شهدت الليلة الفاصلة بين الاثنين والثلاثاء عودة الهدوء في معظم المدن الفرنسية، فلم تسجّل حتى الساعة الثانية بالتوقيت المحلي احتجاجات أو عمليات تخريب كما حدث منذ مساء الثلاثاء 27 حزيران/ يونيو حين اندلعت الأحداث بعدما قتل شرطي بالرصاص الشاب نائل البالغ من العمر 17 عاما خلال عملية تدقيق مروري.
وتستمر في فرنسا منذ يوم الجمعة الماضي عملية نشر 45 ألف شرطي ودركي في الفترة المسائية، وهو ما أكّد عليه كل من وزير الداخلية جيرالد دارمانان ورئيسة الوزراء إليزابيث بورن في تصريحات، يوم الاثنين، حتى مع تسجيل مؤشرات تهدئة منذ أمسية الأحد.
ومن جانبه، طلب الرئيس إيمانويل ماكرون، الذي ألغى في نهاية الأسبوع الماضي زيارة دولة مقررة إلى ألمانيا، الإبقاء على "وجود كثيف" للشرطة لضمان "عودة الهدوء".
واستقبل ماكرون، الإثنين، رئيسي مجلسي البرلمان على أن يلتقي، اليوم الثلاثاء، رؤساء بلديات أكثر من 220 مدينة وبلدة استهدفتها أعمال الشغب. وقالت الرئاسة إنّ ماكرون يدعو إلى إجراء "عمل دقيق وطويل الأمد لتكوين فهم عميق للأسباب التي أدّت إلى هذه الأحداث".
يُذكر أن ماكرون أدى، مساء الاثنين، زيارة لم يُعلن عنها مسبقاً إلى أحد مقرات الشرطة في باريس، في خطوة اعتبرت "حركة دعم" لرجال الأمن.
تعداد الخسائر
وفي أول أرقام ترصد الخسائر المادية التي عرفتها فرنسا خلال ستة أيام، قالت شركة النقل لباريس وضواحيها Ile-de-France Mobilités أن إحصاء أولياً قدّر الخسائر في العربات والمحطات بـ20 مليون يورو.
ومن جهته، قال رئيس نقابة مديري المؤسسات الاقتصادية الفرنسية (MEDEF)، جوفروا رو دوبيزيو، إن حصيلة الخسائر تجاوزت المليار يورو، وهذا الرقم لا يشمل برأيه إلا الخسائر المباشرة، حيث يتوقع دوبيزيو تسجيل خسائر أخرى ضمن مداخيل متوقعة، أبرزها خسائر القطاع السياحي، مشيراً إلى أن "الفيديوهات التي جرى تداولها أضرّت بصورة فرنسا في العالم".
وفي أرقام أخرى، ذكرت قناة "سي نيوز" الإخبارية أن ألف مبنى على الأقل تعرّضت للتخريب خلال الأيام الستة الماضية، وأن 5000 وسيلة نقل جرى إضرام النار فيها.
وفي آخر حصيلة لعدد الموقوفين، ذكرت مصادر من وزارة الداخلية أن عدد الذين جرى توقيفهم تجاوز الـ3200 شخص، وأوضح وزير الداخلية أنّ متوسط أعمار الموقوفين هو 17 عاماً، وبينهم أطفال في الثانية عشرة والثالثة عشرة من العمر، مشيرا إلى أن 60% من الموقوفين منذ اليوم الأول من الأحداث لا سوابق إجرامية لهم، وهو ما جعل مسؤولين في الدولة يصرّحون بضرورة سن قوانين تسمح بتحميل الأولياء مسؤولية ما اقترفه أبناؤهم في حال ثبوت تورّطهم في عمليات التخريب.
مخاوف أوروبية
على مستوى آخر، حث وزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني، الإثنين، على منع انتشار الاحتجاجات في فرنسا إلى دول أخرى.
وقال تاجاني لقناة "Rai3" المحلية إن "الوضع في فرنسا يبدو أنه قد تمت تهدئته الليلة الماضية، على خلفية الاحتجاجات التي تندلع منذ نحو 6 أيام في عدد من المدن احتجاجا على مقتل الشاب نائل برصاص الشرطة".
وشدد تاجاني على أنه "يجب أن نمنع انتشار هذا الوضع إلى بلجيكا وسويسرا ومناطق أخرى ناطقة بالفرنسية، وذلك من خلال عزل المتورطين في أعمال عنف وحل المشاكل على المستوى السياسي".
كما دعا وزير الخارجية الإيطالي المواطنين الإيطاليين في فرنسا إلى اتباع تحذيرات السلطات المحلية وتجنب مناطق الاشتباك.
(فرانس برس، الأناضول، العربي الجديد)