في انتظار العيد المقبل

02 مايو 2022
يلف الغموض مستقبل التونسيين (ياسين قايدي/الأناضول)
+ الخط -

يعد الرئيس التونسي قيس سعيّد مواطنيه بأن "العيد لن يأتي بما مضى، بل سيأتي بأمر فيه جد وتجديد"، وبأن "هلال العيد سيهل وسيبلغ إن شاء الله في تونس ليلة التمام، ليلة التمام بالنسبة للهلال ولكن أيضاً بالنسبة للعديد من المسائل التي نتناولها بناء على إرادة شعبنا... بناء على مطالبه". ويؤكد أن "لا حوار ولا اعتراف ولا صلح مع من يحاولون بيع الوطن وإسقاط الدولة، ومن اختاروا العمالة منذ عقود، ومن يقايضون الوطن بالسلطة".

كما يوضح وزير الشؤون الاجتماعية المقرب منه، مالك الزاهي، في حوار صحافي، أن "الحوار الوطني الذي سيُطلقه رئيس الجمهورية سينطلق قريباً، والرئيس أكد في مناسبات عدة أن القمر سيكتمل بعد هلال العيد، وهي إشارة صريحة بأن الحوار سينطلق قريباً".

بقطع النظر عن الحاجة المتواصلة لمترجمين يفسرون تلميحات سعيّد الغامضة، بات التونسيون اليوم في حاجة أيضاً إلى منجمين يفسرون توقعات الرئيس لمستقبلهم، خصوصاً أن الصفحات المساندة انطلقت مباشرة بعد هذه التصريحات في طرح أحلامها بحل الأحزاب وإنهاء العمل نهائياً بالدستور وربما حتى مزيد من التضييق على المعارضين.

ويعيش التونسيون عموماً حالة من الغموض الكبير بخصوص مستقبلهم، فلا أحد يعرف ما يجول بعقل سعيّد ونواياه، لأنه لا يستشير أحداً ولا يُعلم أحداً بأي شيء، يقرر وينشر قراراته بالجريدة الرسمية، ولا معقب لحكمه، ويغضب إذا ما انتقده أحد، ويستغرب كيف يكون هناك معارضون له، يجتمعون ويفكرون في بديل!

وتضاف إلى حالة الغموض حالة من الارتباك والحيرة بسبب السقوط السريع للممارسات السياسية، وصراع الشقوق في صفوف مساندي الرئيس، وحرب التسريبات الصوتية، وحرب صفحات التواصل الاجتماعي، وهو ما يعني أن الوضع تدهور كثيراً وأن هناك خطراً متصاعداً سيعمّق أزمة الحكم القائمة أصلاً.

كان يفترض أن يكون عيد الفطر فرصة للاجتماع وطيّ صفحة الخلافات وبحث الأدنى المشترك من أجل إنقاذ البلاد من أزمتها الخانقة، والترفق بالتونسيين الذين أنهكتهم الحكومات المتعاقبة وخلافات قادتهم التي لا تنتهي، فزاد حجم التضخم والتهبت الأسعار، بينما يرفض الأصدقاء مدّ يد العون ما لم تعد البلاد إلى مسارها الديمقراطي ويجتمع أبناؤها على مشروع مشترك.

ولكن الرئيس لا يسمع ولا يهتم، وهناك أيضاً من ينفخ في هذه النار متوهماً أنه سيستفيد من المحرقة، بينما الحقيقة أن الجميع سيحترق بها، وسيندم الجميع على التفريط في فرصة إنقاذ حلم جميل بالحرية والتقدم ضاع بسبب غباء البعض، في انتظار عيد جديد لعله يكون أرحم مما مضى.

المساهمون