استمع إلى الملخص
- أوكرانيا تسعى لتعزيز دعمها العسكري والاقتصادي من أوروبا، وتكثف جهودها للحصول على أسلحة وزيادة صناعاتها العسكرية بتمويل غربي لتحقيق تقدم ميداني.
- موسكو تراقب تباعد المواقف بين الولايات المتحدة وأوروبا بارتياح، مما قد يخفف الضغوط عليها، بينما تثير تصريحات ترامب حالة من عدم اليقين حول مستقبل حلف "ناتو".
في وقت سارع فيه الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى تهنئة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب، قال المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إنه لا يعلم ما إذا كان لدى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أي خطط لتهنئة ترامب على فوزه قبل أن يعلن بوتين مساء أمس "استعداده لاستئناف التواصل" مع دونالد ترامب موجهاً إليه التهنئة بفوزه في الانتخابات الرئاسية. وربط بيسكوف مستقبل العلاقات بتصرفات الإدارة الأميركية المقبلة. وبلهجة تشكيك واضحة بشأن نية ترامب لانهاء الحرب في أوكرانيا وفق شروط غير مناسبة لكييف، قال بيسكوف إنه "بمجرد وصوله (ترامب إلى المكتب البيضاوي)، يمكن أن تتخذ التصريحات أحياناً نبرة مختلفة، ولهذا السبب نقول إننا نحلل كل شيء بعناية، ونراقب كل شيء، وسنستخلص الاستنتاجات من كلمات محددة وأفعال ملموسة".
وتخشى أوكرانيا من أن يؤدي فوز دونالد ترامب إلى تراجع الدعم العسكري والاقتصادي من الولايات المتحدة، الحليف الأكبر، سيعزز تقدم القوات الروسية في دونيتسك (شرقي أوكرانيا) واحتلال مزيد من الأراضي، ما يجبرها على القبول بتسوية سياسية غير مناسبة لها، من قبيل تجميد الصراع، أو التنازل عن قرابة 20% من أراضيها. ورغم أن فوز دونالد ترامب مثل خبراً ساراً للكرملين، فإن الأجواء في موسكو لم تكن احتفالية كما حدث في 2016، حين فاز ترامب بولاية أولى لم تسهم في تحسن العلاقات، وأدت إلى انسحاب الطرفين من أهم اتفاقات التوازن الاستراتيجي، وفرض مزيد من العقوبات الأميركية على روسيا.
تخشى أوكرانيا دفعها للتنازل عن 20% من أراضيها لروسيا
السيناريو الأسوأ بعد فوز دونالد ترامب
راقبت كييف واستعدت باكراً لاحتمال فوز دونالد ترامب عبر إقناع الأوروبيين بمزيد من الدعم العسكري والاقتصادي، ومحاولة الحصول على ضمانات أمنية من أكبر عدد ممكن من البلدان، وحشد دعم واسع لـ"خطة النصر"، التي وضعها زيلينسكي، مع تبخر الآمال بانضمامها إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو" بعد قمة واشنطن صيف العام الحالي. وإضافة إلى التقارير عن علاقة ترامب الجيدة مع بوتين، فإن تصريحات ترامب التي ألقى فيها اللوم على زيلينسكي في اندلاع الحرب، في 24 فبراير/شباط 2022، وتأكيده أكثر من مرة أنه سيوقف الحرب في يوم واحد، أججت مخاوف أوكرانيا من إجبارها على تقديم تنازلات مؤلمة. وبعد اجتماعه مع زيلينسكي في نيويورك في نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي، قال ترامب إنه سيكون هناك اتفاق سريع لإنهاء الحرب إذا فاز بالانتخابات، لكنه أضاف أنه من "المبكر" الحديث عن كيفية تحقيق ذلك. وأثار ترامب امتعاض زيلينسكي حين تحدث عن علاقته الطيبة مع بوتين. وأبدت أوكرانيا خشيتها من أن فوز دونالد ترامب سيزيد قوة قادة اليمين في الأوروبي وفي مقدمهم فيكتور أوربان رئيس الحكومة المجرية، ويدفعهم نحو التشدد في مطالبهم وقف دعم أوكرانيا بالسلاح، وفرض تسوية لإنهاء الصراع ولو على حساب كييف لتجنب الحرب مع روسيا.
وتحسباً لحقبة ما بعد فوز دونالد ترامب سعت أوكرانيا في الأشهر الأخيرة إلى زيادة صناعاتها العسكرية بتمويل من البلدان الغربية، كما كثفت جهودها للحصول على أسلحة من البلدان الأوروبية. وسعت إلى تحقيق تقدم ميداني في منطقة كورسك الروسية، التي توغلت فيها في السادس من أغسطس/آب الماضي، يمكن أن يساعدها في أي مفاوضات مستقبلية من مبدأ تبادل الأراضي، ولتشجيع الغرب على تزويدها بأسلحة متطورة لتغيير المعادلات على الأرض. وبنظرة إلى خطوط الجبهة، بدا واضحاً أن أوكرانيا عجزت عن إحداث التغيير المطلوب لعدة أسباب أهمها نقص الأفراد والأسلحة، وعدم قدرة الأوروبيين على تزويدها بأنواع كثيرة من الأسلحة، بعد عقود من إهمال الصناعات العسكرية.
وفي مؤشر إلى ما يمكن أن تواجهه أوكرانيا، نقلت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية، الثلاثاء الماضي، عن مصادر أميركية أن الادارة الانتقالية لترامب تناقش سيناريو جديداً لإنهاء الصراع بين روسيا وأوكرانيا. وحسب مصادر الصحيفة، فإن الخطة تتضمن تجميد خط المواجهة الحالي، والإعلان عن منطقة منزوعة السلاح على طول الخط بالكامل. ولم توضح الخطة من سيضمن تنفيذ وقف إطلاق النار على خطوط الجبهة، لكن مصدراً استبعد مشاركة القوات الأميركية أو وحدات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات التي تمولها الولايات المتحدة. وحسب الخطة، ستتخلى أوكرانيا عن خططها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي "ناتو" لمدة 20 عاماً أخرى على الأقل، على أن تواصل الولايات المتحدة تزويدها بالأسلحة.
وعلى الرغم من أن الجانبين الروسي والأوكراني رفضا تجميد الصراع، فإن الخطة المذكورة، إن صحت التسريبات، أقرب إلى الرؤية الروسية التي تنطلق من أن أي حل يجب أن يراعي الوقائع على الأرض، واعتراف أوكرانيا بسيادة روسيا على شبه جزيرة القرم، ودونيتسك ولوغانسك بأقل تقدير، وضمان حياد أوكرانيا وعدم انضمامها إلى "ناتو"، وخفض عديد القوات الأوكرانية، ورفع العقوبات على موسكو، المفروضة منذ عام 2014.
وجربت أوكرانيا في العام الحالي تأثير انقطاع الدعم الأميركي على الجبهات، ونتيجة الخلافات في الكونغرس الأميركي تأخرت حزم المساعدات لأشهر، ما أدى إلى انهيار كبير للقوات الأوكرانية في دونيتسك ولوغانسك، وتحقيق الجيش الروسي تقدماً كبيراً في أشهر الصيف والخريف، هو الأكبر منذ مارس/ آذار 2022. ومع فوز دونالد ترامب من المتوقع أن تدرك أوكرانيا بشكل أكبر مدى اعتمادها على الولايات المتحدة، مما سيزيد من اعتمادها على طلب المساعدة من أوروبا، غير القادرة على تلبية الاحتياجات العسكرية الأوكرانية بمفردها، كما أثبتت وقائع الحرب. ومع فوز الجمهوريين في مجلسي الشيوخ والنواب فإن ترامب لن يواجه أي مشكلة مع المشرعين بشأن تقليص المساعدات لأوكرانيا.
ولا تتفق جميع الآراء على أن فوز دونالد ترامب يعني نهاية الدعم الأميركي لأوكرانيا. وفي السياق، اعتبر بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، في مقابلة مع شبكة "سي إن إن" الأميركية بعد لقائه ترامب أنه يسمع ما يقوله الناس وأنه قلق للغاية، لكنه يعتقد، بناءً على ما فعله ترامب في الماضي، أنه سيكون حازماً. وأشار إلى صواريخ جافلين التي وافق ترامب على إرسالها لأوكرانيا في عام 2017. وخلص جونسون "لا أستطيع أن أصدق أن شخصاً شغوفاً ببلاده إلى هذه الدرجة، ويريد جعل أميركا عظيمة مجدداً، سيبدأ ولايته الرئاسية التالية بالسماح للإمبراطورية السوفييتية بأن تصبح عظيمة مجدداً، لا أستطيع أن أصدق أنه سيسمح بحدوث ذلك". ومعلوم أن ترامب وافق على تزويد أوكرانيا بأكثر من 700 صاروخ من نوع جافلين، قيل إنها أدت دوراً حاسماً في احباط محاولة روسيا السيطرة على كييف وحسم الحرب في الأيام الأولى.
دعم ترامب لأوكرانيا بالولاية الأولى سمح بعدم سقوط كييف
الحسابات الروسية
في مقابلة قصيرة مع التلفزيون الحكومي الروسي، في 14 فبراير الماضي، أعرب بوتين، عن تفضيله الرئيس جو بايدن قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية. وحينها قال إنه "يعتقد أن بايدن ذو خبرة ويمكن التنبؤ بتصرفاته"، ورفض المخاوف بشأن عمره. وعارض هذا التصريح مع الافتراض واسع النطاق بأن الكرملين كان يشجع ترامب. وفي سبتمبر الماضي، قال بوتين إن بايدن "أوصى ناخبيه بدعم (المرشحة الديمقراطية كامالا) هاريس، لذا سندعمها أيضاً". وأضاف متهكماً: "ثانياً، لديها ضحكة معبّرة ومعدية تظهر أنها في وضع جيد". ومع إشارته إلى أن ترامب فرض العديد من "القيود والعقوبات" على روسيا، قال "ربما تمتنع كامالا هاريس عن القيام بأشياء مماثلة".
ويساعد انشغال ترامب بتنفيذ برامجه ووعوده الانتخابية في إنجاح استراتيجة الكرملين لهزيمة أوكرانيا. وبجملة واحدة كشف بوتين عما يريده من الرئيس الأميركي الجديد في الحوار الطويل في الثامن من فبراير الماضي مع المذيع التلفزيوني الأميركي السابق تاكر كارلسون. حينها رد بوتين على إمكانية زيادة التدخل الأميركي في أوكرانيا، بطرح سؤال على الأميركيين: "ألا يوجد لديكم ما هو أفضل للقيام به؟ لديكم مشاكل على الحدود، ومشاكل تتعلق بالهجرة، ومشاكل تتعلق بالهوية. ألا يكون من الأفضل التفاوض مع روسيا؟". ويبدو أن فوز دونالد ترامب ونائبه جي دي فانس في الانتخابات المقبلة قد يرضي بوتين ويجعل الأميركيين أكثر تفكيراً بمشكلاتهم.
وفي حال انشغال ترامب وتركيزه على القضايا الداخلية، فإن الكرملين سيكون من أهم الرابحين، نظراً لزيادة قدرته على حسم الحرب في أوكرانيا أو الخروج باتفاق يضمن السيطرة على دونيتسك ولوغانسك بحدودهما الإدارية السابقة وسلخهما عن أوكرانيا. والأرجح أن الكرملين ينتظر من ترامب ربط القول بالفعل، خصوصاً أن رهاناته على علاقات جيدة معه بعد انتخابه في عام 2016 خابت بعدما شدد العقوبات على روسيا، وانسحب من اتفاقية "ستارت 3" والسماء المفتوحة واتفاقية حظر الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى. وفي ظل فوز دونالد ترامب بعد حملة انتخابية صعبة كشفت عن انقسامات حادة في الولايات المتحدة، فإن موسكو حققت فوائد، فالرئيس المقبل سيكون عليه معالجة الانقسام الداخلي، والتعامل مع حربين كبيرتين في أوكرانيا والشرق الأوسط، والتعامل مع حلفاء متشككين يخشون من نزعته الانعزالية وتلويحه بأنه سيمنح بوتين حرية التصرف ولن يدافع عن الدول التي لم ترفع إنفاقها الدفاعي إلى 2% من الناتج المحلي الإجمالي.
ويفضل بوتين العلاقات الشخصية الجيدة مع نظرائه في العالم للتوصل إلى حلول وسط، وربما كان ترامب الخيار الأفضل، والميزة الرئيسية لترامب بالنسبة لموسكو تكمن في استعداده للانخراط في المفاوضات مع روسيا والتوصل إلى تسويات، واستعداده الأكبر من استعداد هاريس لاتخاذ قرارات جريئة عند البحث عن تسوية. لكن الجانب السلبي لرئاسة ترامب بالنسبة لموسكو، أنه يظهر تسامحاً عالياً مع مخاطر التصعيد واستعداداً أكبر للحلول القوية، وهو ما قد يؤدي إلى كارثة محتملة في الحرب في أوكرانيا. ويرجح أنه في ظل ظروف الحرب الهجينة، يكون الشريك الأقل استعداداً للتصعيد، مثل الديمقراطيين، أكثر موثوقية.
حديث عن خطة لتجميد انضمام أوكرانيا لـ"ناتو" 20 عاماً
"ناتو" وأوروبا
وتراقب موسكو بارتياح تباعد المواقف على ضفتي الأطلسي، ما يسهم في تخفيف الضغوط عليها. وترجح الأوساط السياسية الأوروبية، على المستويين الرسمي والحزبي، أن تمارس الولايات بعد فوز دونالد ترامب ضغوطاً كبيرة على زيلينسكي للقبول بتسوية سياسية، لا يستبعد فيها ان تتنازل أوكرانيا عن جزء من أراضيها ثمنا للسلام، وربما يكون هذا مقابل ضم أوكرانيا، الأراضي المتبقية منها، إلى عضوية "ناتو". ومن المعروف أن غالبية البلدان الأوروبية ترفض هذا الخيار، لكن الرفض الأوروبي لن يكون فعالاً إلا إذا كانت بلدان الاتحاد الأوروبي قادرة على سد الفراغ الذي ستتركه الولايات المتحدة وراءها، في حال أقدم ترامب على وقف الدعم العسكري والسياسي لأوكرانيا.
وبالنسبة لحلف "ناتو"، خلقت تصريحات ترامب خلال حملته الانتخابية حالة من عدم اليقين إزاء مستقبل الحلف، ما يؤثر بقوة على السياسات الدفاعية والأمنية الأوروبية، خصوصاً في بلدان الشمال الأوروبي ودول البلطيق، ويقوض مصداقية الحلف حلفاً دفاعياً جماعياً يمكن أن يقف في وجه روسيا. وسعت البلدان الأوروبية لكسب الوقت عبر زيادة دعم أوكرانيا إلى حين رفع قدراتها العسكرية لمواجهة أي هجوم روسيا توقع عدة مسؤوليين أوروبيين حدوثه في غضون عامين إلى ثمانية أعوام. وعمل الأوروبيون على تعزيز دور الاتحاد الأوروبي على الصعيدين الدفاعي والأمني، غير أن هذا الهدف يبدو بعيد المنال بسبب معضلتين؛ الأولى فشل الدول الأوروبية الأعضاء في "ناتو" في زيادة إنتاج الذخيرة وغيرها من المعدات العسكرية. والمعضلة الثانية ظهور المزيد من الأصوات القومية والشعبوية وزيادة تأثيرها في مجتمعات بلدان الاتحاد الأوروبي، واحتمال ارتفاع صوتها بعد فوز دونالد ترامب بالانتخابات الأميركية.
وعلى الرغم من أن خطط ترامب تنطلق من عدم إشعال حروب جديدة وإنهاء الحروب الحالية، تبرز مخاوف جدية من أن سياسات ترامب يمكن أن تؤدي إلى إشعال حرب كبرى من بوابة فرض تسوية للحرب الأوكرانية على حساب كييف. ويقارن خبراء بين التسوية التي يطرحها ترامب و"اتفاقية ميونخ" التي وقّعت عام 1938، ومهدت لاندلاع الحرب العالمية الثانية (1939 ـ 1945)، لأنه سمح فيها للألمان بالاستيلاء على ما يسمى أراضي السوديت في تشيكوسلوفاكيا السابقة (أصبحت دولتي التشيك وسلوفاكيا بدءاً من عام 1993)، مقابل عدم الاستيلاء على المزيد من الأراضي. ولكن بعد مرور عام، دخلت ألمانيا بولندا فكانت الحرب.
نائب الرئيس والمستشارون
أعرب ترامب عن أمله في تحسين العلاقات مع روسيا في 12 أغسطس الماضي، وقال في مقابلة مع الملياردير إيلون ماسك، مؤسس "سبايس إكس" و"تسلا" ومالك منصة إكس، إنه يأمل في تحسين العلاقات مع موسكو وبوتين، من دون أن يتطرق إلى تفاصيل. وتعهد ترامب أيضاً أنه سينهي الصراع في أوكرانيا في 24 ساعة من دون عرض تفاصيل. وتكفل جي فانس نائب الرئيس المنتخب بعرض جزء من الخطة. وتحدث فانس أكثر من مرة ضد تقديم المساعدة العسكرية لأوكرانيا وأصر على تجميد الصراع. وأثناء ظهوره في برنامج "توك شو" في 11 سبتمبر الماضي، قال رداً على سؤال عن كيفية وفاء ترامب بالوفاء بوعده لحل المشكلة "أعتقد أن ما سيبدو عليه الأمر هو أن يقول ترامب للأوكرانيين والروس والأوروبيين: أنتم يا رفاق بحاجة إلى معرفة كيف تبدو التسوية السلمية". وأوضح فانس أن "خط الترسيم الحالي بين أوكرانيا وروسيا أصبح أشبه بمنطقة منزوعة السلاح.. تحتفظ أوكرانيا بالسيادة، وتتلقى روسيا ضمانات بالحياد من أوكرانيا وأنها لن تنضم إلى حلف ناتو، وأعتقد أن الأمر سيبدو على هذا النحو". ورأى فانس أن تنفيذ مثل هذه الصفقة ممكن، على وجه الخصوص، لأن ترامب "مخيف" لروسيا وأوروبا.
فانس: خط الترسيم الحالي بين أوكرانيا وروسيا أصبح أشبه بمنطقة منزوعة السلاح
وأثارت هذه الخطة مخاوف أوكرانيا التي أعلنت رفضها المطلق لها. ومن المؤكد أن رسم تصور لمخططات ترامب يجب أن يتضمن عرضاً لمواقف المستشارين والمسؤولين المرشحين للعب دور في الإدارة المقبلة، نظراً لتنوع مواقفهم. وحسب توقعات مختلفة فإن الأصوات المهمة في إدارة ترامب المستقبلية، يمكن أن تتضمن الموظفين السابقين في إدارته الأولى ومنهم كيث كيلوغ، مستشار الأمن القومي لنائب الرئيس في عهد ترامب، مايك بنس، وفريد فليتز الأمين التنفيذي لمجلس الأمن القومي، وروبرت أوبراين مستشار ترامب للأمن القومي. وأعد كيلوغ وفليتز في نهاية يونيو/ حزيران الماضي خطة لحل الصراع في أوكرانيا، تنطلق من عدم حصول كييف على الأسلحة والمساعدات الأميركية، إلا إذا كانت مستعدة للمشاركة في عملية التفاوض.
ومن وجهة نظرهم، سيتم الاتفاق على شروط وقف إطلاق النار على أساس الوضع في ساحة المعركة أثناء المفاوضات. كما أعلن كيلوغ عن نيته تحذير موسكو من أن "أي رفض" للتفاوض سيؤدي إلى زيادة الدعم الأميركي لأوكرانيا. ووفقاً لواضعي الخطة أنفسهم، فإن ترامب قد اطلع عليها. وقال كيلوغ في مقابلة أجريت معه في يوليو/ تموز الماضي: "عليك التأكد أن أوكرانيا تتصرف من موقع القوة وليس الضعف". وكتب أوبراين مقالاً لمجلة فورين أفيرز في يونيو الماضي، أوصى فيه بأن يتبع الرئيس السابق سياسة خارجية تقوم على مبدأ "السلام من خلال القوة". ورأى أوبراين أن هناك إمكانية حل الأزمة الأوكرانية من خلال المفاوضات مع روسيا، لكنه شدّد على أهمية أن تحافظ موسكو على "شعور بعدم اليقين" في هذا المجال، وأكد أن على الأوروبيين دفع ثمن المساعدات "الفتاكة" لكييف، في حال قرر ترامب ذلك.
وبحسب مجلة "فورين بوليسي"، فإن المستشار المهم الآخر لترامب في مجال السياسة الخارجية هو وزير الخارجية السابق (2018-2021) مايك بومبيو. خلال رئاسة ترامب، لم يكن بومبيو مهندساً أو ممثلاً لمجموعة ضغط لأي اتجاه معين في تطوير السياسة الخارجية الأميركية. وفي الوقت نفسه، فإن ولاءه لترامب شخصياً قد يكون سبباً في عودته إلى الحكومة. وفي نهاية يوليو الماضي شارك بومبيو في كتابة عمود مع عضو جماعة الضغط ديفيد أوربان لصحيفة وول ستريت جورنال، وفيه نصح ترامب بتخصيص 500 مليار دولار لأوكرانيا في إطار برنامج القروض والمنح، مقارنة بنحو 175 مليار دولار حصلت عليها أوكرانيا من الولايات المتحدة وفقاً للمجلس الأميركي للعلاقات الخارجية. مع العلم أن موقع بوليتيكو كشف، أمس الأربعاء، عن مسؤولين اثنين في إدارة بايدن قولهما إن البيت الأبيض ينوي الإسراع بإرسال آخر ما تبقى من مساعدات أمنية تزيد قيمتها عن ستة مليارات دولار إلى أوكرانيا، بحلول الوقت الذي يتولى فيه الرئيس المنتخب دونالد ترامب منصبه، أي في 20 يناير/كانون الثاني المقبل.