتشين إلى مجلس الأمن
 

وشدّد ماكرون على أهمية التشغيل المتواصل لممر لاتشين، مشدّداً على استعداد فرنسا لمواصلة المساهمة في حل هذه المشكلة. وتبادل الطرفان الأفكار حول تطبيع العلاقات بين أرمينيا وأذربيجان وحماية حقوق سكان ناغورنو كاراباخ وأنشطة البعثة المدنية للاتحاد الأوروبي في أرمينيا.

وأكد ماكرون التزامه الكامل بـ"أمن أرمينيا"، مشدّداً على أن "رفع الحصار عن الممر أولوية". ويحاول الرئيس الفرنسي أن يتصدر الجهود الدبلوماسية في هذا الصراع. وبعدما ظل متحفظاً نسبياً علناً منذ مناشدة سابقة لعلييف في 23 ديسمبر لفتح الطريق، استعاد المبادرة في الأيام الأخيرة وذلك بعد قرار للمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان صدر في 21 ديسمبر الماضي، يطالب أذربيجان بإعادة فتح ممر لاتشين، من أجل المرضى والحالات الإنسانية.

وفي الوقت نفسه، سارعت ألمانيا إلى المطالبة بفتح ممر لاتشين، معتبرة أن استمرار إقفاله "مسؤولية مشتركة لأذربيجان وروسيا"، على اعتبار أن 1966 جندياً روسياً ينتشرون في الممر وعلى مداخل إقليم ناغورنو كاراباخ، بموجب اتفاق وقف النار الموقّع في 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، والذي أوقف حرباً بين أرمينيا وأذربيجان، استمرت بين سبتمبر/أيلول 2020 ونوفمبر من العام عينه. وتتهم يريفان قوات حفظ السلام الروسية بعدم القيام بما يكفي لمنع الحصار.

ويهدد إغلاق ممر لاتشين بإعادة إشعال الصراع بين أرمينيا وأذربيجان حول ناغورنو كاراباخ. وكان متظاهرون أذربيجانيون، يصفون أنفسهم بـ"المدافعين عن البيئة"، قد أقفلوا الطريق بحجة "وجود أعمال تنقيب غير مشروعة فيها". ونتيجة للحصار، يواجه الإقليم الذي يقطنه نحو 120 ألف شخص انقطاع الكهرباء والإنترنت، فضلاً عن مشاكل في التدفئة والحصول على الغذاء والدواء.

وبعد أن كانت روسيا لاعباً أساسياً في جنوب القوقاز، بحكم علاقاتها المتوازنة مع أذربيجان وأرمينيا، البلدين اللذين كانا جزءاً من الاتحاد السوفييتي، بدأت علاقاتها تتوتر مع أرمينيا.

وليريفان في الأساس نقمة على موسكو، التي دفعتها إلى القبول بخسارة أراضٍ في ناغورنو كاراباخ في حرب 2020، ثم حثّتها على إجراء مفاوضات سلام مع أذربيجان، المرتبطة بتحالف صلب مع تركيا.

غير أن الصمت الأرميني، انفجر بعد إقفال ممر لاتشين في 12 ديسمبر الماضي، ودعا باشينيان روسيا إلى "البدء ببحث الوضع في ناغورنو كاراباخ في مجلس الأمن الدولي"، وهو ما ترفضه موسكو لأنه سينقل ملف جنوب القوقاز منها إلى المجتمع الدولي.

كما اعتبر باشينيان أن "إغلاق ممر لاتشين، يُعدّ انتهاكاً للنقطة السادسة (الاتفاق مؤلف من 9 بنود) من البيان الثلاثي لقادة أرمينيا وروسيا وأذربيجان بتاريخ 9 نوفمبر 2020".

أكد ماكرون التزامه الكامل بـ"أمن أرمينيا"، مشدّداً على أن "رفع الحصار عن الممر أولوية"

 

وتنص المادة السادسة من الاتفاق على: "تعيد جمهورية أرمينيا مقاطعة كالباجار إلى جمهورية أذربيجان بحلول 15 نوفمبر 2020، ومنطقة لاتشين بحلول 1 ديسمبر 2020. وسيظل ممر لاتشين (بعرض 5 كيلومترات)، الذي سيوفر حلقة وصل بين ناغورنو كاراباخ وأرمينيا من دون المرور عبر إقليم شوشة، تحت سيطرة قوات حفظ السلام الروسية. ووفقاً لما اتفق عليه الطرفان (باكو ويريفان)، سيتم في غضون السنوات الثلاث المقبلة وضع خطة لبناء طريق جديد عبر ممر لاتشين، لتوفير صلة بين ناغورنو كاراباخ وأرمينيا، وسيتم بعد ذلك نقل قوات حفظ السلام الروسية لحماية الطريق. وتكفل جمهورية أذربيجان أمن الأشخاص والمركبات والبضائع التي تتحرك على طول ممر لاتشين في كلا الاتجاهين".

التوتر الأرميني ــ الروسي

والشهر الماضي ارتفعت حدة التوتر بين أرمينيا وروسيا، لدرجة رفض يريفان استقبال مناورت منظمة "معاهدة الأمن الجماعي" (تضمّ أرمينيا، بيلاروسيا، كازاخستان، روسيا، قرغيزستان، طاجيكستان).

وأصدر باشينيان بياناً، جاء فيه أن "وزارة الدفاع الأرمينية أبلغت هيئة الأركان المشتركة لمنظمة معاهدة الأمن الجماعي بشكل مكتوب، أن إجراء التدريبات في أرمينيا في الوضع القائم حالياً يُعد أمراً غير مناسب".

وعلى الفور اعتبر المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف، أن "هذا بيان جديد إلى حد ما من رئيس وزراء أرمينيا، لكن على أي حال، أرمينيا هي حليفنا الوثيق للغاية. سنواصل الحوار معها فيما يخص جميع القضايا التي باتت حالياً صعبة للجميع".

وبعد أسابيع من التوترات، دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، في مباحثات هاتفية مع وزير الخارجية الأذربيجاني جيهون بيراموف، إلى التعجيل بفتح حركة المرور عبر ممر لاتشين، وذلك في 17 يناير/كانون الثاني الماضي. ثم تحدث لافروف منذ أيام عن إمكانية نشر منظمة "معاهدة الأمن الجماعي" على الحدود الأرمينية ـ الأذربيجانية.

غير أن الأوضاع لا تبدو بهذه السهولة، إذ نقلت وكالة "أرمنبريس" الأرمينية، أول من أمس الثلاثاء، عن رئيس المجلس النيابي في يريفان، آلان سيمونيان، قوله: "لا أعرف التفاصيل لأنه لم يتم إخبارنا".

(العربي الجديد، فرانس برس)