من المفترض أن يستأنف مجلس النواب العراقي، اليوم السبت، عقد جلساته بعد انتهاء عطلته التشريعية التي امتدت لأكثر من شهر، وسط تراكم للقوانين المعطلة منذ دورات برلمانية عدة، وخلافات سياسية بشأنها.
وفي الثامن من ديسمبر/ كانون الأول الماضي، انتهى الفصل التشريعي الثاني للسنة التشريعية الأولى للمجلس، ودخل عطلة تم تقليصها لمدة شهر واحد فقط.
وبحسب النظام الداخلي لمجلس النواب العراقي، فإن السنة التشريعية للبرلمان من المفترض أن تعقد فيها 64 جلسة، مقسمة بواقع 32 جلسة في كل فصل تشريعي، وهذا مع احتساب العطلة بين الفصلين التشريعيين، لكنه لم يعقد خلال السنة الأولى سوى 27 جلسة فقط، كان أغلبها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
قوانين مؤجلة منذ سنوات
ووفقاً لمقرر مجلس النواب العراقي، غريب عسكر، فإن البرلمان سيعاود عقد جلساته اليوم السبت، و"ستكون أمامه مهام كثيرة لتشريع القوانين المهمة، خصوصاً أن هناك قوانين مؤجلة منذ سنين بسبب عدم الاتفاق السياسي عليها، فضلاً عن محاولة تفعيل الدور الرقابي للبرلمان لمراقبة الأداء الحكومي وتنفيذ المنهاج الوزاري، الذي صوت عليه النواب".
غريب عسكر: هناك قوانين مؤجلة منذ سنين بسبب عدم الاتفاق السياسي عليها
وبين عسكر، لـ"العربي الجديد"، أن "أبرز القوانين التي ينوي مجلس النواب تشريعها خلال فصله التشريعي الجديد هي قانون الموازنة، الذي ينتظر وصوله من قبل الحكومة، وقانون النفط والغاز، وقانون الجرائم المعلوماتية، مع تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات، وقانون انتخابات مجلس النواب. وجميع هذه التشريعات تحتاج الى توافق سياسي".
خلافات بشأن رئاسة اللجان البرلمانية
وأضاف أن "رئاسة مجلس النواب اتفقت مع قادة الكتل السياسية على حسم رئاسة اللجان البرلمانية الدائمة، مع بداية الفصل التشريعي الجديد، وأن حسم هذا الملف يحتاج إلى مفاوضات وحوارات"، مؤكداً أن "هناك خلافات بين القوى بشأن هذا الملف، خصوصاً بشأن رئاسة اللجان البرلمانية ذات الأهمية، والتي تعتبر لجاناً سيادية".
وأشار عسكر إلى أن "مجلس النواب أخفق كثيراً في عمله خلال الأشهر الماضية بسبب الخلافات السياسية الكبيرة، على تشكيل الحكومة العراقية الجديدة، وأن هذه الخلافات عطلت العمل التشريعي والرقابي للمجلس، ولذا هناك عزم على تفعيل هذا العمل خلال الفترة المقبلة، من أجل التعويض عن تعطيل الجلسات والأعمال البرلمانية خلال الأشهر الماضية".
وشهد العام الماضي، أزمات سياسية حادة، طاولت البرلمان، حيث تعرض للاقتحام والاعتصام بداخله من قبل أنصار التيار الصدري، فضلاً عن تعطيل عمله لمرات عدة بسبب دعاوى رفعت أمام المحكمة الاتحادية تخص اعتراضات على انتخاب رئيسه، أو بسبب مفاوضات تشكيل الحكومة، التي حسم موضوعها في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
من جهته، قال النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني شريف سلمان، لـ"العربي الجديد"، إن "مجلس النواب سيكون أمام فصل تشريعي تتكثف فيه عملية تشريع القوانين المهمة، وفق الاتفاقات السياسية ما بين القوى المتحالفة في ائتلاف إدارة الدولة (تحالف الإطار التنسيقي، والقوى الكردية، وتحالف السيادة)، وخصوصاً قانون الموازنة وكذلك قانون النفط والغاز، الذي سيكون الحل لكافة الخلافات ما بين بغداد وأربيل المالية والنفطية".
وأكد أن "مجلس النواب سيعمل على تشريع قوانين مؤجلة منذ دورات برلمانية سابقة، بسبب عدم التوافق السياسي عليها، إذ إن تشريعها خلال المرحلة المقبلة أمر ضروري ومهم، لوجود توافق سياسي بين القوى السياسية الكبيرة المتحالفة في ائتلاف إدارة الدولة، المشكلة للحكومة، والذي يمتلك الأغلبية البرلمانية داخل مجلس النواب".
تشريع القوانين الخلافية لن يكون سهلاً
وأضاف أن "تشريع القوانين الخلافية لن يكون سهلاً، بل هذا الأمر يحتاج إلى مفاوضات واتفاقات"، مشيراً إلى أنه بالإضافة إلى جلسات البرلمان، خلال الأيام المقبلة، "ستكون هناك اجتماعات مستمرة داخل وخارج البرلمان بين قادة الكتل البرلمانية، وبين الزعماء السياسيين".
وتنتظر القوى السياسية إقرار القوانين بحسب ما تم الاتفاق عليه قبيل تشكيل الحكومة. وقال القيادي في تحالف السيادة حسن الجبوري، في اتصال هاتفي مع "العربي الجديد"، إنه "وفق الاتفاق السياسي، الذي على أثره تشكلت حكومة محمد شياع السوداني، سيكون هناك تشريع قانون عفو عام جديد للإفراج عن الأبرياء في السجون، والعمل من أجل حل هيئة المساءلة والعدالة، وأن هذه الخطوة أيضاً تحتاج لعمل برلماني، وهذا ما سنعمل عليه خلال الجلسات المقبلة".
شريف سلمان: تشريع القوانين الخلافية لن يكون سهلاً، لأنه يحتاج إلى مفاوضات واتفاقات
وأكد أن "الفصل التشريعي للبرلمان سيكون مزدحماً بتشريع القوانين المهمة، التي تحتاج إلى مفاوضات سياسية"، محذراً من أن "أي خلاف بشأن تلك القوانين، سيكون مخالفاً لما تم الاتفاق عليه داخل ائتلاف إدارة الدولة، وهذا ما قد يدفع الأطراف السياسية إلى اتخاذ مواقف سياسية جديدة، قد تؤدي للانقلاب على الاتفاق".
وأضاف أن "حسم رئاسة اللجان البرلمانية الدائمة سيحتاج إلى اجتماعات ما بين القوى السياسية لتقسيم تلك الرئاسات على الكتل والأحزاب، ثم التوجه نحو اختيار رئيس لها ونائبين لكل رئيس لجنة". وأوضح أن "أول خطوة لحسم هذا الملف ستكون من خلال توزيع النواب الجدد، بدلاء الكتلة الصدرية على اللجان البرلمانية الدائمة، فهؤلاء النواب مازالوا خارج اللجان".
وكانت اللجنة القانونية في البرلمان العراقي قد كشفت في وقت سابق أن هناك 170 قانوناً معطلاً من الدورات البرلمانية السابقة، يتم العمل حالياً على مناقشتها، ومحاولة إدراجها على جداول أعمال جلسات البرلمان للتصويت عليها، وسط تأكيدات أن تلك القوانين لا تمرر من دون توافق سياسي.
ويعود تعطيل القوانين من ناحية الإقرار أو التعديل لغياب التوافق السياسي بشأن الكثير منها، كقوانين الموازنة، وتعديل رواتب الموظفين، والنفط والغاز، والتجنيد الإلزامي، وجرائم المعلوماتية، وغيرها.