قالت مصادر مطلعة لوكالة "رويترز" إن الجهود الأميركية لوقف العدوان الإسرائيلي على لبنان فشلت بعدما صاغت واشنطن مقترحاً "غير واقعي" لوقف إطلاق النار، وكذلك بسبب إصرار تل أبيب على أن يكون بإمكانها إنفاذ هدنة بشكل مباشر. وذكر مصدر سياسي لبناني مقرب من حزب الله ودبلوماسيان وشخص مطلع على المحادثات أن الحرب قد تستمر أشهراً في ظل عدم وجود مقترح قابل للتطبيق على طاولة المفاوضات قبيل انتخابات الرئاسة الأميركية يوم الثلاثاء القادم.
وتحدثت جميع المصادر شريطة عدم ذكر أسمائها. ولم يرد مكتب رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على أسئلة من رويترز. وقال مسؤول أميركي إن محادثات بين مبعوثين أميركيين اثنين ومسؤولين إسرائيليين، أمس الخميس، أثمرت عن نتائج أفضل من المتوقع. ووصف مسؤول أميركي ثان الاجتماعات بأنها "واقعية وبناءة"، لكنه قال إن الولايات المتحدة لن تتفاوض في العلن.
وأحالت وزارة الخارجية الأميركية "رويترز" إلى تعليقات أدلى بها الوزير أنتوني بلينكن، وقال فيها إن إسرائيل ولبنان يمضيان نحو التوصل إلى تفاهم بشأن ما هو مطلوب لإنهاء الحرب، لكن يتعين بذل مزيد من الجهود. ويأتي ذلك في وقت تتراجع الآمال في لبنان بقرب التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، خصوصاً في ظلّ شروط إسرائيلية تصفها أوساط حكومية لبنانية بـ"التعجيزية"، يحاول الاحتلال فرضها بقوة النار عبر تكثيف غاراته ومجازره جنوباً وبقاعاً، مستأنفاً، فجر اليوم الجمعة، قصف الضاحية الجنوبية لبيروت، علماً أن الأوساط لا تزال تعتمد في المقابل على الجهود الدبلوماسية المكثفة للتوصّل إلى هدنة تفضي إلى إطلاق مفاوضات غير مباشرة لإنهاء الحرب.
وذكرت هيئة البث العامة الإسرائيلية (راديو كان) أن واشنطن وضعت مقترحاً لتطبيق وقف إطلاق نار يستمر 60 يوماً ينسحب خلاله حزب الله من الحدود الجنوبية للبنان، وتتوقف هجمات الطرفين، مع نشر عشرة آلاف من قوات الجيش اللبناني في الجنوب. لكن دبلوماسيين قالا لـ"رويترز" إن الجهود الدبلوماسية فشلت لأن المقترح غير قابل للتطبيق.
وقال مسؤول غربي لرويترز: "كان غير واقعي تماماً بسبب العبء الذي يحمله للجيش اللبناني من أجل حل هذه المشكلات". وكرر دبلوماسي إقليمي هذه الشكوك، وأشار على وجه التحديد إلى عناصر "اتفاق جانبي" بين الولايات المتحدة وإسرائيل نشره راديو كان. ويمنح الاتفاق إسرائيل الحق في اتخاذ إجراء ضد التهديدات الوشيكة لأمنها. ووصف الدبلوماسي هذا المقترح بأنه "غير قابل للتطبيق".
ولم تعلق حكومة لبنان علنا على مسودة المقترح، لكن مسؤولين قالوا لرويترز إن إصرار إسرائيل على "التنفيذ المباشر" لأي اتفاق سيكون انتهاكاً لسيادة لبنان. وزار المبعوثان الأميركيان عاموس هوكشتاين وبريت ماكغورك تل أبيب أمس لمناقشة وقف إطلاق النار مع مسؤولين إسرائيليين، لكنهما لم يتوجها إلى لبنان لإجراء محادثات. وقال المصدر السياسي اللبناني المقرب من حزب الله لرويترز: "بعد محاولة هوكشتاين بالأمس، خلاص، يبدو أنه لم يعد أمامنا سوى الميدان الذي ستكون له الكلمة".
وزاد منسوب "التشاؤم" عند المسؤولين اللبنانيين مع عدم تحديد هوكشتاين حتى الساعة موعداً لزيارة بيروت، بعدما أنهى جولته في تل أبيب، بحيث كان يُنتظر أن يعود في حال حمل بيده أي تقدّم إيجابي، فيما أصدر مكتب نتنياهو، أمس الخميس، بياناً أشار فيه إلى تمسّكه بضمان تحقيق أمن إسرائيل في أي اتفاق لوقف إطلاق النار مع حزب الله، متوجهاً إلى الموفدين الأميركيين هوكشتاين وماكغورك بالقول إنّ "المسألة الرئيسية هي قدرة إسرائيل وتصميمها على فرض احترام الاتفاق، ومنع أي تهديد لأمنها مصدره لبنان".
ونفت أوساط رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي، لـ"العربي الجديد"، يوم الجمعة، طلب الولايات المتحدة من لبنان وفقاً لإطلاق النار من جانب واحد، وذلك بعيد قول مصدر سياسي لبناني كبير ودبلوماسي رفيع المستوى، لوكالة رويترز، إن المبعوث الأميركي هوكشتاين طلب من لبنان هذا الأسبوع إعلان وقف إطلاق النار من جانب واحد مع إسرائيل، في إطار الجهود الرامية لدفع المفاوضات التي تهدف إلى إنهاء العدوان الإسرائيلي على لبنان.
(رويترز، العربي الجديد)